38/01/21


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/01/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

كان كلامنا في الجهات المالكة التي هي امور اعتبارية وليس لها واقع موضوعي في الخارج غير اعتبار العقلاء وموجودة في عالم الاعتبار والذهن فقط لا في عالم الخارج كعنوان الزكاة فانه جهة اعتبارية لا واقع للزكاة وكعنوان الخمس والفقير وأهل العلم وعنوان الزوار والسادة كل ذلك من الجهات الاعتبارية.

ومنها عنوان الحكومة والدولة فان الحكومة جهة اعتبارية ، والجهة الاعتبارية ليست واعية كالانسان فان الانسان واعي له شعور وعقل وادراك ، أما الجهات المالكة ليست واعية ولهذا لا يمكن التعامل مع الجهات المالكة مباشرة بالبيع والشراء وما شاكل ذلك ، ولذا يشترط في التعامل معها وجود ولي شرعي لها منصوب من قبل الشارع بنصب خاص في زمن الحضور وبنصب عام في زمن الغيبة وهو الفقيه الجامع للشرائط ومنها الأعلمية فاذا كان للحكومة ولي شرعي فهذه الحكومة حكومة شرعية قائمة على ساس مبدأ الدين وهذه الحكومة مالكة فان الولي على الحكومة له ان يملك الحكومة ويقوم بإقراض الحكومة وله ان يقوم بالاقتراض من الحكومة لان لهذه الجهات ذمة ، فللولي ان يقوم بالإقراض في ذمة الحكومة والاقتراض من الحكومة وان يشتري للحكومة وان يبيع ملك الحكومة ، فجميع دوائر الحكومة انما يعملون على طبق الاوامر الصادرة من الولي على الحكومة.

وكذا الاموال الموجودة عند الحكومة كالأموال في المصارف والبنوك فهذه الاموال ملك للحكومة من جهة الولي فان الولي يملك هذه الاموال للحكومة ، ولا فرق في هذه الاموال بين فئة وفئة مثلا الاموال المطبوعة في الخارج وارسالها الى الدول الاسلامية فهذا الاستنساخ ليست ملكا لاحد ، فهذه الحكومة تملك هذه الاموال من جهة امر الولي وهو يملك هذه الاستنساخات للحكومة.

وكذا اموال الناس في البنوك والمصارف بعنوان القرض فهذه الاموال ملك للحكومة فان اقراض الحكومة انما يكون بأمر ولي الامر ولا مانع من ان ولي الامر يقوم بإقراض الحكومة ولكن ضمانها ثابت في ذمة الحكومة فان معنى القرض تمليك مال للغير بالضمان فالناس يملك ماله للحكومة بأمر ولي الامر مع الضمان فهذه الاموال ثابتة في عهدة الحكومة وفي ذمتها.

اذن يصح للولي ان يقوم بإقراض الحكومة ويصح للولي الاقتراض من الحكومة فيقوم بإقراض الغير ، ولكن لا يجوز ان يكون هذا الاقراض ربويا ، فاذا كان ربويا فهو باطل.

وكذا الحكومة الشرعية تملك الثروات الطبيعية للبلد كالاراضي المحياة طبيعيا او الاراضي الموات تملكها بالاستيلاء او بالإحياء ، وكذا تملك المعادن مثل النفط وغيره ، فان الولي يملك الثروات الطبيعية للحكومة فهذه المعادن ملك للحكومة فلا يجوز التصرف فيها بدون اذن الحكومة ، هذا اذا كانت الحكومة شرعية وقائمة على اساس مبدأ الدين.

وأما اذا لم تكن الحكومة شرعية بان لا يكون لها ولي شرعي منصوب من قبل الشارع بنصب خاص في زمن الحضور وبنصب عام في زمن الغيبة فهذه الحكومة غير شرعية وهذه الحكومة لا تملك الاموال الموجودة عندها في البنوك والمصارف والوزارات فان العاملين في هذه الحكومة من رئيس الجمهور الى ادنى موظف ليست لهم ولاية على الحكومة حتى يكون تصرفهم في هذا المال من باب تصرف ولي الامر فان من يقوم بإقراض الحكومة بإيداع امواله في البنوك وفي المصارف فهذا ليس قرضا فانه لا يمكن له ان يملك الحكومة مباشرة لأنه لا يمكن التعامل مع الحكومة لان الحكومة جهة اعتبارية ليس لها وعي حتى يتعامل معها ، فهو يعطي امواله للعاملين في البنوك فهؤلاء العاملين في البنوك ليست لهم ولاية على الحكومة وولاية على البنك فليس لهم ايداع اموال الناس في ذمة البنك اذ ليس لهم ولاية عل ذلك ، اذن ذمة البنك وذمة الحكومة حينئذ ليست مشغولة بشيء فلو كان هنا ضمان فهو العامل فقط اذا اخذ العامل المال وصرفه لنفسه والشخص الذي اودع هذا المال قصد ضمان العامل فهو ضامن وهذا خارج عن محل الكلام وهذا قرض شخصي.

اذن الاقراض غير صحيح فان اقراض الحكومة لا يمكن لان العاملون في البنوك ليست لهم ولاية حتى يأخذون المال قرضا على ذمة الحكومة والمفروض ان المودع لم يودع امواله عند العاملين في البنوك انما يوعد امواله في البنوك التي هي جهة اعتبارية وفي ذمة البنوك والمفروض انه لا ذمة للبنوك فان العاملين في البنوك لا ولاية لهم وعلى هذا فالإقراض غير صحيح.

وكذا الاقتراض من الحكومة فان الاموال الموجودة في البنك ليست اموال الحكومة لأنها إما ان تكون اموالا لا مالك لها كالاستنساخات التي ارسلت من الخارج وطبعت في الخراج وارسلت الى البنوك ولم تقع تحت يد المسلم فهذه الاموال ليست ملكا لاحد ، وإما اموال المسلمين في البنوك فاذا اخذ المال من البنوك فان علم انه من الاموال التي ارسلت من الخارج ولم تقع تحت ايدي المسلمين فهو ملك طلق له بالاسيتلاء عليه ولا يكون فيه أي ضمان فهو مال مباح يملك بالاستيلاء والحيازة واما اذا اخذ مالا يعلم ان فيه مال الغير اما بالنصف او الثلث او الخمس فلابد ان يتصدق به على الفقراء والزائد عليه يتصرف به ، اذن الاقتراض من الحكومة غير صحيح إذ ليس للعاملين في البنوك ولاية على هذه الاموال وولاية على البنوك وولاية الحكومة حتى يقوموا بإقراض الناس من الحكومة.

والغريب هنا ان الفقهاء الذين يقولون ان الحكومة تملك فهو مع ذلك يتعامل مع الاموال الموجودة في البنوك معاملة الاموال مجهولة المالك فلو كانت الحكومة تملك فالحكومة تملك هذه الاموال ايضا لان الاموال الموجودة في البنوك قرض في ذمة البنوك وفي ذمة الحكومة ان كانت الحكومة تملك ، اذن الالتزام بان الحكومة تملك الاموال والالتزام بان الاموال الموجودة في البنوك مجهولة المالك الجمع بين الامرين جمع بين المتناقضين ، هذا تمام كلامنا بنحو الاختصار وبعد ذلك يقع الكلام في مسالة اخرى ان شاء الله تعالى.