37/03/24


تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 25.
تقدم أن مقتضى الصناعة الالتزام بأن الحضر من شرائط الوجود لا من شرائط الوجوب.
لكن يمكن أن يقال بأن الروايات التي اُعتمد عليها في تفسير الآية غير تامة سنداً, واهمها رواية الكافي وفيها سهل بن زياد, وحينئذ لا يمكن الوصول إلى هذه النتيجة اعتماداً على روايات ليست تامة سنداً.
ويمكن دفع هذه الاشكال اولاً بأعتبار أن الروايات كأنها مستفيضة لأننا ذكرنا ست روايات وهناك روايات اخرى بهذا المعنى بعنوان تفسير الآية الشريفة,. مع أن الاهم من ذلك هو اننا لا نحتاج إلى هذه الروايات للوصول إلى هذه النتيجة بل يكفينا الروايات المعتبرة المتقدمة التي استظهرنا منها عدم جواز السفر كمعتبرة الحسين بن المختار وصحيحة الحلبي على التفسير الذي ذكرناه ورواية ابي بصير فكل من هذه الروايات وغيرها تنهى عن السفر في شهر رمضان فهي وان لم ترد في تفسير الآية لكنها تثبت عدم جواز السفر في شهر رمضان واذا ضممنا إلى هذا ما قلناه اخيراً بأنه لا وجه لتحريم السفر ووجوب الاقامة الا من جهة وجوب الصوم, فهذا لا ينسجم الا مع افتراض أن الحضر من شرائط الوجود لا من شرائط الوجوب, إذن بالنتيجة ننتهي إلى أن الحضر من شرائط الوجود وليس من شرائط الوجوب.
قد يقال كما في المستمسك سلمنا أن الحضر من شرائط الوجود بحسب ما نفهم من الادلة _ وهذا من باب التنزل لأنه لا يرى عدم جواز السفر وإنما يرى جوازه_ فهو لم يؤخذ شرطاً على نحو يجب تحصيله كما هو الحال في سائر شرائط الوجود التي يجب على المكلف تحصيلها كما في الطهارة في الصلاة, ولم يذكر دليلاً على تميز هذا الشرط عن سائر شرائط الوجود التي يجب على المكلف تحصيلها, وليس له دليل الا الايمان المسبق بجواز السفر, وهذا يعني أن الحضر لا يجب تحصيله فإذا اصررت على أنه من شرائط الوجود لابد أن يكون هو نوعاً خاصاً من شرائط الوجود واخذ شرطاً على نحوٍ لا يجب تحصيله ولذا جاز للمكلف أن يسافر ويخرج في شهر رمضان.
ولا اشكال في أن المسافر لا يجب عليه الحضور وقد دلت الادلة على ذلك وهذه القضية ثابتة بالتسالم مع أن الادلة يفهم منها ذلك بل لعل ذلك (عدم وجوب الحضور) يفهم حتى من الآية الشريفة (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)[1] أي أن وظيفة المسافر القضاء ولم تقل الآية أن وظيفة المسافر حضور البلد والصيام واذا لم يحضر وعصى يجب عليه القضاء, وهناك روايات كثيرة معتبرة تدل على أن الافطار للمسافر هدية من الله سبحانه وتعالى لعباده وهذا لا ينسجم مع وجوب حضور المسافر لكي يصوم, ولا ينسجم ظاهر الادلة مع كون الحضور واجباً على المكلف لكي يصوم فإذا لم يحضر ولم يؤدي الواجب يتصدق الله تعالى عليه ويمنحه الافطار ولم يلزمه بالصوم, فظاهر الادلة أن المسافر حكمه الافطار وان الافطار يكون هديه له من الله سبحانه وتعالى, نعم قد لا يوجد دليل يصرح بأن المسافر لا يجب عليه الحضور لكي يصوم لكي الذي يفهم من الادلة أن هذه القضية مفروغ منها.
وبناءً على هذا الكلام قد يقال بإمكان التفريق بين هذين اللازمين (عدم جواز الخروج ووجوب الحضور للمسافر) فعدم جواز الخروج يُحكم به بناءً على القاعدة التي استفدناها من أن الحضر من شرائط الوجود, ووجوب الحضور للمسافر دلت الادلة على عدمه فنخرج عن القاعدة بهذه الادلة.
هذا ما يمكن أن يقال في المقام لكن المشهور لا يلتزمون بذلك فهم _كما لا يلتزمون بوجوب الحضور على المسافر_ لا يلتزمون بحرمة السفر للحاضر الا الحلبي خالف في ذلك (أي منع من السفر) والاحتياط في المقام هو هذا بلا اشكال.
بقي شيء وهو مما يمنع من الالتزام بحرمة السفر وهو أنه اذا قلنا بعدم جواز السفر في شهر رمضان فأن من يسافر فيه يكون سفره سفر معصية وحينئذ لابد من الالتزام بوجوب الصوم عليه وان كان مسافراً كما يجب عليه الاتمام في الصلاة وهذا (وجوب الصوم على المسافر في شهر رمضان) لا يلتزمون به ايضاً.
