35/08/02


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الاستمناء مسألة 14

الامر الثاني :- وهو ان روايات الاحتلام الدالة على عدم مفطرية الاحتلام هل فيها ما يشمل محل الكلام ؟ ام لا ؟
فهي وان كانت واردة في الاحتلام الا ان الاحتلام على نحوين الاول مع عدم سبق العلم وهو المتعارف والاخر مع سبق العلم وهو محل الكلام ولكي نرى هل ان الروايات شاملة لمحل الكلام ام لا ؟ وهل هي تامة سندا ودلالة ؟ ام لا ؟ لابد من استعراضها
الرواية الاولى هي رواية عمر بن يزيد( قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: لأي علة لا يفطر الاحتلام الصائم، والنكاح يفطر الصائم ؟ قال: لان النكاح فعله، والاحتلام مفعول به)[1] وقد تقدم ان السيد الحكيم (قد) تمسك بها في الاستدلال على عدم مفطرية الاحتلام في محل الكلام وقال ان الرواية فيها اطلاق وتشمل محل الكلام , فالسيد الحكيم يقول ان علم الصائم بأنه اذا نام سيحتلم لا يخرجه عن كونه مفعولا به فهو ينطبق عليه العنوان بالمعنى المقصود في الرواية في مقابل النكاح الذي عبرت عنه الرواية بأنه فعله .
اقول ان ما ذكره (قد) ليس بالبعيد, لكن الرواية غير تامة سندا على ما تقدم من ان فيها حمدان بن الحسين والحسين بن الوليد وكل منهما مجهول فلا يمكن الاعتماد عليها لضعفها السندي .

الثانية: صحيحة العيص بن القاسم، (أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ثميستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل ؟ قال : لا بأس .)[2]
فقد يقال بأن هذا دليل على ان الاحتلام في شهر رمضان لا يوجب فساد الصوم, لكن الاستدلال بهذا الرواية في محل الكلام فيه مشكلة, وهي ان الظاهر ان الرواية تمام نظرها الى مسألة النوم بعد الاحتلام وقبل الغسل, حيث ان السؤال كان منصبا على ذلك , وبعبارة اخرى الظاهر من الرواية الفراغ من ان الاحتلام لا يفطر الصائم ولا يوجب فساد الصوم فهي فارغة عن هذا الحكم وليس في مقام بيانه لنتمكن من التمسك بأطلاقها .

الثالثة : موثقة ابن بكير ( في حديث )( قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم صومه كما هو ؟ فقال: لا بأس.)[3]

ومثل[4] هذه الرواية التي ينقلها صاحب الوسائل عن الكافي ينقل الحميري في قرب الاسناد بسند صحيح عن محمد بن الوليد عن عبدالله بن بكير ومحمد بن الوليد لا اشكال في وثاقته حيث قال عنه النجاشي (محمد بن الوليد البجلي الخزاز أبو جعفر الكوفي . ثقة، عين، نقى الحديث)[5]الا ان الرواية في قرب الاسناد ليس فيها عبارة (كما هو )
والاستدلال بهذه الرواية يكون على اساس ان الاطلاق تام فيها لكنه مبني على اساس ترك الاستفصال في مقام الجواب بمعنى ان السائل يقول هكذا (سألته عن الرجل يحتلم في شهر رمضان او اجنب في نهار شهر رمضان فقال لا بأس ) فمقتضى ترك الاستفصال في جواب الامام عليه السلام هو عموم الاحتلام لأنه لو كان هناك فرق بين الاحتلام في محل الكلام وبين الاحتلام الذي لم يكن مسبوقا بالعلم لكان على الامام الاستفصال لأن السؤال يحتمل كل منهما , أي ان الامام عليه السلام يحتمل ان السؤال عن الاحتلام مع عدم سبق العلم ويحتمل ان يكون الاحتلام مع سبق العلم , فعندما يجيب مع ترك الاستفصال فأن هذا يعني ان الجواب يثبت في كلتا الحالتين والا لكان المناسب والمتعين هو الاستفصال في مقام الجواب , وحينئذ يثبت اطلاق هذه الرواية لمحل الكلام , لكن من الواضح ان الاستدلال بها يتوقف على افتراض ان محل الكلام حالة متعارفة ومحتملة في السؤال , اما اذا كانت حالة نادرة وغير محتملة فحينئذ لا يكون ترك الاستفصال دليلا على الاطلاق .
الرابعة: صحيحة عبد الله بن ميمون القداح (عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة لا يفطرن الصائم: القيء، والاحتلام، والحجامة. الحديث )[6] وقد ذكرنا سابقا ان السيد الخوئي (قد) استدل بهذه الرواية في محل الكلام ومقتضى اطلاقها شمولها لمحل الكلام حيث انها ذكرت الاحتلام وانه لا يفطر الصائم وهو يشمل الاحتلام مع سبق العلم بالاطلاق , وعليه فأن الامر الثاني الظاهر انه تام اما برواية القداح فقط واما بضميمة موثقة ابن بكير بناءا على ان محل الكلام يُحتمل في سؤال السائل .
الامر الثالث :-
ان روايات الاحتلام مخصصة لروايات الجنابة , وهذا يتوقف على كون روايات الاحتلام اخص مطلقا من روايات الجنابة في شهر رمضان .
ومن هنا قد يقال ان النسبة هي العموم والخصوص من وجه, لأن روايات مفطرية الجنابة تشمل الجنابة بالجماع والمقاربة وهي مورد الافتراق عن روايات الاحتلام , كما ان روايات الاحتلام تشمل الاحتلام من دون سبق العلم أي الاحتلام الخارج عن الاختيار بالمرة , وهذه الصورة هي مورد افتراق روايات الاحتلام عن روايات الجنابة , ويجتمعان في صورة الاحتلام مع سبق العلم أي في محل الكلام , فمقتضى مفطرية الجنابة ان هذا المورد يكون من المفطرات بينما مقتضى عدم مفطرية الاحتلام هو ان هذا ليس مفسد للصوم فيقع التعارض بين الروايات, فلماذا نقدم روايات الاحتلام ونلتزم بعدم المفطرية ؟
ويجاب عنه ان النسبة بينهما هي نسبة العموم والخصوص المطلق لأننا ننكر عدم شمول روايات الجنابة الاختيارية للأحتلام من دون سبق العلم , فروايات الجنابة فيها من السعة ما يشمل كل حالات الجنابة في النهار , لأن مفاد رواية القماط مثلا ان كل ما يوجب الغسل في النهار فهو مفسد للصوم والاحتلام من دون سبق العلم من موجبات الغسل , وهذا يعني ان هذه الرواية في حد نفسها اعم مطلقا من روايات الاحتلام, ومن هنا يظهر ان الدليل الذي ذكروه لأثبات عدم مفطرية الاحتلام مع العلم بأنه اذا نام سيحتلم هو الصحيح اعتمادا على اطلاق روايات الاحتلام بالنحو الذي ذكرناه .