1441/04/27


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 73 ) حكم المال الذي باعه الفضولي عند عدم تحقق الاجازة من مالكه – شروط المتعاقدين.

وفي مقام التعليق نقول: -

أما الرواية الأولى فيمكن أن يقال: - إنَّ الجارية عادة هي في جميع وقتها مستخدمة المنافع فهي إما أنها تكنس أو تطبخ أو غير ذلك، فعادةً لا توجد فترة تفوت فيها منافعها من دون استخدام، ولعل سكوت الامام عليه السلام عن ذلك هو من باب أنَّ نافعها مستوفاة دائماً، أما من دون استيفاء فعادةً ليس لها منافع حتى يقول الامام عليه السلام إنها تضمن أو لا تضمن.

إن قلت: - كيف لا تكون لها منافع غير مستوفاة، أوليس أنها تأكل في فترةٍ وتنام في فترةٍ وتسترح في فترةٍ أخرى وما شاكل ذلك، فإنَّ هذه الفترات تفوت فيها المنفعة من دون استيفاء، فإذاً ليس من الصحيح أن تقول إن الجارية عادةً ليس لها منافع غير مستوفاة، بل لها منافع غير مستوفاة وهي ما يفوت في حالة النوم الأكل وغير ذلك؟

قلت: - إنَّ المقصود من المنفعة غير المستوفاة وأنها تضمن أو لا تضمن فيما إذا أمكن استيفاؤها ولكن لم تستوفَ، كما لو قال لها اجلسي ولا تعملي وهي جلست مدّة ساعة أو أكثر من دون عمل فهنا هذه المنافع يمكن استيفائها لكن المولى لم يستوفِها، وقد قلنا إنَّ هذا الشيء عادةً غير موجود.

فإذاً الطابع العام في منافعها أنها مستوفاة كالخدمة في البيت وما شاكل ذلك، وأما فترة النوم والأكل وما شاكل ذلك فهي ليست مصداقاً للمنفعة غير المستوفاة، باعتبار أنَّ المقصود من المنفعة غير المستوفاة هي ما أمكن استيفاؤها ولم تستوفَ، وهذه المنفعة حالة النوم أو الأكل لا يمكن استيفاؤها حتى يقال إنه يمكن استيفاؤها ولم تستوفَ والامام عليه السلام سكت عنها، فالتمسّك بهذه الرواية لا يخلو من إشكال، فإنها ليست واضحة في عدم ثبوت ضمان المنافع الفائتة من دون استيفاء.

وأما الرواية الثانية فنقول في الجواب: - إنَّ الامام عليه السلام لم يذكر حتى المنافع المستوفاة ولم يقل أنها مضمونة، والحال أنَّ الجميع متفق على أنَّ المنافع المستوفاة في العين المغصوبة مضمونة من لا كلام، فإذاً لا يمكن أن نستكشف من سكوت الامام عليه السلام عن ضمان المنافع غير المستوفاة أنها ليست مضمونة، إذ كما سكت عنها سكت عن المنافع المستوفاة، ولعله عليه السلام لم يكن في مقام البيان من هذه الناحية وإنما هو في مقام حلّ المشكلة، فالإمام عليه السلام علّم السائل هذه الطريقة، أما ماذا يترتب على ذلك فهو ليس في مقام البيان من ناحيته، فإذاً من هذه الرواية لا يمكن استفادة عدم ثبوت الضمان بلحاظ المنافع غير المستوفاة في العين المغصوبة.

وأما الرواية الثالثة فنقول: - إنَّ الجواب هو الجواب، حيث يقال:- إنَّ البغل عادةً يستفاد من منافعة مادام يمكن الاستفادة، فهو يركبه عادةً في كل الفترة التي يمكن فيها ذلك، ولا توجد له فترة تكون المنافع فيها ثابتة ولكنها لم تستوفَ، إلا في حالة نوم البغل أو أكله أو ما شاكل ذلك وتلك لا تعد من المنافع الفائتة، فإنَّ المقصود من المنافع الفائتة ما يمكن استيفاؤه ولم يستوفَ، وهو في حالة نومه أو أكله لا يمكن استيفاء المنفعة منه حتى يقال إنَّ له منافع قد فاتت من دون استيفاءٍ والامام عليه السلام لم يحكم بالضمان، فمن القريب أن يكون عدم بيان الامام هو من هذه الناحية، ونحن لا نجزم بذلك وإنما نذكره من باب الاحتمال الوجيه، وعليه فلا يمكن أن نفهم من هذه الروايات حكماً مخالفاً للقاعدة التي ذكرناها.

والخلاصة من كل هذا: - المناسب هو الأخذ بما تقتضيه القاعدة، أما هذه الروايات فلا يمكن أن يستظهر منها بشكلٍ واضح ما يتنافى مع القاعدة.

وقبل أن ننهي كلامنا عن هذه المسألة نذكر قضية جانبية: - وهي أنَّ السيد الخوئي(قده) في تقريره ذهب إلى ما نقلناه عنه من التفصيل بين العين المغصوبة وبين المقبوض بالعقد الفاسد، ففي المقبوض بالعقد الفاسد حكم بعدم الضمان، وأما في المغصوبة فقد فصّل بين المنافع المستوفاة وحكم بكونها مضمونة، وأما المنافع غير المستوفاة فقد حكم بعدم ضمانها، ولكنه لم يذكر هذا التفصيل في عبارة المتن وإنما حكم بالضمان بشكلٍ مطلق، قال:- ( المنافع المستوفاة مضمونة ...... أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال والضمان أظهر )، يعني أنه من دون تفرقة بين الموارد سواء كان بالعقد الفاسد أو بالغصب فعلى كلا التقديرين تكون المنافع المستوفاة مضمونة، ولا فرق بين ما أُعِدَّ للانتفاع كالفنادق وسيارة الأجرة وبين ما لم يُعَدّ لذلك والحال أنه فصَّل في ذلك.

 

مسألة( 74 ):- المثلي ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات والقيمي ما لا يكون كذلك، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس والفيروز ونحوها من القيمي.

..........................................................................................................

قبل الشروع في بيان هذه المسألة نذكر ملاحظتان: -

الملاحظة الأولى: - كان من المناسب ذكر هذه المسألة بعد مسألة ( 57 )، فإنه ذكر هناك أنَّ المثلي يضمن بمثله والقيمي يضمن بقيمته، فكان من المناسب ذكر هذه المسألة بعد تلك المسألة لأجل الارتباط الموجود بينهما.