39/06/17


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ عدم جواز دفع الزائد عن مؤنة السنة/ قسمة الخمس/ كتاب الخمس

مسألة (6): لا يجوز دفع الزائد عن مؤنة السنة لمستحق واحد ولو دفعة على الأحوط (1).

 

1)اقول: أنظر الى ان صاحب العروة قدس سره قال في الزكاة: يجوز ان يعطى الفقير أزيد من مقدار مؤونة سنة دفعة «هكذا في المسألة الثانية من اوصاف المستحقين» امّا هنا في الخمس فقال بعدم الجواز احتياطاً.

اقول: لماذا فرّق صاحب العروة قدس سره بين المسالتين؟! فان السيد البروجردي قدس سره[1] منع من الاعطاء

اكثر من مقدار المؤنة في المسالتين ومنهم من اجاز الزيادة على مؤنة السنة في المسالتين كالنراقي[2] .

والظاهر: عدم الجواز في الصورتين لأن الزكاة وحقّ السادات هو لإزالة الفقر فالزيادة عنه تكون اعطاءًا للغني وهو لا يجوز.

ثم ان المراد من مؤنة السنة ليس خصوص ما يسدّ الرّمق بحيث لا يموت, بل المراد مطلق ما يحتاجه عرفاً, فقد ورد في الروايات ان الفقير يعطى من الزكاة حتى يستغنى أو لأجل ان يحج أو لأجل ان يشتري خادماً أو لأجل ان يوسّع على عياله, أو حتى يُلحق بالناس (اوسط الناس), ويلحق بالزكاة نصف الخمس لأنها ضريبة لفقراء بني هاشم. وحينئذٍ اذا اعطي اكثر من هذه المؤنة العرفية, فهل هو جائز؟والجواب هناك صورتان:

الصورة الاولى: اذا أُعطى اكثر من مؤنة السنة على شكل دفعات, فالدفع الذي يكون بعد ملكيته لمؤنة سنته العرفية يكون غير جائز للدافع اذا علم بغناه بواسطة الدفعات السابقة على هذه الدفعة, وهو ايضاً لا يجوز له أخذ هذه الزكاة للصرف على نفسه مع كونه غنياً مع علمه بان الزكاة هي للفقراء.

الصورة الثانية: اذا اعطي اكثر من نفقته السنوية المتعارفة التي تجعله غنيّاً مرّة واحدة وبدفعة واحدة كما لو كانت مؤنة سنته مائة دينار, فاعطاه المائتين فهل هذا جائز؟

ذكر صاحب العروة قدس سره هنا عدم جواز ذلك ووافقه عليه السيد الخوئي قدس سره فقال: (بعدم الجواز وذلك لأن بإعطائه المائتين دينار فقد ملّكه المائة الأولى وأصبح غنياً بها فزال الفقر وحينئذٍ لا يستحق المائة الثانية وإنْ حصل الغنى حين الاعطاء لا قبله. وحينئذٍ لو فرضنا وجود اطلاقات في الروايات تقتضي جواز الدفع له اكثر من حدّ الغنى فانّه لابدّ من تقييدها بالدفع له بحدّ الغنى لا اكثر.

اقول: في مناقشة السيد الخوئي قدس سره[3] اذا كان ما قاله السيد الخوئي قدس سره من ان العبرة بالغنى حين

الاعطاء, فانّ لقائل ان يقول: ان العبرة بالفقر الذي يجوّز الاعطاء وهو الفقر حين الاعطاء, وهذا الذي اعطي اكثر

 

مسألة (7): النصف من الخمس الذي للإمام عليه السلام امره في زمان الغيبة راجع الى نائبه, وهو المجتهد الجامع للشرائط, فلابد من الايصال اليه, أو الدفع الى المستحقين بإذنه. والاحوط له الاقتصار على السادة ما دام لم يكفهم النصف الآخر (1).من مؤنة السنة كان فقيراً حين الاعطاء فيستحق الجميع لأنه فقير حين الاعطاء, فلو كانت هناك اطلاقات تقول باعطاء الفقير حتى اغنائه فأنها تشمل اعطاءه وهو فقير حتى اغنائه أو فوق اغنائه.اذن كلام السيد الخوئي قدس سره خرج عن كونه دليلاً على عدم الجواز لإعطائه اكثر من مؤنة سنة دفعة واحدة, فيبقى هذا التساؤل: ان مَن يُعطى مائتا دينار وهو يستغني بمائة دينار ما هو الدليل على عدم جوازه؟

