32/12/24


تحمیل
 وأما إذ فرض أن الحيض كان طارئا قبل الإحرام فالوظيفة كما قلنا هي الانتقال إلى حج الإفراد.
 والوجه في ذلك:- هو أن صحيحة جميل التي دلت على أن الوظيفة هي الانتقال إلى الإفراد ليس لها معارض في هذا المورد فيؤخذ بما دلت عليه والمعارض الذي ثبت فهو في مورد ما إذا حاضت بعد الإحرام ، وعليه فيؤخذ بظاهرها في المورد الاول وهو الانتقال إلى الإفراد حيث لا معارض له.
 وفي هذا المجال لا بأس بالتنبيه على أمور قبل ختام حديثنا عن هذه المسالة:-
 الأمر الاول:- ورد في عبارة المتن ان المرأة لو حاضت أثناء الإحرام أو قبله فالوظيفة هي الانتقال إلى الإفراد.
 ولعله من الجنبة الفنية حذف حالة الحيض عند الإحرام فان العنديَّة تتحقق فيما لو حاضت عند التلفظ بفقرة ( لبيك الهم لبيك ) ، ولا نريد القول انه لا يمكن أن يتحقق ذلك ، كلا بل حيث أن المناسك المذكورة هي لعمل العوام وعادة لا تتحقق هذه الحالة فكان من المناسب تغيير التعبير وحذف هذه العبارة فيقال هكذا ( ان حاضت بعد الإحرام فهي مخيرة وإلا فيتعين عليها الإفراد ) أو يقتصر على حالة الحيض قبل الإحرام من دون كلمة ( وإلا ) فان الحالة الابتلائية عادة هي الحيض قبل الإحرام أو بعده وأما عند الإحرام فهي حالة نادرة.
 الأمر الثاني:- ان السيد الماتن(قده) ذكر في حالة الحيض بعد الإحرام أن المرأة مخيرة بين الأمرين ، وكان من المناسب أن يضيف ويقول ( والأحوط استحباباً هو الاول ) أي الانتقال إلى الإفراد لا تأخير طواف العمرة ، والنكتة هي إنا نقلنا فيما سبق عن صاحب الجواهر أن المشهور الانتقال إلى الإفراد بل ادعى العلامة الإجماع عليه ، ونحن وان كنا لا نعطي أهمية كبيرة إلى الشهرات والاجماعات المنقولة بيد أن الاحتياط الاستحبابي شيء وجيه وقد جرت على ذلك طريقة السيد الماتن(قده) فكان المناسب الاحتياط هنا أيضا.
 الأمر الثالث:- ذكرنا أن الحيض لو طرأ بعد الإحرام فهي بالخيار بين الإفراد وبين تأخير طواف العمرة ، والسؤال انه إذا أخرت طواف العمرة إلى ما بعد منى فهل يلزم أن تأتي به قبل طواف الحج أو هي مخيرة بين القبلية والبعدية ؟
 تعرض إلى ذلك صاحب الجواهر وقال ( وقضت بعد طهرها ما بقي من طوافها قبل طواف الحج لتقدم سببه كما في كلام بعض [1] ، أو بعده كما في كلام آخر ، أو مخيرة كما هو مقتضى إطلاق الأدلة ) [2] ، وصاحب الجواهر يظهر منه الميل إلى التخيير تمسكاً بإطلاق الأدلة.
 ولعله يقصد بذلك مثل رواية أبي بصير فانه ورد فيها ( المرأة المتمتعة إذا أحرمت وهي طاهر ثم حاضت قبل أن تقضي متعتها سعت ولم تطف حتى تطهر ثم تقضي طوافها وقد تمت متعتها ) فان العبارة قالت ( ثم تقضي طوافها ) ولم تقل قبل طواف الحج أو بعده ولازم ذلك التخيير.
 والسيد اليزدي(قده) قال ( ثم تقضي بقية طوافها قبل طواف الحج أو بعده ) [3] فهو قد صرح بالتخيير كما ذهب إليه صاحب الجواهر.
