36/08/04


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.....)
قال الماتن
(نعم إذا كان جاهلا بكون الشيء مفطرا مع علمه بحرمته كما إذا لم يعلم أن الكذب على الله ورسوله من المفطرات فارتكبه حال الصوم فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة.)[1]
المراد من قوله عالم بحرمته أي عالم بحرمته في حد نفسه لا من جهة الصوم, وقد خالف السيد الماتن جماعة في هذا الحكم وذهبوا إلى عدم وجوب الكفارة عليه.
ومنشأ الاختلاف يعود إلى الاختلاف في فهم رواية زرارة وابي بصير قالا جميعا : (سألنا أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان وأتى أهله وهو محرم وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له ؟ قال : ليس عليه شيء)[2]

فعندما يرتكب هذا الفعل جاهلاً وهو عالم بالحرمة التكليفية فأن السيد الماتن حكم بوجوب الكفارة والحقه بالعالم وقلنا بأن السبب في ذلك هو فرض المسألة _ كما ذكروا_ لا يدخل في رواية زرارة وابي بصير التي تقول (وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له) لأن موضوع نفي الكفارة في الرواية من يرى بأن ما يرتكبه حلال له, والذي في المقام يرى أن ما يرتكبه حرام عليه تكليفاً, وان كان يجهل الحرمة الوضعية, والرواية مطلقة تشمل الحرمة الوضعية والتكليفية, فمن يرتكب الفعل وهو يرى أنه حلال له مطلقاً فلا كفارة عليه وتشمله الرواية, ومن يرتكب الفعل وهو يرى الحرمة التكليفية _ كما هو فرض المسألة_ فأن الرواية لا تشمله, ويلتزم بوجوب الكفارة عليه.
هذا ما يمكن أن يوجه به كلام السيد الماتن.
وفي المقابل يمكن أن يقال بأن ظاهر الرواية هو انها ناظرة إلى الحلية الوضعية وتجعل الميزان في نفي الكفارة هو أن يرى المكلف الصائم أن هذا حلال له من حيث الصوم, لا أن يراه حلالاً مطلقاً, فإذا كان يعتقد بأن هذا الشيء حلال من حيث الصوم والحال أنه في الواقع حرام من حيث الصوم فأنه يعفى عنه وليس عليه كفارة, ومن الواضح بأن هذا يشمل محل الكلام (حيث أن الفرض بأنه يجهل مفطرية الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه واله لكنه يعلم بحرمته التكليفية)
والذي يستفاد من الرواية هو أن كل من يرى حليه ما يرتكبه مع كونه حراماً في الواقع فأنه ليس عليه كفارة, وهذا المعنى في مورد الرواية (رجل أتى أهله في شهر رمضان) لا ينطبق الا على الحلية الوضعية, ولا يمكن تطبيقه على الحلية التكليفية لأن اتيان الاهل لا من حيث الصوم حلال واقعاً.
وهذا المفاد ينطبق في محل الكلام لأن من يكذب على الله وعلى الرسول صلى الله عليه واله وهو جاهل بمفطريته فأنه يرى أن ذلك حلال له من حيث الصوم, وان كان يرى حرمته لا من حيث الصوم, فتشمله ( محل الكلام) الرواية وتدل على نفي الكفارة عنه, وحينئذ يمكن التمسك بالرواية لأثبات عدم وجوب الكفارة في هذا الفرع (من كان عالماً بحرمة الشيء وجاهلاً بمفطريته).
وهذا الكلام مبني على تمامية الرواية سنداً وقد ناقشنا في ذلك سابقاً.