نقول: الدليل الصحيح هو:

1ـ ما ذكره الشيخ المنتظري اذ قال: ان الدليل هو مرسلة حّماد[4] التي جبرت بالعمل من ان الوالي يقسّم بينهم

على الكفاف والسعة ما يستغنون به في سنتهم فان فضل عنهم شيء كان له[5] فأنها صريحة في ان الزائد عن حاجتهم يكون للوالي.

اقول: ثم انه لا اطلاق يقتضي جواز الدفع زائداً على مؤنة السنة, فان الروايات قالت يُعطى الفقير الى حدّ الإغناء, امّا الاعطاء فوق حدّ الاغناء فهو غير موجود ولا اطلاق يدلّ عليه.

3ـ مضافاً الى ان الطريقة العرفية في توزيع الضرائب على الفقراء والمساكين هو الاعطاء الى حدّ ارتفاع الفقر ليس الاّ, وحينئذٍ سيكون الزائد على ذلك لا دليل عليه؟

ملحوظة: هذه المسالة أيضاً متفرعة على ان نصف الخمس هو ملك للفقراء الهاشميين, امّا على الرأي المختار فلا موضوع لها.

1)الكلام في تشخيص وظيفة حق الامام عليه السلام في زمن الغيبة, والاقوال في هذه المسالة كثيرة منها لم يكن قابلاً للتعرّض له مثل:1ـ دفنه الى ان يظهر الحجّة فيستخرجه.2ـ وجوب عزله وايداعه والإيصاء به عند ظهور امارات الموت.

3ـ القاؤه في البحر[6] .[7] [8] [9] [10]

4ـ تحليله وسقوطه عن الشيعي المعتقد به, وقد ذهب اليه بعض المحدثين. والاقوال الثلاثة الأُول باطلة لإستلزامها اضاعة المال واتلافه والتفريط به وهو محرّم شرعاً سيما بالنسبة الى النقد الورقي.

اما القول الرابع: فقد تقدّم منّا الاشارة الى تقيده وسيأتي في آخر الخمس تفصيل تفنيده وبطلانه.

5ـ صرفه في الاصناف الثلاثة من بني هاشم كالنصف الآخر الذي يكون لهم على قول مشهور المتأخرين وهذا الذي ذهب اليه صاحب الشرائع[11] .

6ـ صرفه لمطلق الموالين وهم الشيعة العارفون بالائمة عليهم السلام.وهذان القولان الاخيران قد إستندا الى روايتين لا دلالة لهما وهما مرسلتان.

والخلاصة: ان الاقوال كثيرة تبلغ اربعة عشر قولاً, ذكرها صاحب الحدائق, وكلها باطلة, نعم هنا قولان للمتأخرين, وهما ما يستأهل البحث فيهما

 


[1] العروة الوثقى بتعليقة عدة من الفقهاء، ج4، 101ص.
[2] مستند الشيعة، للشيخ النراقي، ج10، ص137. اذ قال:( والحق: ان حكم نصف الاصناف حكم الزكاة ويجوز اعطاء الزائد عن المؤنة دفعة واحدة اي قبل خروجه عن الفقر لإطلاق الادلة)
[3] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي قدس سره، ج25، 328ص- 329.
[4] كتاب الخمس والانفال، للشيخ حسين علي المنتظري، ج1، ص298.
[6] راجع المقنعة، للشيخ المفيد، ج1، ص46 181.
[7] حجرية والنهاية، ج1، ص201.
[9] والمهذب البارع، للسبزواري، ج1، ص1.
[10] والسرائر، للحلي، ج1، ص116.