 ولكن المناسب تعين تقديم طواف العمرة على طواف الحج ، فان رواية أبي بصير لو تمت سنداً فهي وان كانت مطلقة إلا أن صحيحة العلاء ذكرت أنه تأتي بطواف العمرة قبل طواف الحج حيث جاء فيها ما نصه ( فإذا قضت المناسك وزارت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ) وظاهر هذا تعيُّن تقديم طواف العمرة على طواف الحج فالمناسب الأخذ بصحيحة العلاء وتقييد رواية أبي بصير بها.
 الأمر الرابع:- ان المرأة إذا تيقنت بأنها لا تطهر بحيث تتمكن من الإتيان بقضاء طواف العمرة بعد ذلك فماذا تصنع آنذاك ؟
 والجواب:- لا تنتقل إلى الإفراد لأنه لا ينفعها إذ بالتالي لا يمكن لها أن تأتي بطواف الحج لأن المفروض أن الوقت لا يسع وهو إذا لم يسع لطواف العمرة بعد منى فلا يسع لطواف الحج ، كما لا معنى للبقاء لتأخير طواف العمرة إلى ما بعد ، بل المناسب الاستنابة فتبقى على متعتها وتستنيب لطواف العمرة ، كما أنها تستنيب لطواف الحج أيضاً ولا يحتمل أن وظيفتها شيء آخر بعد عدم احتمال سقوط أصل الحج أو سقوط الطواف . وهو شيء واضح.
 الأمر الخامس:- ان المسألة المذكورة طويلة بحيث يصعب هضمها والإحاطة بها وكان من المناسب تأجيل وترحيل مسألة النيابة لمن لا تتمكن وعقد مسألة مستقلة لها ، فتجزأ هذه المسألة الطويلة وتصغ هكذا ( إذا كانت المرأة في عمرة التمتع حائضاً قبل الإحرام أو طرأ لها بعد ذلك فان كان الوقت يسع لأداء الأعمال بعد طهرها واغتسالها لزمها الصبر والإتيان بالأعمال وأما إذا لم يسع عدلت إلى الإفراد ولزمها بعد الفراغ من الحج الإتيان بعمرة مفردة . نعم في حالة الطرو بعد الإحرام يحق لها أيضاً البقاء على عمرة التمتع وذلك بتأخير الطواف فتسعى وتقصر وتحرم للحج وبعد الرجوع إلى مكة عند الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة أوَّلاً ثم تأتي بطواف الحج ) وينهى الحديث عن هذه المسالة ، ثم تعقد مسالة ثانية لمن لا تتمكن من الأمرين معاً.
 الأمر السادس:- إذا طرأ عليها الحيض بعداً فهي كما قلنا مخيرة بين الإفراد وتأخير طواف العمرة ، والآن نقول هذا يتم لو فرض سعة الوقت بحيث يمكن الإتيان بالسعي والتقصير قبل الوقوف بعرفات أو قبل زوال اليوم التاسع على الخلاف أما مع ضيق الوقت بحيث لا يسع حتى إلى السعي والتقصير فالمناسب تعيُّن الإفراد.
 الأمر السابع:- ذكرنا فيما سبق أنه لا يلزم الإتيان بالعمرة المفردة في حج الإفراد قبلاً ولا بعداً ما دام قد فرض أن المكلف قد أتى بها في زمن سالف كمن يذهب للعمرة المفردة في رجب فيكفي أن يأتي بحج الإفراد وهذا فيما لو كانت حجته ثانية - ولكن الآن نستثني ونقول:- شذ من ذلك مورد واحد وهو المرأة التي طرأ عليها الحيض فإنها إذا انتقلت إلى الإفراد يلزمها أن تأتي بعمرة مفردة حتى لو كانت قد أتت سابقاً بها.
 والوجه في ذلك:- هو صحيحة جميل بن دراج فإنها صرحت بأنها تخرج إلى التنعيم بعد الحج وتأتي بعمرة مفردة ، فينبغي الالتفات إلى ذلك.
 التنبيه الثامن:- بناءاً على وجوب الاستظهار في حق الحائض فيوم الاستظهار يلحق بأيام الحيض ويكون حكمه حكمها.


[1] ليس من المناسب التعليل بتقدم السبب .
[2] الجواهر 18 39.
[3] العروة الوثقى - مسالة 5 من فصل صورة حج التمتع.