32/12/05


تحمیل
 مسألة( 289 ):- يجب على الحائض والنفساء بعد انقضاء أيامهما وعلى المجنب الاغتسال للطواف ومع تعذر الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم والأحوط الأولى حينئذ الاستتابة أيضاً ومع تعذر التيمم تتعين الاستتابة.

 تتضمن المسألة حكم من عليه حدث أكبر خلافا للمسألة السابقة فإنها كانت ناظرة إلى من عليه الحدث الأصغر فإذا تمكن من عليه الحدث الأكبر من الاغتسال للطواف وجب عليه وإلا فعليه التيمم من دون حاجة إلى النيابة وان كان الأحوط استحبابا ذلك .
 نعم إذا تعذر التيمم تعينت عليه الإنابة لأجل الطواف والصلاة.
 وكان من المناسب فنياً جعل هذه المسالة تتمة لسابقتها ، ففي المسالة السابقة كان النظر إلى المحدث بالأصغر وبعد بيان حكمه - من عليه التيمم فان تعذر فالنيابة - كان من المناسب أن يعطف على ذلك ويقال ( وكذا المحدث بالأكبر ) فان الحكم هو الحكم .
 نعم هناك فارق صغير وهو أنه إذا تعذر التيمم في المحدث بالأصغر وجبت النيابة والأحوط الأولى - على ما ذكر هو ، ونحن قلنا الأحوط وجوباً - أن يضم الطواف بالمباشرة بلا وضوء ولا تيمم إلى ذلك ، وأما هنا فلا يأتي هذا الاحتياط الوجوبي ولا الاستحبابي والنكتة واضحة لأنه مجنب فيحرم عليه دخول المسجد فإذا أراد أن يحتاط بأن يباشر الطواف من دون طهارة كان ذلك معارضاً بالاحتياط بعدم دخول المسجد ما دام هو جنباً . وعلى أي حال فعقد مسألتين لا داعي إليه.
 ولكن ما هو التخريج الفني لتعيُّن التيمم في المرحلة الأولى ان أمكن فان لم يمكن فالنيابة ؟
 ان الوجه في ذلك هو ما تقدم من المقدمات الثلاث:-
 الأولى:- ان الوضوء شرط في صحة الطواف بنحو الإطلاق يعني لا تختص شرطيته بحالة التمكن ، ويتمسك لذلك بإطلاق بعض النصوص التي دلت على أنه لا طواف إلا مع الوضوء بخلاف بقية مناسك الحج والعمرة .
 وهذه المقدمة لازمة إذ لولاها للزم سقوط شرطية الوضوء حالة عدم التمكن منه فيأتي المكلف بالطواف من دون وضوء ولا تيمم.
 الثانية:- بعد أن كانت شرطية الوضوء مطلقة فالمناسب عند تعذرها بمقتضى القاعدة سقوط الطواف عن الوجوب والجزئية بل أصل الحج فان المركب يسقط عن الوجوب بتعذر جزءه ، ولكن لعلمنا من الخارج ولو بمقتضى الارتكاز المتشرعي من أن الحج لا يحتمل سقوطه رأساً بتعذر بعض أجزاءه وهكذا الطواف فيبقى وجوب الطواف على حاله رغم تعذر شرطه.
 والثالثة:- دلت بعض النصوص على أن التراب أحد الطهورين ولازم ذلك عند تعذر الوضوء الانتقال إلى التيمم.
 إذن المناسب في المقام عند تعذر الغسل من الجنابة أو من الحيض أو النفاس هو الانتقال إلى التيمم . أما عند تعذر التيمم فالمناسب آنذاك هو النيابة لما دل على أن من لا يتمكن من الطواف فعليه الإنابة وهذا لا يتمكن من الطواف إذ لا يتمكن من الوضوء ولا من التيمم فتكون وظيفته النيابة ، ولكن ذلك الاحتياط الوجوبي الذي ذكرناه هناك يأتي هنا لوجاهة احتمال أن دليل النيابة الذي قال ( من لا يستطيع أن يطوف فعليه الإنابة ) منصرف إلى من لا يستطيع بدنياً ، وإذا شككنا في الانصراف فتأتي المقدمة التي أشرنا إليها وقلنا أنها معتبرة في جواز التمسك بالإطلاق وهي أن يستهجن الإطلاق لو كان مراد المتكلم واقعاً هو المقيد وهنا يقال لا استهجان فانه لوجاهة هذا الاحتمال يكون المناسب هو الإتيان بكلا الطرفين ، أي النيابة ومباشرة الطواف من دون طهارة ، وهذا كله مطلب واضح.
 نعم هناك مشكلة خاصة أشار إليها غير واحد من الأعلام كصاحب المدارك(قده) [1] وصاحب الجواهر(قده) [2] وحاصلها:- ان التيمم مشروع لمثل الصلاة التي تعتبر فيها الطهارة وهكذا لبقية الأمور التي تعتبر فيها الطهارة أما لأجل دخول المسجد فلم تثبت شرعيته ، فلذلك لو فرض إن المكلف كان محدثاً بالأصغر أو الأكبر وأراد الصلاة ولم يتمكن من الغسل أو الوضوء فوظيفته هي التيمم أو أنه أرادت الطواف فكذلك وهذا واضح أما أنه يريد أن يدخل المسجد وهو لا يتمكن من الغسل فهنا لم تثبت شرعية التيمم لدخول المسجد ، والمشكلة هي مشكلة القصور في المقتضي أي لا دليل على شرعية التيمم لذلك ، وعليه فكيف يدخل الجنب والحائض إلى المسجد بالتيمم والمفروض أنه لم تثبت شرعيته لأجل دخول المسجد ؟ وهذه مشكلة تواجه من عليه الحدث الأكبر دون من عليه الحدث الأصغر فان دخوله إلى المسجد جائز ، أما المحدث بالأكبر فلا يجوز له الدخول فإذا أراد أن يتيمم فيكون تيممه باطلاً أو بالأحرى لا يمكن الاجتزاء به وبالتالي لا يمكنه الطواف فتكون الوظيفة في حقه هي النيابة ، وقد نسب إلى فخر الدين ذلك.
 وصاحب المدارك(قده) بعد أن نقل هذا قال ( وهو ضعيف ) ولم يذكر وجه الضعف ، ولعل الوجه هو أن يقال:- صحيح أنه لم تثبت مشروعية التيمم لأجل دخول المسجد بيد أنه يوجد طريق شرعي للتخلص من هذه المشكلة وهو أن يتيمم لأجل الطواف أو لأجل عمل آخر مشروط بالطهارة فإذا تيمم لأجل ذلك صار متطهراً وبالتالي سوف يباح له دخول المسجد لأنه متطهر غايته أنه لم يتيمم لدخول المسجد حتى يقال ان التيمم لدخول المسجد لا دليل على شرعيته بل تيمم لقضية أخرى مشروطة بالطهارة كالطواف مثلاً فيشرع له دخول المسجد ولا مشكلة آنذاك.
 نعم الأحوط استحباباً أن يستنيب حتى لو تيمم لعمل آخر ودخل المسجد ووجه الاحتياط هو أن المنسوب إلى فخر الدين كما قلنا هو أن دخول المسجد لا يباح بالتيمم يعني مطلقاً حتى لو كان التيمم لعمل آخر وبناءاً على رأيه يكون الاحتياط الاستحبابي آنذاك شيئاً وجيهاً لو كان مجرد مخالفة فقيه أو فقيهين تقتضي الاحتياط الاستحبابي وان كان هناك مجال بان يقال هذا المقدار من المخالفة لا يكفي فلو فرض أن المخالف جماعة فنعم أما واحد فلا.
 ولكن كما قلنا مقتضى القاعدة هو كفاية التيمم ما دام الإتيان به لهدف آخر غير دخول المسجد كالطواف فانه يصير متطهراً ودخول المسجد آنذاك يكون جائزاً له ولا مشكلة فالقاعدة تقتضي جواز ذلك.
 
