1441/03/21


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

كان الكلام في النائم الذي ينقلب على شخص اخر فيجني عليه، وذكرنا انه لا يبعد ان يقال بدخوله في الخطأ المحض وان كانت روايات الخطأ المحض ما يستكشف منه اعتبار تعمد الفعل بالنسبة الى غير المجني عليه في الخطأ المحض وهو غير متحقق في المقام، واجبنا عنه بما ذكره في الجواهر من ان الحصر اضافي والمقصود منه عدم اعتبار تعمد الفعل بالنسبة الى المجني عليه، وان التعمد المذكور فيها لا يراد به اعتبار هذا التعمد في الخطأ المحض وذكرنا مؤيدات لذلك،

ولكن واجهنا مشكلة وجود روايات تامة سنداً يدعى دلالتها على عدم ثبوت الدية مطلقاً في مسالة مشابهة لمسالة النائم وهي مسالة من وقع على غيره فقتله، والاستدلال بها مبني على ان قوله (ليس عليه شيء) ليس المقصود به على من وقع، بل المقصود لا يترتب شيء في هذه المسالة لان السؤال ليس عما يجب على الواقع وانما السؤال عن حكم المسالة، فبناءً على هذا الحكم وبناءً على اتحاد مورد الروايات مع مسالتنا باعتبار انه لم يقصد الفعل ولم يقصد القتل وبهذا يشترك مع النائم،

ويظهر من عبارة الجواهر انه يفرق بينهما بان النائم له قصد يسند العمل اليه عرفاً وان لم يكن مختاراً كالمجنون ومن وقع مضطراً وهو من الخطأ المحض، بخلاف مسألة من وقع من علو بأن القته الريح او زلق فوقع على غيره فانه لا يسند اليه الفعل اصلاً حتى يلتزم بالدية على العاقلة، فيلتزم بعدم الضمان اصلاً في المسالة الاخرى عملاً بما تقدم من النصوص

ولكن الظاهر انه لا فرق بينهما ففي كل منهما لا يوجد قصد، واذا كان ما ذكره يكفي في اسناد الفعل اليه فلا بد ان نلتزم بذلك في مورد الروايات ونسند الفعل الى من وقع من علو على غيره

واما المضطر فاذا كان المقصود به الاضطرار السالب للارادة والاختيار فهو كالنائم واما اذا كان المقصود به الاضطرار الاصطلاحي فهو يدخل في الخطأ المحض لان فيه قصد للفعل، ولكن هناك فرق بين المضطر وبين محل الكلام اي النائم وبين مورد الروايات

والحاصل ان الامر يدور بين الالتزام بما تقدم من ان الخطأ المحض يتقوم بعدم قصد الفعل والقتل بالنسبة الى المجني عليه ولا يعتبر فيه قصد الفعل بالنسبة الى غيره وهذا متحقق في النائم، وبين ان نلتزم باعتبار ذلك في الخطأ المحض كما هو ظاهر الحصر في النصوص، فعلى الاول فلا بد من الالتزام بثبوت الدية على العاقلة في النائم وفي مورد الروايات لان كلاً منهما يدخل في الخطأ المحض كما هو الحال في المجنون والمضطر بمعناه الاصطلاحي الا ان هذا خلاف ظاهر الاخبار المتقدمة بناءً على تفسير قوله (عليه السلام) ((لم يكن عليه شيء)) بعدم ترتب شيء في هذه المسالة، نعم اذا قلنا بان المقصود عدم ترتب شيء على الجاني وهو لا ينافي ثبوت الدية على العاقلة، فيدخل المورد في الخطأ المحض وينتفي التنافي بين الضابطة والروايات

واما اذا التزمنا بالثاني فينبغي أن نساوي بين الموردين بأن نخرجهما معاً عن الخطأ المحض بمعنى لا دية فيهما أصلاً وهذا موافق لظاهر الاخبار الا أنه منافي لما استقربناه من عدم اعتبار قصد الفعل بالنسبة الى غير المجني عليه، فالمسالتان من باب واحد.

ثم إن الاراء في مسالة النائم ثلاثة: انه من الخطأ شبيه العمد، وانه من الخطأ المحض، وعدم دخوله في شيء منهما

ولعل الصحيح والاقرب الى الصناعة التفصيل بين الموردين بأن نلتزم في مسألة النائم بكونه من الخطأ المحض فتثبت فيه الدية على العاقلة، ونلتزم في مورد الروايات بعدم ثبوت شيء أصلاً

ببيان: ان مقتضى القاعدة ادراج كل منهما في الخطأ المحض بناءً على ما استقربناه من ان قصد الفعل بالنسبة الى غير المجني عليه غير معتبر في الخطأ المحض، الا ان النصوص معارضة للقاعدة، فنقتصر في الاخذ بالاخبار على موردها لانه حكم على خلاف القاعدة اذ لا اطلاق فيها يشمل النائم، والنتيجة الالتزام في النائم بدخوله في الخطأ المحض وثبوت الدية على العاقلة بخلاف مورد الروايات وهو من وقع على غيره فقتله فلا يثبت فيه شيء اصلاً عملاً بالاخبار تعبداً

وهذا التفصيل هو الموافق للمشهور حيث لم يذهب اي احد من المتقدمين والمتاخرين الى عدم الدية في النائم الا النادر، في حين التزم المشهور بذلك في مسالة من وقع على غيره فقتله

وقد اتضح من جميع ما تقدم ان الضابط في العمد هو احد امرين على سبيل منع الخلو: قصد القتل بفعل وان لم يكن مما يقتل مثله او كون الفعل مما يقتل مثله وان لم يقصد به القتل، وان ضابط شبه العمد هو قصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه مع عدم قصد القتل به وعدم كونه مما يقتل مثله، وضابط الخطأ المحض عدم كون الفعل مقصوداً بالنسبة الى المجني عليه فضلاً عن قصد قتله ولا يعتبر فيه قصد الفعل بالنسبة الى غير المجني عليه.