1441/04/05


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

مسألة 204): دية قتل المسلم متعمّداً مائة بعير فحل [1] من مسان الإبل، أو مائتا بقرة أو ألف دينار وكلّ دينار يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم وكلّ درهم يساوي 2،6 حمّصة من الفضّة المسكوكة فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفيّة وربع المثقال أو مائتا حلّة و كلّ حلّة ثوبان

كان الكلام في اعتبار ان تكون الابل من المسان وذكرنا الروايات الدالة على ذلك، وطرحنا اشكالاً على التمسك بالروايات فبعد ان اسقطنا الروايات التي هي المستند لكل من اعتبار الفحولة وان تكون الابل من المسان عن الاعتبار على اساس اعراض المشهور عنها فكيف يمكن الاستناد اليها لاثبات الشرط الثاني

وجوابه: ان الاعراض له اسباب عديدة فليس دائماً يكشف عن خلل في سند الرواية والا لكان الاشكال تاماً اذ لا معنى للتبعيض في السند فالرواية اذا سقطت عن الاعتبار سنداً تسقط بجميع مضامينها، ولكن الاعراض قد يكون بسبب وجود معارض لمضمون الرواية او قام الاجماع على خلافه، فهذا لا يكشف عن خلل في السند وانما هذا المضمون لا يمكن الالتزام به لوجود المعارض او قيام الاجماع على خلافه، فلو كان لرواية مضمونان وقد وجد لاحدهما معارض او قام الاجماع على خلافه فان هذا لا يوجب اسقاط الرواية عن الحجية في المضمون الاخر بناء على التبعيض في الحجية وهو امر مسلم عندهم

ومن هنا يظهر انه لا مجال لان يقال بان ما ذكر مجرد احتمال ويحتمل في المقابل ان يكون اعراض المشهور عن الرواية لاجل خلل في السند فتسقط عن الحجية بلحاظ كلا المضمونين اذ لا يمكن التبعيض في السند

لانا نقول ان مجرد الاحتمال لا يمنع من الاخذ بما يكون الدليل حجة فيه فعلاً فان هذه الروايات مستكملة لشرائط الحجية وهذا المقتضي يقتضي ان تكون حجة فعلاً، وهذا تقريباً نظير ما اذا احتملنا كذب الراوي او خطأه في نقله، نعم لو كانت الرواية ذات مضمون واحد فانها تسقط عن الاعتبار بالاعراض راساً

وعلى كل حال فالرواية في محل الكلام فيها مقتضي الحجية وهو يؤثر اثره ما لم يمنع منه مانع، فان تاثير المقتضي ليس موقوفاً على احراز عدم المانع وانما يكفي عدم احراز المانع

وعلى هذا الاساس يمكن الاستدلال بالرواية على اعتبار ان تكون الابل من المسان لعدم اعراض المشهور عن ذلك بخلاف اعتبار ان تكون من فحولة الابل لاعراض المشهور عن اعتبار الفحولة

وهذا الكلام وان كان تاماً في حد نفسه، الا ان تطبيقه في محل الكلام صعب، باعتبار ان صحيحة معاوية بن وهب وموثقة ابي بصير موهونتان باشتمالهما على مضامين لا يمكن الالتزام بها وهي اعتبار الفحولة في الابل، واعتبار ان الدية لا بد ان تكون الفين من الغنم، واعتبار الترتيب بين الابل والغنم، فاكثر مضامين الروايتين لا يمكن الالتزام بها بل كلها الا واحد وهذا يوجب وهن الروايتين فيصعب الالتزام بهما

والى هنا ننتهي الى عدم اعتبار كلا الشرطين الاول والثاني، لصعوبة اثبات اعتبارهما بدليل واضح

واما الاجماع المدعى على اعتبار ان تكون الابل من المسان فهو منقول عن (الغنية وظاهر المبسوط والسرائر والمفاتيح وكشف اللثام) [2]

الا ان دعاوى الاجماع في المقام ليست واضحة والعمدة هو ما ذكره الشيخ (قده) في المبسوط (الدية عندنا أما مائة من الإبل أخماسا أو أرباعا، و روي ذلك أجمع)[3] فيفهم من قوله عندنا الاجماع، وفي النهاية ذكر انه يعتبر ان يكون من مسان الابل الا انه لم يدع الاجماع

وفي السرائر قال: (لأن الدية عندنا أما مائة من الإبل أخماسا و أرباعا) [4]

وذكر صاحب الجواهر (وأما ما عن المبسوط والسرائر ـ عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون‌ وعشرون بنت لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ـ فلم نجد له شاهدا فيما وصل إلينا من النصوص) [5] ومن هنا نفهم مقصود الشيخ (قده) من قوله (اخماسا وارباعا) وهو موجود في رواياتنا في دية القتل الخطأي، فمعنى اخماس اي ان كل عشرين من صنف، والارباع اي كل خمسة وعشرين من صنف

وفي كشف اللثام (عندنا مئة من مسان الابل)، وهذا موجود في كتب العامة ايضاً فعن ابي حنيفة واحمد ان الدية ارباع خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقاق وخمس وعشرون جذاع، والمالكية انها ارباع والشافعية انها اثلاث ثلاثون حقة وثلاثون جذعة واربعون خلفة، وعند ابن حزم اخماس،

فالشيخ الطوسي ادعى الاجماع بهذا الشكل لا باعتبار ان تكون من مسان الابل وهو ما فسرناه بالثنية وهي ما دخلت في عامها السادس

ولا يبعد ان المشهور يذهب الى اعتبار ان تكون من مسان الابل، وعليه فلا بد من الاحتياط وهو هنا لازم بينما الاحتياط في الشرط الاول استحبابي

واما الجنس الثاني: مئتا بقرة، ولا اشكال في دلالة الروايات على جواز دفع الدية من هذا الجنس والروايات هي

صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ((ولاهل السواد مئتا بقرة)) [6]

ومعتبرة ابي بصير ـ في حديث ـ قال : سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن الدية ، فقال : ((دية المسلم عشرة آلاف من الفضة ، و ألف مثقال من الذهب ، و ألف من الشاة على أسنانها أثلاثا، ومن الابل مائة على أسنانها ، ومن البقر مائتان))[7]

وصحيحة جميل بن دراج ، ((ومن أصحاب البقر البقر))[8]

ورواية أبي بصير ، قال : ((دية الرجل مائة من الابل ، فان لم يكن فمن البقر بقيمة ذلك))[9]

والظاهر انه لا يوجد خلاف في العدد فالمعتبر هو مئتان من البقر.