1441/05/12


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 213): دية المرأة الحرّة المسلمة نصف دية الرجل الحرّ المسلم(1) من جميع الأجناس المتقدّمة

(
مسألة 214): المشهور بين الأصحاب أنّ دية ولد الزنا إذا كان محكوماً بالإسلام دية المسلم، وقيل: إنّ ديته ثمانمائة درهم، وهو الأقرب(2)

1- والظاهر ان هذا المعنى واضح عندهم ففي الجواهر (لا خلاف ولا إشكال نصا وفتوى في أن ( دية المرأة ) الحرة المسلمة صغيرة كانت أو كبيرة ، عاقلة أو مجنونة ، سليمة الأعضاء أو غير سليمتها ، ( على النصف من جميع الأجناس ) المذكورة في العمد وشبهه والخطأ ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر كالنصوص، بل هو كذلك من المسلمين كافة إلا من ابن علية والأصم ، فقالا هي كالرجل) [1]

ويدل عليه روايات عديدة:

منها: صحيحة عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول : في رجل قتل امرأته متعمدا ، قال : (إن شاء أهلها أن يقتلوه قتلوه ، ويؤدوا إلى أهله نصف الدية، وإن شاؤوا أخذوا نصف الدية خمسة آلاف درهم)[2]

ومنها: صحيحة عبدالله ابن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : (إذا قتلت المرأة رجلا قتلت به ، وإذا قتل الرجل المرأة فان أرادوا القود أدوا فضل دية الرجل ( على دية المرأة ) وأقادوه بها ، وإن لم يفعلوا قبلوا الدية ، دية المرأة كاملة ، ودية المرأة نصف دية الرجل)[3]

ومنها: صحيحة الحلبي ، وأبي عبيدة ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : سئل عن رجل قتل امرأة خطأ وهي على رأس الولد تمخض ، قال : (عليه الدية خمسة آلاف درهم ، وعليه للذي في بطنها غرة وصيف أو وصيفة أو أربعون ديناراً)[4]

ومنها: محمد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) في الرجل يقتل المرأة ، قال : (إن شاء أولياؤها قتلوه وغرموا خمسة آلاف درهم لاولياء المقتول ، وإن شاؤوا أخذوا خمسة آلاف درهم من القاتل)[5]

ومقتضى اطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين المرأة الصغيرة والكبيرة والعاقلة والمجنونة وسليمة الاعضاء وغير سليمتها، نعم هذا يختص بالمرأة الحرة المسلمة فالأمة والذمية لهما حكمان خاصان

2- المشهور بين الاصحاب ان دية ولد الزنا اذا كان محكوماً بالاسلام دية المسلم، وذكر المحقق في الشرائع (و دية ولد الزنى إذا أظهر الإسلام دية المسلم)[6] وعلق عليه في الجواهر (بلا خلاف أجده بين من تأخر عن المصنف ، بل عن بعض نسبته إلى الأكثر على الإطلاق ، وآخر إلى المشهور ، وثالث إلى جمهور الأصحاب)[7] ويستدل لقول المشهور بين المتاخرين بثبوت إسلامه اذا اظهره فتشمله عمومات نصوص ثبوت الدية لان موضوعها من قتل مسلماً او مؤمناً وهذه العناوين تصدق على ولد الزنا اذا اظهر الاسلام، ويظهر من هذا الاستدلال اختصاص الحكم بالبالغ اذا اظهر الاسلام فلا يشمل الصبي بل هو غير شامل للبالغ اذا لم يظهر الاسلام

وفي مقابل قول المشهور اقوال عمدتها قولان:

الاول: ان ديته دية الذمي وهي ثمنمائة درهم، وذهب اليه الشيخ الصدوق في المقنع والسيد المرتضى في الانتصار بل يظهر من عبارات السيد دعوى الاجماع عليه واختاره السيد الماتن، ويستدل له بالروايات

