36/06/25


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل لا بأس للصائم بمص الخاتم أو الحصى، ولا بمضغ الطعام للصبي، ولا بزق الطائر، ولا بذوق المرق ونحو ذلك.....)
قال السيد الماتن ( ولا بتقبيلها أو ضمها أو نحو ذلك)[1]
وجميع هذه العناوين يمكن أن نجمعها ونتلكم عنها سوية كما فعل السيد الماتن فيما سيأتي وبشكل عام فهناك ادلة تدل على جواز ذلك ولا يظهر من هذه الادلة أن فيه حزازة وذلك من قبيل:
صحيحة زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لا تنقض القبلة الصوم)[2]
فهي ناظرة إلى الحكم الوضعي, أي أن القبلة لا توجب فساد الصوم.
وهكذا صحيحة جميل وزرارة جميعا(عن أبي جعفر عليه السلام قال : لا تنقض القبلة الصوم)[3]
فهي ناظرة إلى الحكم الوضعي ايضاً

وموثقة سماعة بن مهران (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن القبلة في شهر رمضان للصائم، أتفطر ؟ قال : لا .)[4]


مرسلة للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين (قال : سئل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الرجل، يقبل المرأة وهو صائم ؟ قال : هل هي إلا ريحانة يشمها .)[5]
ويمكن استفادة الجواز التكليفي والوضعي منها.
وجميع هذه الادلة تدل على جواز التقبيل وقد ذهب المشهور إلى الكراهة فيه ولم يفرق بينه وبين غيره من الضم وامثاله واستدل على الكراهة بدلالة بعض الروايات منها:

وبهذا الاسناد (أي الذي قبل هذه الرواية وهو الشيخ الطوسي عن الحسين بن سعيد عن القاسم، عن علي، عن أبي بصير وقد تقدم أن هذا السند لا يبعد اعتباره وان كان فيه علي بن ابي حمزة البطائني) عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : والمباشرة[6]ليس بها بأس ولا قضاء يومه، ولا ينبغي له أن يتعرض لرمضان .)[7]
والرواية فيها ظهور في عدم حرمة المباشرة ولا توجب القضاء الا انها مكروهة لأجل حرمة شهر رمضان, فلا يبعد استفادة الكراهة منها.
ورواية الاصبغ بن نباتة (قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين، أقبل وانا صائم ؟ فقال له : عف صومك فان بدو القتال اللطام)[8]
وفيها تحذير من أن يصدر منه ما هو اكثر من ذلك وما هو محرم للصائم, ولسان الرواية لسان الكراهة.

