39/03/15


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حكم مجهول المالك - مسألة ( 39 ) حكم جوائز الظالم – المكاسب المحرّمة.

ثم إنَّ السيد الخوئي(قده) ذكر بياناً جديداً لإثبات وجوب الفحص في مجهول المالك بعد تعذّر التمسك برواية يونس حيث إنها واردة في معلوم المالك حيث قال:- إنه توجد عندنا الآية الكريمة التي تقول ﴿ إنَّ الله يأمركم أن تؤدّوا الامانات إلى أهلها ﴾ هذا من جانب ، ومقتضى اطلاقها أنَّ الأمانة يجب ردّها وهي عامة للأمانة المالكية وللأمانة الشرعية[1] وتدل على وجوب الفحص ، لأنَّ أداء الأمانة يحتاج إلى مقدّمة وهي الفحص عن المالك حتى تؤدّي إليه الأمانة إذا أمكن لأنَّ وجوب الفحص لا يمكن أن يثبت في حالة القدرة ككل تكليف.

ونأتي إلى المعارض الذي يدلّ على أنَّ الفحص ليس بلازم ، وهو من قبيل رواية عامل بني أمية مثلاً[2] وهو وارد في الأمانة الشرعية بالخصوص ، فهو خاص بالأمانة الشرعية على خلاف الآية الكريمة التي هي أعمّ من الأمانة الشرعية والمالكية ولكنه عام من جهة إمكان الفحص وعدمه ، فهو لم يقيد بعدم إمكان الفحص ، فرواية عامل بني أمية هي مطلقة ولم تأمر بالفحص سواء أمكن أو لم يمكن وإنما قالت تصدّق ، فإذن هي مطلقة من ناحية إمكان الفحص وعدمه ولكنها خاصة بالأمانة الشرعية ، فتكون النسبة بين هذين الدليلين اللذين يدل أحدهما على وجوب الفحص والثاني الذي ينفي وجوب الفحص هي العموم والخصوص من وجه[3] - لأنَّ الآية الكريمة تعمّ الامانة الشرعية والمالكية وتدلّ على وجوب الفحص في حالة الامكان ، إذ في حالة عدم الامكان لا يمكن ثبوت وجوب الفحص فإنَّ الأحكام مشروطة بالقدرة بينما الرواية فجهة العموم فيها أهنا نفت وجوب الفحص سواء أمكن أم لم يمكن ولكنها خاصة بالأمانة الشرعية - والآن نأت إلى مادة المعارضة وهي ما إذا فرض أنَّ الأمانة كانت شرعية والفحص كان ممكناً فهنا يتعارضان فالآية الكريمة تقول يجب لأنه ممكن وفي صورة الامكان هي تأمر بوجوب الفحص والرواية تنفي لأنَّ هذا أمانة شرعية فتحصل معارضة ، فماذا نصنع بعد المعارضة ؟ إنَّ مقتضى الآية الكريمة الشامل للأمانة الشرعية هو وجوب الفحص والرواية مخالفة لإطلاق الكتاب الكريم فحينئذٍ تردّ ، وإذا رُدَّت فسوف تصير النتيجة هي أنه سوف تبقى الآية الكريمة بلا معارض يعني وجوب الفحص.

ثم قال:- ومع التنزّل واستقرار المعارضة وعدم المرجح يتساقطان فنرجع إلى عموم حرمة التصرّف في مال الغير من دون إذنه فنقول إنَّ مجهول المالك هو مال الغير والتصدّق به قبل الفحص لا نحرز رضا المالك به ولا رضا وليّ المالك - وهو الشرع المقدّس - فلا يجوز حينئذٍ ، فإذن صار الفحص واجباً[4] .

ويرد عليه:-

أوّلاً:- إنَّ الآية الكريمة أمرت بأداء الأمانة وهو قد فسّر أداء الامانة بالتسليم يعني أذهب إلى بيته وأسلّم الامانة إليه ، ونحن نقول: إنه من المحتمل - ويكفينا الاحتمال - أن يكون المقصود من الأداء هو عدم الامتناع ، يعني لا تأكل الأمانة ولا تمتنع من أدائها ، فمعنى قوله تعالى ﴿ إنَّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها ﴾ يعني أن تكون الأمانة حاضرة ومتى ما جئت فسوف أسلّمها لك ، فإذن هي لا تدل على وجوب الأداء - يعني التسليم - حتى تقول إنَّ وجوب التسليم يلازم وجوب الفحص ، أما إذا قلنا إنَّ المقصود هو عدم الامتناع فلا يثبت بذلك وجوب الفحص.


[1] والفرق بين الامانة لمالكية والشرعية هي أنَّ المالك يجعلها أمانة عندك وأما الأمانة الشرعية مثل موردنا وهو مجهول المالك فإنه أمانة شرعية بيد من عثر عليه.
[2] ونحن أخذنا رواية عامل بني أميو كمثال ولعله نحن قلنا سابقاً غنه يحتمل أن هذه الرواية ليست من روايات مجهول المالك ولن دعنا عن ذلك ولنفترض ان المعارض هو هذا.
[3] فالذي يثبت وجوب الفحص هو الآية الكريمة والذي ينفي فهو مثل رواية عامل بني أمية.
[4] تراث السيد الخوئي( مصباح الفقاهة )، السيد الخوئي، تسلسل35، ص777.وذكره ايضاً في المحاضرات ولعله يوجد اختلاف بين المحاضرات وبين المصباح، محاضرات في الفقه الجعفري، السيد الخوئي، ج1، ص617.