الاولى: رواية إبراهيم بن عبد الحميد ، عن جعفر (عليه ‌السلام) قال : قال : (دية ولد الزنا دية الذمي ثمانمائة درهم) [8] وليس في سندها من يطعن فيه الا عبد الرحمن بن حماد، وقد ذكره الشيخ في الفهرست ولم يذكر في حقه شيئاً الا ان له كتاباً، وذكره الشيخ النجاشي بعنوان (عبد الرحمن بن ابي حماد) وجزم السيد الخوئي بوقوع الاشتباه من النساخ بان تكون (ابي) زائدة من النساخ، وترجمه مفصلاً بقوله (كوفي صيرفي انتقل الى قم وسكنها وهو صاحب دار أحمد بن أبي عبد الله البرقي، رمي بالضعف والغلو)له كتاب، وذكره ابن الغضائري: (عبد الرحمن بن أبي حماد، كوفي، سكن قم وروى عنه القميون، يكنى أبا محمد، ضعيف جدا، لا يلتفت إليه، في مذهبه غلو)، ومن المتاخرين ذكره ابن شهر اشوب وقال له كتاب،

ويبدو ان المستفاد من عبارة ابن الغضائري تضعيف الرجل اذا قلنا بان هاتين صفتين يتميز بهما، فلا يمكن المناقشة في المباني وان الغلو ليس دليلاً على الضعف فانه نعته بامرين، ولعل عبارة الشيخ النجاشي تؤيد ذلك حيث قال ( رمي بالضعف والغلو) ولا يبعد انه يشير بها الى ابن الغضائري فيفهم منها ان الضعف ليس من جهة الغلو بل هو امر مستقل

وفي المقابل قد يستدل على وثاقته برواية البزنطي عنه حيث روى عنه في العلل عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبد الرحمان بن حمّاد قال : سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الميّت ، لِمَ يغسل غُسل الجنابة .... ) [9] وسندها لا مشكلة فيه الا من جهة الحسين بن احمد بن ادريس فلم ينص على وثاقته، ولكن بناءً على اثبات وثاقة مشايخ الصدوق اذا ترضى عنهم يمكن اثبات وثاقته فقد ترضى عنه مكرراً، وكذلك روى عنه ابن ابي عمير بسند صحيح في التهذيب (عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمان بن حماد عن الحلبي) [10] فيمكن توثيقه بهذه الطريقة، ولكن تبقى وثاقته معارضة بتضعيف ابن الغضائري الذي نبني على ثبوت كتابه وصحة تضعيفاته، وحينئذ يتعارض فيه التوثيق والتضعيف فلا يمكن اثبات وثاقته

هذا، وقد وثقه السيد الخوئي (قده) باعتبار وجوده في كامل الزيارات الا انه عدل عن هذا المبنى بعد ذلك فلا بد ان يرجع عن هذه الفتوى ويلتزم بفتوى المشهور

الثانية: مرسلة جعفر بن بشير، عن بعض رجاله، قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌ السلام) عن دية ولد الزنا ، قال : (ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي)[11]

وهي مرسلة الا ان هناك راي يلتزم بان جعفر بن بشير لا يروي الا عن ثقة ومنشأ هذه الدعوى هو قول النجاشي بحقه (روى عن الثقات ورووا عنه الثقات) ولكن تقدم ان هذه العبارة لا ظهور فيها على المطلوب لعدم دلالتها على انه لا يروي الا عن ثقة خصوصاً بقرينة قوله (رووا عنه الثقات) فلم يلتزموا بانه لم يرو عنه غير الثقة وحملوا العبارة على عدم منافاتها لرواية غير الثقات عنه

وعلى هذا فالروايات التي استدل بها للقول الثاني وان تمت دلالة الا انها غير تامة سنداً

الا ان التزام الشيخ الصدوق ودفاع السيد المرتضى عنه وظهور كلامه في نسبته الى اجماع الطائفة، خصوصاً مع تنصيصهم على ان المحقق هو اول من التزم بالقول الاول ثم تبعه الاخرون، بالاضافة الى هذه الروايات وان كانت مخدوشة سنداً ويضاف اليها رواية يونس، مع ان المشهور لا دليل لديهم سوى التمسك بالعمومات، هذا يجعل الانسان يتردد في الحكم