 
 مسألة ( 290 ):- إذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حال الإحرام أو بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها صبرت إلى ان تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها وان لم يسع الوقت فللمسألة صورتان ...........الخ.

 ..........................................................................................................
 هذه المسالة تتضمن بيان حكم الحائض وأن وظيفتها هل تنتقل إلى حج الإفراد فيما إذا كان الوقت ضيقاً لا يسع لأن تصبر إلى أن تطهر وتؤدي الطواف والركعتين ثم بقية الإعمال ، أو يحق لها أن ترجيء الطواف والركعتين إلى ما بعد النفر من الحج فحينما تريد أن تأتي بطواف الحج تأتي قبل ذلك بطواف العمرة بعد فرض أنها قد طهرت واغتسلت . ان هذا كلام قد وقع بين الفقهاء
 وفي البداية نلفت النظر إلى أن هذه المسألة - أعني بيان حكم الحائض وأنها تنتقل إلى الإفراد أو ترجئ الطواف - ذكرها جمع من الفقهاء في باب الطواف عند بيان شرائطه التي منها الطهارة فانه بهذه المناسبة يتعرض إلى حكم الحائض والنفساء هكذا صنع السيد الماتن(قده) ومن قبل ذلك صنع شيخه النائيني(قده) في مناسكه وربما صنع ذلك آخرون ، ولكن شريحة أخرى من الفقهاء لم تذكر هذه المسألة هنا بل ذكرتها في أقسام الحج فحينما يذكر أن أقسام الحج ثلاثة وأن وظيفة البعيد هي التمتع والقريب الإفراد أو القران فبالمناسبة تذكر هذه المسألة فيقال ان المرأة إذا كانت حائضاً وضاق عليها الوقت فتنتقل وظيفتها إلى الإفراد ، هكذا صنع صاحب الشرائع(قده) فانه بعد أن ذكر أقسام الحج الثلاثة قال ( ولو دخل بعمرته إلى مكة وخشي ضيق الوقت جاز له نقل النية إلى الإفراد وكانت عليه عمرة مفردة وكذا الحائض والنفساء إذا منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء الإحرام بالحج لضيق الوقت عن التربص ).وهكذا بالنسبة إلى السيد اليزدي(قده) في العروة الوثقى فانه ذكر هذه المسألة في فصل أقسام الحج فراجع [3] .وهذه قضية جانبية.
 وتوجد قضية أخرى أيضاً ينبغي الالتفات إليها:- وهي أن محل الكلام ينحصر بما إذا ضاق عليها الوقت عن الانتظار وإلا يجب عليها البقاء على التمتع والإتيان بحج التمتع ، وهذا مطلب واضح.
 وبعد اتضاح هذا نقول الأقوال في المسألة متعددة ولعلها خمسة أو ستة وقبل عرضها لابد من عرض روايات المسألة:-أتي قبل ذلك بطواف العمرة بعد فرض انها قد طهرت واغتسلت ان هذا كلام وقع بين الفقهاء
 وفي البداية نلفت االنظر الى ان هذه المسالة ا


[1] المدارك 8 115.
[2] الجواهر 19 270.
[3] العروة الوثقى مسالة 4 من فصل أقسام الحج.