1440/03/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 57 ) حكم المقبوض بالعقد الفاسد.

يقع الكلام في أنه إذا كان الشيء قيمياً وقد اختلفت قيمته ، فقيمته يوم قبضه بالعقد الفاسد - الذي هو يوم الضمان - قد اختلفت عن قيمة اليوم الذي تلف فيه فهل المدار على يوم القبض - اي يوم الضمان – أو على قيمة يوم التلف ؟

وفي هذا المجال استدل الفقهاء بصحيحة أبي ولاّد:- فإنها دلت على أن المدار على قيمة يوم المخالفة ، ويوم المخالفة هو بعبارة أخرى يوم الضمان الذي يكون في موردنا هو يوم قبض هذا المعقود بالعقد الفاسد فإنه ليس ملكاً لي فقبضته فيكون مضموناً ، هكذا دلت الصحيحة ، والآن نلاحظ هل تدل على ذلك أو لا تدل علة ذلك وإذا دلت على ذلك كيف نتعدى من موردها الذي هو الغصب إلى محل كلامنا الذي لا غصب فيه وإنما هو مقبوض بالعقد الفاسد والقابض لا بعلم ان العقد فاسد وإنما اتضح له الأمر بعد ذلك فلا يصدق عليه عنوان الغاصب فإذاً كيف نتعدّى من مورد الرواية إلى موردنا ؟ فإذاً هذان سؤالان.

والرواية وهي صحيحة السند ، وقد رواها الشيخ الكليني في الكافي والشيخ الطوسي في التهذيب وإذا كان هناك تفاوت فهو يسير جداً ، ونصها:- ( اكتريت بغلاً إلى قصر ابن هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا وخرجت في طلب غريمٍ لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبّرت أن صاحبي توجه إلى النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبّرت أنَّ صاحبي توجه إلى بغداد فاتبعته وظفرت به وفرغت مما بيني وبينه ورجعنا إلى الكوفة وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوماً فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضيته فبذلت له خمسة عشر درهماً فأبى أن يقبل فتراضينا بابي حنيفة فأخبرته بالقصّة واخبره الرجل ، فقال لي: وما صنعت بالبغل ؟ فقلت: قد دفعته إليه سليماً ، قال: نعم بعد خمسة عشر يوماً ، فقال ما تريد من الرجل ؟ قال: أريد كري بغلي فقد حبسه خمسة عشر يوماً ، فقالك ما أرى لك حقّاً لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة فخالفه وركب إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل سقط الكراء فلما ردّ البغل سليماً وقبضته لم يلزمه الكراء[1] ، قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة فأعطيته شيئاً وتحللت منه ، فحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام بما أفتى به أبو حنيفة فقالك في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها ، قال: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام فما ترى أنت ؟ قال: أرى له عليك مثل كري البغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل ومثل كري بغلٍ راكباً من النيل إلى بغداد ومثل كري بغلٍ من بغداد إلى الكوفة توفّيه إياه ، قال: فقلت جعلت فداك إني قد علفته بدراهم فلي عليه علفه ؟ فقال: لا لأنك غاصب ، فقلت: أرأيت لو عطب البغل ونفق[2] أليس كان يلزمني ؟ قال: نعم قيمة بغلٍ يوم خالفته ، قلت: فإنَّ أصاب البغل كسرٌ أو دَبَرٌ أو غمزٌ ؟ فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم تردّه عليه ، قلت: فمن يعرف ذلك ؟ قال: أنت وهو إما أن يحلف هو على القيمة فتلزمك فإن ردّ اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهور يشهدون أن قيمة البغل حين أُكري كذا وكذا فيلزمك ، قلت: إني كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني ؟ فقال: إنّما رضي بها وحلّلك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به فإن جعلك في حلّ بعد معرفته فلا شيء عليك بعد ذلك ، قال أبو ولاد: فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله (عليه السلام) وقلت له: قل ما شئت حتى أعطيكه فقال: قد حببت إلي جعفر بن محمد (عليهما السلام) ووقع في قلبي له التفضيل وأنت في حل وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذت منك فعلت[3] )[4] .


[1] والمقصود مما يقوله واضح فإنه يريد ان يقول إنه حينما خالف فهو قد ضمن لك قيمة البغل يعين متى ما حدث له شيء فهو ضامن قيمته وفي مقابل الضمان يلزم أن تكون المنافع له وهذا ما قد يعبّر عنه من عليه الغرم الغنم فهو الان يطبق هذه القاعدة أو يعبر عنها بلسان آخر وهو ( الخراج بالضمان ) فمادام ضامناً للعين فما يخرج من فوائد فهي بالضمان، والباء هنا في ( بالضمان ) باء المقابلة يعني مادام ضمن العين فالفوائد للضامن، ولا يهمنا مستند أبو حنيفة.
[2] العطب والنفق هو نفس المعنى غايته النفق مطلق الهلاك يقال هو بكسرٍ فالفارق بينهما عموم وخصوص مطلق.