1440/08/01


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

ثانياً:- إنَّ الورثة يحتمل أنهم قد رضوا بتصرف هذا العبد المأذون ، فصحيح المورد مورد الفضولي ، لأننا نفترض أنَّ الأب حينما مات كان قد وكّل العبد المأذون والوكالة تزول بالموت ، فحينئذٍ هؤلاء الورثة يكونون ملّاكاً وبالتالي العبد المأذون قد تصرّف وأجرى العقد من دون إذنٍ مسبق وبعد ذلك أجازوا ورضوا فإنَّ مفروض كلامنا هو هذا ، ونحن نقول إنَّه من المحتمل أنه من البداية حينما مات أبوهم وانتقل المال إليهم كانوا راضين بتصرف هذا العبد المأذون ، ومعه غاية ما يثبت صحة عقد الفضولي في مورد وجود الرضا الواقعي القلبي السابق من قبل المالك ، ففي هذه الدائرة الضيقة حينئذٍ سوف تنفعنا هذه الرواية ، وهذا المقدار لا يسمن ولا يغني من جوع ، لأننا نريد أن نثبت صحة عقد الفضولي في الدائرة الوسيعة لا صحة الفضولي فيما إذا كان المالك راضياً بالتصرّف قلباً.

إذاً الرواية بناءً على هذا لا يمكن أن نستفيد منها صحة عقد الفضولي بشكلٍ مطلق وإذا أردنا أن نستفيد منها ذلك فنحن نستفيده منها في الجائرة الضيقة لا في الدائرة الوسيعة.إذن الاشكال على الرواية يرد من هاتين الناحيتين ، فلا يمكن الاستدلال بها.

مخالفة الرواية لبعض القواعد:- اشتملت الرواية على بعض الأحكام المخالفة للقاعدة نذكر منها ما يلي:-

المخالفة الأولى:- إنَّ الرواية حكمت بأنَّ الأب الذي تم تحريره يرجع رقاً وهذا حكم مخالف للقاعدة ، ولكن نوضح هل المخالفة للقاعدة هل في رجوع الحر إلى العبودية أو أنَّ المخالفة هي من جهة أخرى ؟

ولنا في هذا المجال دعويان:-

الأولى:- إنَّ المخالفة ليست من جهة رجوع الحر عبداً.

الثانية:- إنَّ المخالفة هي من جهة أخرى.

أما بالنسبة إلى الدعوى الأولى:- فهي شيء ممكن باعتبار أنَّ الحرّ الواقعي لا يمكن أن يصير عبداً واقعياً ، أما الحرّ الظاهري فلا مانع من صيرورته عبداً لأن معنى كونه حرا ظاهراً هو أنه في الواقع ربما يكون عبداً فحينئذٍ إذا رجع إلى العبودية رجع إلى واقعه لا أنه لزم تبدّل الواقع من حرية إلى عبودية ، وهذه نكتة ظريفة ينبغي الالتفات إليها ، وفي المقام نقول: إنَّ حرية الأب حرية ظاهرية وليست واقعية إذ يحتمل أن الشراء كان باطلاً وبالتالي كان عقده باطلاً فهو إذاً عبدٌ واقعاً وحريته مبنية على الظاهر فعوده إلى العبودية لا يكون فيه مخالفة للقاعدة.

والخلاصة:- إنَّ الذي فيه محذور هو أن يرجع الحرّ الواقعي إلى العبودية فإنّ هذا اجتماع ضدين أو تبدّل الواقع ، أما من كانت حريته ظاهرية بمعنى يحتمل واقعاً أنه عبد فصيرورته عبداً ليس فيه تغييراً للواقع ولا محذور فيه ، وفي المقام حرية الأب حرية ظاهرية فلا مشكلة في الحكم عليه بالعبودية.

وأما بالنسبة إلى الدعوى الثانية:- فإنما المشكلة في شيء آخر ، وهو أنَّ الامام عليه السلام لابد وأنه أجرى الاستصحاب - يعني استصحاب عدم تحقق النقل والانتقال للأب - ، وكيف يفترض أن النقل والانتقال لم يحصل ؟ ذلك بأن اشترى العبد المأذون أباه بأموال مولى أبيه فهنا يلزم البطلان.

وللتوضيح نحن قلنا إنَّ الكل قد دفعوا أموالهم إلى العبد المأذون ، فمولى الأب أيضاً دفع مالاً إلى العبد المأذون ، فهو قد اشترى أباه بمال مولى الأب ، فحينئذٍ يكون البيع باطلاً ، فالإمام عليه السلام أراد أن يجري هذا الاستصحاب ، يعني يحتمل أنَّ هذا العبد المأذون قد اشترى أباه بأموال مولى أبيه ، وحينئذٍ إذا شككنا أنه هل حصل النقل والانتقال أو لا فأوّلاً لم يكن هناك نقل وانتقال فنستصحب عدم تحقق النقل والانتقال ، فلذلك حكم الامام بعوده رقاً لأجل هذا الاستصحاب ، فلحد الآن لا توجد مشكلة في الرواية ، المخالفة للقاعدة هي ههنا وهي أن هذا الاستصحاب لا يجري وذلك:-

أولاً:- فلأجل اصالة الصحة في باب العقود ، وهذا من الأشياء المسلّمة ، فكل معاملة إذا جرت وشكننا في تحقق النقل والانتقال بعد ذلك نجري أصالة الصحة ولا مجال لاستصحاب عدم تحقق النقل والانتقال ، فعلى هذا الأساس الاشكال الذي يرد هو هذا والمخالفة للقاعدة هي هذه وهي أنَّ الامام أجرى الاستصحاب والحال أنَّ أصالة الصحة تقتضي التقدم على الاستصحاب.

ثانياً:- عندنا قاعدة باسم ( من ملك شيئاً ملك الاقرار به ) ، فعباءتي التي البسها لو قلت هذه العباءة أعطيتها لفلان فأنا مالك العباءة فمالك للإقرار بأنَّ هذه العباءة أعطيتها لفلان بمعنى أن اقراري يكون حجة ، فمادام هو مالك فحينئذٍ اقراره يكون حجة ، وفي المقام نقول: إنَّ هذا العبد كان مالكاً في أن يتصرّف في الأموال فإذا قال شيئاً بعد أن فرض أن له حق التصرف فيلزم أن يؤخذ بكلامه لقاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به لا أننا نرد كلامه ونقول إنه يعود الأب رقاً وكل من أقام البينة يكون له كلا وإنما هذا العبد هو كان مالكاً لأنَّ يبيع ويشتري ويتصرف فحينئذٍ كل ما يدّعيه يكون مقبولاً فهذا العبد أيضاً المفروض أن أمره كذلك فحينئذٍ تكون دعواه مقبولة ، لا أن نجري الاستصحاب ونترك دعوى هذا العبد المأذون ، فإذا هذا إشكال يسجّل على الرواية وأنها مخالفة للقاعدة.

وبعبارة مختصرة:- إنَّ المخالفة للقاعدة التي هي موجودة في الرواية هي أنه حكمت بأنه يعود الحر رقاً ولكن ليست المشكلة في عود الحر رقاً فإنَّ هذه الحرية ظاهرية وليست واقعية وإنما المشكلة أن الامام أجرى استصحاب بقاء الأب عبداً وعدم تحقق النقل والانتقال والحال أن هذا الاستصحاب يوجد شيئان يقفان امامه احدهما قاعدة الصحة والثاني قاعدة من ملك شيئاً ملك الاقرار به.