رواية جراح المدايني (قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : إذا أصبحت صائما فليصم سمعك وبصرك عن الحرام، وجارحتك وجميع أعضائك عن القبيح، ودع عنك الهذي وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصائم، وألزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، وإياك والمباشرة والقبل والقهقهة بالضحك فان الله يمقت ذلك)[9]
لا بأس بسند هذه الرواية, ولسانها لسان الكراهة ايضاً, وقد استدلوا بهذه الروايات وامثالها على الكراهة.
وقد يستفاد من بعض الروايات اختصاص الكراهة بالرجل الشاب ولا تشمل غيره, ومن هذه الروايات:
صحيحة الحلبي (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه ؟ فقال : إن ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني .)[10]
فقد يستفاد منها اختصاص الكراهة للرجل الشاب حيث أنه هو من ذكر فيها, خصوصاً أن الامام عليه السلام عبر بالكراهة مع هذا التعليل الذي يقرب بأن يكون المقصود بها الكراهة الاصطلاحية, وان كان لفظ الكراهة لغة ليس موضوعاً للكراهة الاصطلاحية وإنما موضوع للأعم من الكراهة والحرمة, لكن هذا التعليل _ مخافة أن يسبقه المني _ بهذا الشكل يقرب أن يكون المقصود بالكراهة في المقام هي الكراهة الاصطلاحية وانها مخصوصة بالرجل الشاب.
ومعتبرة منصور بن حازم (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : ما تقول في الصائم، يقبل الجارية والمرأة ؟ فقال : أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس، وأما الشاب الشبق فلا، لانه لا يؤمن، والقبلة إحدى الشهوتين . . . الحديث .)[11]
عبدالله بن سنان (أنه روى عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) رخصة للشيخ في المباشرة)[12]
وفيها دلالة على عدم الرخصة ولو بمستوى ا لكراهة بالنسبة إلى الشاب.
وقد يقال ايضاً بأختصاص الكراهة بذوي الشهوة سواء كان شاباً أو غير شاب, فيكون التفصيل بين ذوي الشهوة وبين غيرهم وحسب تعبير الفقهاء (من يحرك ذلك _التقبيل والضم مثلاً_ شهوته) أي يكون التفصيل بينه وبين من لا يحرك ذلك شهوته والكراهة تختص بالأول دون الثاني ويستدل على ذلك بروايات منها:
صحيحة محمد بن مسلم وزرارة جميعا، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه سئل : هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان ؟ فقال : إني أخاف، عليه فليتنزه من ذلك إلا أن يثق أن لا يسبقه منيه .)[13]
يعني من يثق أن لا يسبقه منه لا اشكال فيه لكن الذي لا يثق بذلك _صاحب الشهوة_ ليتنزه عن ذلك فتختص الكراهة بذوي الشهوة.
ورواية علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن المرأة، هل يحل لها أن تعتنق الرجل في شهر رمضان وهي صائمة فتقبل بعض جسده من غير شهوة ؟ قال : لا بأس .)[14]
وقد يفهم منها وجود البأس فيما لو اعتنقته بشهوة فتدل على أن البأس مخصوص بما اذا كان بشهوة, وأما اذا كان من غير شهوة كما هو مورد السؤال فلا بأس به.
رواية علي بن جعفر (قال : وسألته عن الرجل، هل يصلح له ـ وهو صائم في رمضان ـ أن يقلب الجارية فيضرب على بطنها وفخذها وعجزها ؟ قال : إن لم يفعل ذلك بشهوة فلا بأس به، وأما بشهوة فلا يصلح)[15]
وفيها تصريح بالمفهوم بقوله (وأما بشهوة فلا يصلح).
ومن هنا اختلفت الاقوال لأختلاف الروايات فقول اثبت الكراهة مطلقاً وآخر خصصها بالشاب وثالث خصصها بذوي الشهوة.
ويمكن _كما طُرح في كلمات الفقهاء_ القول بأنه لا داعي لتخصيص الكراهة ببعض من ذُكر, بل يلتزم بشمولها للجميع كما هو مقتضى القول الاول _القول المشهور_ لكن مع الالتزام بأختلاف نسبتها ودرجتها, فتكون مثلا شديدة بالنسبة إلى الشاب واقل منها بالنسبة إلى غيره ويمكن الاستناد في ذلك إلى بعض الادلة التي تقدمت الاشارة اليها التي تقول بأن الصائم لا تناسبه اللذة, وهي غير الشهوة, ومن هذه الروايات:
رواية الحسن بن راشد ـ في حديث ـ قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : الصائم، يشم الريحان ؟ قال : لا، لأنه لذة ويكره له أن يتلذذ )[16]
ومنه يظهر أن الكراهة غير مختصة بالشهوة وإنما هي موجودة في كل لذة لكن كما قلنا بأنها ذات درجات فالكراهة التي في تقبيل الزوجة مثلاً اشد من الكراهة الموجودة في شم الرياحين, وليس المقصود باللذة في المقام اللذة الجنسية وإنما الاعم منها ومن غيرها.

ومرسلة الشيخ الصدوق قال الصدوق (وكان الصادق ( عليه السلام ) إذا صام لا يشم الريحان، فسئل عن ذلك ؟ فقال : إني أكره أن أخلط صومي بلذة)[17]
ومن هذه الروايات يمكن أن الالتزام بالكراهة مطلقاً, بدون تفريق بين الشاب وغيره ولا بين ذي الشهوة وغيره, ولكن ذلك بدرجات متفاوتة.

قال السيد الماتن ( مسألة 1 ) : إذا امتزج بريقه دم واستهلك فيه يجوز بلعه على الأقوى، وكذا غير الدم من المحرمات والمحللات[18]، والظاهر عدم جواز تعمد المزج والاستهلاك للبلع[19]، سواء كان مثل الدم ونحوه من المحرمات أو الماء ونحوه من المحللات، فما ذكرنا من الجواز إنما هو إذا كان ذلك على وجه الاتفاق)
أي لا بأس بحصول ذلك _الامتزاج والبلع_ اتفاقاً لكنه لا يجوز عمداً, لأن الرواية توجب اجتناب ذلك وسيأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالى


[6] المقصود بالمباشرة مباشرة النساء بالضم والتقبيل وامثال ذلك.
[18] كالماء مثلاً الذي هو محلل بالأصل أما الدم فهو محرم بالاصل ثم يحرم لكونه مفطراً فيكون محرماً من جهتين.
[19] تقدم الكلام في هذه المسألة وهي التي ناقش فيها السيد الخوئي (قد) ومنعها لأن الدليل ورد بعنوان الاجتناب وهو يصدق عليها.