38/01/28


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/01/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): السابعة عشر: اشتراط التمكن من التصرف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين معلوم، وأما فيما لا يعتبر فيه كالغلات ففيه خلاف وإشكال)[1] .

ذهب المشهور الى عدم الفرق بين ما يعتبر فيه الحول وما لا يعتبر فيه الحول ، فالتمكن من التصرف شرط لوجوب الزكاة مطلقا سواء أكان مما يعتبر فيه الحول او لا يعتبر فيه الحول.

ودليله:- قد استدل على ذلك بالاجماع وان المسالة إجماعية ، وهو دليل على عدم الفرق.

ولكن يرد عليه.

اولاً:- انه لا اجماع في المسالة لوجود المخالف ومنهم صاحب المدارك ومنهم السيد الماتن ، اذن الاجماع غير ثابت.

ثانياً:- مع الاغماض عن ذلك وتسليم ان الاجماع ثابت الا أننا ذكرنا غير مرة انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع لا في كلمات المتاخرين ولا في كلمات المتقدمين ، فان الاجماع في نفسه ليس بحجة لانه قول الفقهاء وقول الفقهاء في نفسه لا يكون حجة وحجية الاجماع منوطة بوصوله من زمن الائمة (عليهم السلام) الينا ، ولكن لا طريق لنا الى ذلك ، حتى الاجماعات الموجودة بين الفقهاء المتقدمين.

ثالثاً:- مضافا الى الاختلاف في دعوى الاجماع من شخص واحد فضلا عن اشخاص متعددة كالشيخ الطوسي والسيد المرتضى وامثالهما فانه في اغلب كتبهم يدعي الاجماع على خلاف ما يدعيه في كتاب اخر.

رابعاً:- مضافا الى ان حجية الاجماع عند الشيخ مبنية على قاعدة اللطف وهذه القاعدة غير ثابتة وغير حجة فمن اجل ذلك لا يمكن الاعتماد على الاجماع والعمدة في المقام الروايات ونقرأ بعضها.

منها:- صحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : لا صدقة على الدين ولا على المال الغائب عنك حتى يقع في يديك)[2] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة في انه لا زكاة على الدين ولا عن المال الغائب عنك وليس في يديك وتحت تصرفك ولا تتمكن من التصرف ، فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على انه لا زكاة في المال الغائب.

ودعوى الانصراف الى ان مال الغائب منصرف الى النقود فهي لا اساس لها فان المال الغائب كما يصدق على النقود فهو يصدق على سائر الاموال ايضا ولا وجه لدعوى الانصراف.

مضافا الى ان منشاء الانصراف هو الكثرة فاذا كثر استعمال لفظ في معنى حصل هذا الأنس الذهني بين هذا اللفظ وهذا المعنى فاذا سمع هذا اللفظ ينتقل ذهنه الى المعنى ، وفي المقام استعمال المال في النقدين ليس اكثر من استعماله في سائر الاموال حتى يكون سببا للانصراف.

وغيرها من الروايات فان الروايات كثيرة وقد تقدم الكلام في هذه المسالة في الشرط الخامس من الشروط وجوب الزكاة موسعا وذكرنا هناك مجموعة من الروايات.

النتيجة ان الروايات لا تكون قاصرة عن الدلالة عن ان هذا الشرط معتبر فيما يشترط فيه الحول فقط لأنها مطلقا بلا فرق بين ما يعتبر فيه الحول وما لا يعتبر فيه الحول فان هذه الروايات وغيرها مطلقة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثامنة عشر: إذا كان له مال مدفون في مكان ونسي موضعه بحيث لا يمكن العثور عليه لا يجب فيه الزكاة إلا بعد العثور ومضي الحول من حينه، وأما إذا كان في صندوقه مثلا لكنه غافل عنه بالمرة، فلا يتمكن من التصرف فيه من جهة غفلته، وإلا فلو التفت إليه أمكنه التصرف فيه ، يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ويجب التكرار إذا حال عليه أحوال، فليس هذا من عدم التمكن الذي هو قادح في وجوب الزكاة)[3] .

وتدل على عدم الزكاة فيه عدة من الروايات.

