39/05/10


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ جواز تعجيل اخراج الخمس/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

مسألة (79): يجوز له تعجيل اخراج خمس الربح اذا حصل في اثناء السنة, ولا يجب التأخير الى آخرها, فانَّ التأخير من باب الارفاق, كما مرَّ. وحينئذٍ فلو اخرجه بعد تقدير المؤنة بما يظنه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدد مؤن لم يكن يظنها كشف ذلك عن عدم صحته خمساً, فله الرجوع به على المستحق, مع بقاء عينه لا مع تلفها في يده الاّ اذا كان عالماً بالحال, فانَّ الظاهر ضمانه حينئذٍ (1).

1)فرض المسألة هو في صورة ما اذا ربح المكلّف الفاً وقد قدّر مؤنته السنوية بثمانمائة وخمّس المأتين الباقيتين بعد استثناء المؤنة المقدّرة. ثم انهدمت داره, فاحتاج الى تعميرها او مرض فاحتاج الى علاج وامثال ذلك فاحتاج الى المأتين التي خمّسها, فهل له الحقّ في الرجوع بالأربعين التي سلّمها الى الحاكم الشرعي او الى مستحقها؟

والجواب: هنا قولان متناحران:

القول الاول: وهو قول صاحب العروة قدس سره حيث فصّل بين بقاء العين وتلفها, فقال: ان المكلّف له الحقّ في الرجوع بالأربعين اذا كانت باقية لأنه قد انكشف انه ليس عليه خمس, اذ لا خمس الاّ بعد المؤنة.

القول الثاني: قال لاحق له في الرجوع بالأربعين مطلقاً سواء كانت العين باقية ام تالفة, وهذا هو قول صاحب الجواهر قدس سره[1] وذلك:

1ـ لأن الخمس قد تعلّق بالربح من الاول (غاية الامر انه لا يجب اداؤه اثناء السنة ويجوز له التأخير) الاّ انه لم يؤخره في هذا الفرض وقد ادّاه الى مستحقه باختياره وقد ملكه المستحق, وحينئذٍ لا يجوز استرداده حتى مع بقاء العين.

2ـ لو تنازلنا وقلنا ان تعلّق الخمس يتوقّف على عدم الصرف في المؤنة على نحو الشرط المتأخر, اي ان الخمس تعلّق بالربح الاّ انه مشروط ومتوقف على عدم الصرف في المؤنة, اذن هنا لابدّ من التفصيل بين ما اذا صرف شيئاً اكثر من ثمانمائة من ماله اثناء السنة في المؤنة المتجددة التي احتاج اليها فهنا يصح ما ذكره صاحب العروة قدس سره من التفصيل وبين ما اذا لم يصرف مع احتياجه الى اكثر من ثمانمائة كإحتياجه الى مائتين أو اكثر.

وعدم الصرف امّا ان يكون لعدم مال عنده أو لعدم وجود البنّاء أو لعدم الدواء, أو عدم الطبيب أو لأي داعٍ آخر, ففي هذه الصورة لا يصح التفصيل لأن العبرة في عدم وجوب الخمس هو الصرف للربح في المؤنة وليس هو مجرّد الإحتياج للصرف ولو لم يصرف.

ملحوظة: ان تفصيل صاحب العروة قدس سره يصحّ في مورد آخر وهو ما اذا تخيّل ان عليه خمس ودفعه ثم تبين انه لا خمس عليه وهذا مورد آخر غير موردنا وهو وجود الربح ووجود الخمس ثم التخميس لتصور عدم وجود مؤنة ثم حدثت مؤنة بعد ذلك, فلم يصح تفصيل صاحب العروة قدس سره فيه.

