1441/04/17


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 206): دية شبه العمد أيضاً أحد الأُمور الستّة(1) وهي على الجاني نفسه(2)، إلّا أنّه إذا اختار تأديتها من الإبل اعتبر أن تكون‌تكون على الأوصاف التالية: أربعون منها خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقّة، وثلاثون بنت لبون

هناك امور ذكرها الفقهاء ترتبط بدية العمد، قالوا انها مغلظة في السن والاستيفاء اما السن فقد تقدم انها تكون من مسان الابل والمراد بها ما اكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة بينما في دية الخطأ يجوز دفع ما هو اقل من ذلك، واما من ناحية الاستيفاء فانها تستوفى في سنة بينما في الخطأ تستوفى في ثلاث سنين او سنتين، وذكروا بانه يعتبر في الابل ان تكون من ابله، ولا اشكال في ان مقتضى الاطلاق عدم اشتراط ذلك، ومن دون فرق بين ان تكون ابله اعلى مما اشترى او ادون، وذكر بعض الفقهاء ان لا تكون مراضاً واستدل له بدعوى انصراف الادلة عن المراض، الا ان هذا يمكن التامل به في ما اذا كان المرض الذي تصاب به الابل مرضاً عادياً متعارفاً، نعم اذا كان طارئاً غريباً يوجب سرعة التلف وامثاله فهذا لابد من الالتزام بانصراف الادلة عنه

وذكر المحقق (قده) في الشرائع بانه (وهل تقبل القيمة السوقية مع وجود الابل فيه تردد والاشبه لا) وظاهر تقييده عدم الجواز بوجود الابل هو القول بالجواز في حالة فقدان الابل، وهذه المسالة وان طرحت في الشرائع في الابل الا انه لا خصوصية للابل بل هي تجري في باقي الاصناف

والظاهر ان الصحيح هو ما ذكره في الشرائع من انه لا يتعين على ولي الدم ان يقبل بالقيمة مع وجود الابل او وجود الاصناف الاخرى والسبب في ذلك هو ان النصوص لما كانت ظاهرة في تخيير الجاني بين الاصناف الستة المذكورة فاذا اختار احدها فان ظاهر الروايات هو تعين قبول اولياء الدم بما اختاره القاتل، واما الزامهم باخذ القيمة السوقية فلا يفهم من الادلة اطلاقاً

نعم تقدم ان الشيخ (قده) في المبسوط يرى ذلك فذكر (الذي يقتضيه مذهبنا أنه إذا كان من أهل الإبل فبذل القيمة قيمة مثله كان له ذلك، و إن قلنا ليس له ذلك كان أحوط)[1] ولكن لم يوافقه احد على هذا، لان ظاهر الادلة لا تساعد على ذلك

واما مع فقدان الابل فيفهم من عبارة الشرائع ان للجاني الحق في الزام المقابل بقبول القيمة وقد عبر عنه في الجواهر بانه ضعيف معللاً اياه ب(ضرورة الانتقال الى غيرها من الافراد الميسورة له)، ولكن قلنا بان المسألة لا تطرح في الابل فقط فيمكن طرحها بانه لو فقدت الاصناف الستة باعيانها فهل يحق للجاني الزام اولياء الدم بقبول القيمة او لا؟ وهذا الفرض وان كان نادراً او لا وجود له الا انه لا يبعد ان يقال بدفع القيمة في هذا الفرض للقطع بعدم سقوط الدية راساً، ولكن هذا على اطلاقه مشكل في ما اذا رضي اولياء المقتول بالانتظار

    1. والظاهر ان هذا من المسلمات عندهم ولم ينقل الخلاف فيه من احد وتدل عليه الروايات، فهناك نماذج من الروايات موضوعها الدية او دية القتل وهو اعم من القتل الخطأي والعمد

منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في الجاهلية مائة من الابل فأقرها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ثم إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة ، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثنية ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة ألف درهم ، وعلى أهل اليمن الحلل مائتي حلة.

قال عبد الرحمن بن الحجاج: فسألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عما روى ابن أبي ليلى ، فقال : كان علي (عليه ‌السلام) يقول : الدية ألف دينار ، وقيمة الدينار عشرة دراهم ، وعشرة آلاف لأهل الامصار))[2]

ومنها صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : ((الدية عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، قال جميل : قال أبو عبدالله (عليه ‌السلام) : الدية مائة من الابل))[3]

ومنها مرسلة يونس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) ـ في حديث ـ قال : ((الدية عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، أو مائة من الابل))[4]

ومنها صحيحة جميل بن دراج ، في الدية ، قال : ((ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم. ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل ، ومن أصحاب الابل الابل))[5]

ومنها رواية عبيد الله بن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : ((الدية ألف دينار ، أو اثنا عشر ألف درهم ، أو مائة من الابل))[6] وفي سندها القاسم بن سليمان ووقع فيه كلام وان روى عنه بعض الاجلاء كيونس والنظر بن سويد والحسين بن سعيد، نعم اذا امنا بالمسلك القائل بان الشخص المعروف في الروايات يكفي في توثيقه عدم القدح به وهذا الشخص من المعاريف حيث روى مئة وتسعة عشر رواية، ولكننا لا نقبل هذه الكبرى

ومنها رواية أبي بصير ، قال : ((دية الرجل مائة من الابل ، فان لم يكن فمن البقر بقيمة ذلك))[7]

ومن هنا يظهر ان دية القتل مطلقا هي احد هذه الاصناف الستة

    2. قالوا بان هذا امر متسالم عليه بين الاصحاب فلم ينسب الخلاف فيه الا الى الحلبي في الكافي حيث قال انها على العاقلة، ويستدل لقول المشهور بامور

منها: اطلاق الاية الشريفة ((وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ)) وهذه الاية باطلاقها شاملة للخطأ المحض ولكن نخرجه بالادلة الاتية الدالة على ان ديته على العاقلة، ولكن الكلام في ظهور الاية في انها على الجاني فان الاية لم تقل (عليه)، ولا يبعد في ان الاية فيها اشعار بانها على الجاني فكما ان تحرير رقبة مؤمنة عليه كذلك الدية عليه ،

وعلى كل حال لا نحتاج الى الاستدلال بهذا لوجود ادلة وافية على ذلك

منها صحيحة زرارة ، قال : سألت ( أبا عبدالله عليه‌السلام) عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم؟ فقال : ((عليه الدية وصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم))

 


[1] المبسوط: 7/118.
[2] الوسائل: الباب1 من أبواب ديات النفس ح1.
[3] الوسائل: الباب1 من أبواب ديات النفس ح5.
[4] الوسائل الباب1 من أبواب ديات النفس ح7.
[5] الوسائل الباب1 من أبواب ديات النفس ح4.
[6] الوسائل: الباب1 من أبواب ديات النفس ح10.
[7] الوسائل الباب1 من أبواب ديات النفس ح12.