منها:- صحيحة سدير الصيرفي قال : قلت لأبي جعفر (عليه ‌السلام) : ما تقول في رجل كان له مال فانطلق به فدفنه في موضع فلمّا حال عليه الحول ذهب ليخرجه من موضعه فاحتفر الموضع الذي ظنّ أنّ المال فيه مدفون فلم يصبه ، فمكث بعد ذلك ثلاث سنين ، ثم إنّه احتفر الموضع الذي من جوانبه كله فوقع على المال بعينه ، كيف يزكّيه ؟ قال : يزكّيه لسنة واحدة ، لأنّه كان غائباً عنه وإن كان أحتبسه)[4] .

اذن المناط في كون المال غائبا عن مالكه ، فاذا كان غائبا ولا يتمكن من التصرف فيه فلا زكاة فيه ، اذن وجوب الزكاة بان لا يكون المال غائبا عنه.

ومنها:- موثقة اسحاق ابن عمار قال : سألت أبا إبراهيم (عليه ‌السلام) عن الرجل يكون له الولد فيغيب بعض ولده فلا يدري اين هو ومات الرجل ، كيف يصنع بميراث الغائب من أبيه ؟ قال : يعزل حتّى يجيء ، قلت : فعلى ماله زكاة ؟ قال : لا حتى يجيء ، قلت : فإذا هو جاء ، أيزكّيه ؟ فقال : لا ، حتى يحول عليه الحول في يده)[5] .

فان هذه الموثقة ايضا واضحة الدلالة على انه طالما يكون المال غائبا عن مالكه وليس بيده فلا زكاة فيه ، فاذا وقع في يده وحال عليه الحول في يده فحينئذ تتعلق الزكاة به.

ومنها:- صحيحة زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (عليه ‌السلام) : رجل دفع إلى رجل مالاً قرضاً ، على من زكاته ، على المقرض أو على المقترض ؟ قال : لا ، بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولاً على المقترض ، قال : قلت : فليس على المقرض زكاتها ؟ قال : لا يزكى المال من وجهين في عام واحد ، وليس على الدافع شيء لأنّه ليس في يده شيء ، إنّما المال في يد الآخر ، فمن كان المال في يده زكّاه ، قال : قلت : أفيزكّي مال غيره من ماله ؟ فقال : إنّه ماله ما دام في يده ، وليس ذلك المال لأحد غيره ، ثمّ قال: يا زرارة ، أرأيت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو ؟ وعلى من ؟ قلت : للمقترض ، قال : فله الفضل وعليه النقصان ، وله أن ينكح ويلبس منه ويأكل منه ولا ينبغي له أن يزكّيه؟! بل يزكّيه فإنّه عليه)[6] .

فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ان الزكاة انما تجب على المال الذي في يد المالك ، أما المال الذي ليس في يده فلا زكاة فيه كالمال المقروض فان المال بيد المقترض وملكه وتحت تصرفه ونقصانه وربحه يرجع اليه لا الى المقرض ولهذا زكاته على المقترض لا على المقترض.

وهل يلحق بمال الغائب من كان غافلا عن ماله كما لو كان ماله تحت يده ولكنه غافل كما اذا كان ماله في الصندوق وهو غافل او لا يلحق؟

الجواب:- الظاهر انه ليس كما الغائب فان العناوين المأخوذة في لسان الروايات هو عنوان المال الذي يزكى لابد ان يكون تحت يد المالك وفي يدي المالك ولا يكون غائبا عن المالك ، وأما المال المغفول عنه فهو في يد المالك ولكنه غفل عنه وليس غائبا عن المالك بل المالك غائب عنه من جهة غفلته ، فلهذا لا تكون الغفلة مشمولة لتلك الروايات فلا يلحق به بل يجب عليه الزكاة فاذا فرضنا انه غفل عن ماله سنين متعددة فيجب عليه زكواة متعددة وليس كما الغائب.

وتمام الكلام في هذه المسالة قد تقدم فان في هذه المسالة شقوق وايضا فيها شبهة موضوعية وشبهة مفهومية تقدم كل ذلك في الشرط الخامس ولا حاجة الى الاعادة. بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.