والخلاصة: الرأي المختار هو ما ذهب اليه صاحب الجواهر قدس سره[2] وذلك:

1ـ لأن الخمس متعلّق بالربح من الاول فالواجب موسع, والتأخير في الاخراج جائز من باب الارفاق, بل قد نقول بان جواز التأخير في اخراج الخمس الى آخر السنة اعمّ من الارفاق, اذ يجوز تأخير اخراج الخمس الى آخر السنة حتى مع العلم بعدم الاحتياج الى الربح للصرف في المؤنة كمن حصل له الملايين من الربح وهو يعلم ان مؤنته لا تساوي اكثر من ربع مليون على اكثر التقادير. وان معنى الخمس بعد المؤنة هو عبارة عن جواز التأخير ليس الاّ. فلو لم يُرد المكلّف الارفاق ولم يرد تأخير الإخراج الخمس حتى مع علمه بأن ربحه زائد على المؤنة بكثير وأراد تخميس كل ربح عند حصوله ولا يستثني المؤنة, بل تكون مؤنته من امواله المخمّسة فله ذلك, وحينئذٍ سيكون عمله صحيحاً في تخميس الربح كله أو تخميس الربح بعد استثناء مقدار المؤنة المقدرة كما هو فرض مسألتنا.

وبعبارة اخرى: ان جواز تأخير اخراج الخمس من الربح هو للإحتياط للمكلّف الذي يريد معرفة مؤنته معرفة حقيقيّة فلا تحصل الخسارة أو مطلقاً, وهذا يعني جواز البدار لإخراج الخمس, وهو يعني عدم جواز الرجوع على تقدير التعجيل, لأنه اذا جاز الرجوع لم يكن تأخيره إحتياطاً واحترازاً عن الخسارة, لأنه لم تتحقق الخسارة في صورة التعجيل لرجوعه على المرجع أو المكلف اذا كانت العين موجودة.

 


[1] جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي 16: 80.
[2] ولكن صاحب الجواهر قدس سره في رسالته العملية نجاة العباد قال: كما قال صاحب العروة قدس سره فقال: نعم لو نقله الى ذمته بصلح – مثلاً – مع الحاكم جاز له التصرف فيه حينئذٍ ولا حصة له من الربح، بل لو فرض تجدد مؤن له في اثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح» نجاة العباد للشيخ محمد حسن النجفي: 318.وهذا من صاحب الجواهر قدس سره مخالف لرأيه في موسوعته الجواهر قدس سره لأننا قلنا ان المصالحة قد تكون بمعاملة مع الحاكم الشرعي بنقل الخمس الى الذمة أو بدفع الخمس الى الحاكم ثم اقترضه منه. ولو قال شخص ان هذه في نقل الخمس الى الذمّة من دون تعجيل اعطاء الخمس فنقول: نعم هذا توجيه لصاحب الجواهر قدس سره في التفريق بين مسألتين: الأولى: نقل الخمس من الحاكم الشرعي.الثانية: تعجيل الخمس وقد فرّق بينهما في الحكم فقال في صورة تعجيل الخمس وتبين ان المؤنة بقدر الربح لا ازيد، لعدم جواز الرجوع.اما عبارته في نجاة العباد فهي في صورة النقل الى الذمّة بصلح مع الحاكم الشرعي ثم تبين ان مؤنته بقدر الربح ولا يوجد زائد، فقال هنا بفساد المصالحة وتبيّن ان ذمّته ليست مشغولة بشيء للإمام وقبيلهِ. الاّ اننا نفرّق بينهما لأن نقل الحاكم الشرعي الخمس من العين الى الذمّة هو معاملة صحيحة لازمة كتعجيل دفع الخمس، فكلاهما معاملة صحيحة، وايضاً فان صاحب الجواهر قدس سره قال في صورة التعجيل للخمس في رسالته نجاة العباد ما يخالف ما ذكره في الجواهر قدس سره ففي الجواهر قدس سره قال بعدم فساد تعجيل الخمس في الحول فانه عمل صحيح وقع من اهله في محلّه وفيه أمر من الشارع قد امتثل، فلماذا يفسد بعد ذلك الاّ انه في نجاة العباد قال بالفساد اذا تبين ان مؤنته تشمل كل ربحه فقال: (لو عجّله «اي عجّل اخراج الخمس قبل رأس السنة) فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لم يحتسب خمساً وكان له الرجوع بعينه مع وجوده بل يقوى ضمان المستحق العالم بالحال مع التلف. من الاستاذ حفظه الله.