الا أن يقال بأن ادلة وجوب الصوم ووجوب اتمام الصلاة على من سافر سفر معصية ليس فيها اطلاق يشمل هذا السفر وإنما تختص بمن يريد القتل أو شرب الخمر او غير ذلك من المعاصي, لكن ذلك ليس واضحاً فلا فرق بين هذه المعصية(حرمة السفر) وغيرها من المعاصي, وعلى كل حال فالاحتياط في محله جداً خصوصاً في صورة التشهي والخروج لغرض الفرار من الصوم.
قال الماتن
فصل
يجب القضاء دون الكفارة في موارد :
أحدها : ما مر من النوم الثاني بل الثالث وإن كان الأحوط فيهما الكفارة أيضا خصوصا الثالث.
تقدم الكلام عنه مفصلاً في مسألة (56) وتبين أن ما ذكره السيد الماتن هو الصحيح فأن هذه الموارد يجب فيها القضاء دون الكفارة.
قال الماتن
الثاني : إذا أبطل صومه بالإخلال بالنية مع عدم الإتيان بشيء من المفطرات أو بالرياء أو بنية القطع أو القاطع كذلك.
ويجمع هذه الامور الاخلال بالنية سواء في ذلك عدم الاتيان بالنية اصلاً أو جاء بها لكن بوجه غير معتبر كالريا أو نوى المفطر ولم يستعمله وهذا ما يعبر عنه بنية القطع أو القاطع فكل هذه الامور ترجع إلى الاخلال بالنية.
ولابد من الالتفات إلى امرين :-
الاول: هل يصدق الافطار بالإخلال بالنية من دون ارتكاب المفطر أو لا؟؟
الثاني: على تقدير صدق الافطار كيف يكون استعمال المفطر بعد ذلك مفطراً, لأنه اذا تحقق الافطار بالنية لا يكون الاكل مثلاً مفطراً لأنه افطر قبل الاكل حسب الفرض فإذا اكل يكون قد ارتكب الاكل وهو مفطر والمفروض عدم ترتب شيء على ذلك, بخلاف ما اذا قلنا بأن الافطار لا يصدق بمجرد الاخلال بالنية فأن تحقق الافطار بالأكل يكون واضحاً جداً .
السيد الحكيم (قد) في المستمسك ذكر تعليقاً على هذه المسألة (إذ في ظرف الاتيان يدخل تحت الافطار باستعمال المفطر، فتشمله أدلة الكفارة . فإن قلت: إذا كان الاخلال بالنية مفطرا، كان الأكل بعده غير مفطر، لاستناد الافطار إلى أسبق علله، وحينئذ فلا يوجب الكفارة . قلت : لو بني على ذلك لم تجب الكفارة في جميع المفطرات، لسبقها بنية الافطار، التي هي مفطرة . وحينئذ لا بد من حمل نصوص وجوب الكفارة بالإفطار على استعمال المفطر، ولو كان الافطار حاصلا بالإخلال بالنية، أو بالرياء، أو بنية القاطع، أو نحو ذلك ...)[2]
السيد الخوئي (قد) ذكر شيئاً يعاكس السيد الحكيم (قد) (فإن الصوم والافطار متقابلان ومن الضدين الذين لا ثالث لهما كما تقدم، لأن المكلف إما أن يرتكب شيئا مما اعتبر الامساك عنه أولا، والأول مفطر والثاني صائم، وحيث أن المفروض عدم الارتكاب فليس بمفطر فلا تجب الكفارة، بل هو صائم غاية الأمر أن الصوم قد يكون صحيحا وأخرى باطلا لأجل الاخلال بما اعتبر فيه من النية كما لو لم ينو الصوم أصلا أو نواه ولكن لا لداع قربي بل لغاية أخرى إما مباح كإصلاح مزاجه ومعالجة نفسه بالإمساك، أو محرم كالرياء ففي جميع ذلك يفسد الصوم إما لفقد النية أو لفقد القربة، فإنه عبادة لا بد فيها من قصد المأمور به بداع قربي، ولأجل ذلك يجب عليه القضاء دون الكفارة لفرض عدم استعمال المفطر الذي هو الموضوع لوجوبها. ومما ذكرنا يظهر الحال في البقاء، فلو قصد الصوم متقربا وفي الأثناء قصد الافطار أو ما يتحقق به الافطار، أي نوى القطع أو القاطع حكم ببطلان صومه بقاء فيجب القضاء دون الكفار)[3]
هذا ما ذكره هذان العلمان والفرق بينهما هو أن السيد الحكيم (قد) يقول أن الافطار يصدق عند الاخلال بالنية وخرّج مسألة عدم وجوب الكفارة على اساس أن ادلة الكفارة مختصة باستعمال المفطر الذي لم يحصل حسب الفرض, و السيد الخوئي (قد) يقول بأنه لا يصدق الافطار اصلاً فحتى لو قلنا بأن موضوع ادلة وجوب الكفارة هو مطلق الافطار فهو لا يشمل مثل هذا المكلف.