33/05/12


تحمیل
 الموضوع :- مسألة ( 324 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وثانياً:- ان منهجة البحث ليست منهجة سليمة فهو(قده) وهكذا بقية الأعلام أخذوا يبحثون عن ان الشخص المذكور هل حصل منه التحلّل من الاحرام أو لا ؟ فهم قالوا لم يحصل التحلّل من الاحرام فلا حاجة الى احرام جديد لدخول مكة ، بينما هو قال قد حصل التحلّل بشكلٍ قهريٍ فيحتاج الى احرام لأجل دخول مكة ، أي ان الطرفين أناطا المسألة وربطاها بمسألة أخرى وهي أن التحلّل حصل أو لم يحصل منه ؟ والحال أن المناسب علميّاً ملاحظة دليل وجوب الاحرام لدخول مكة ، أي نلاحظ هل أن له اطلاق وشمولية للفرد المذكور الذي نسى الطواف أو أنه ليس له اطلاق ؟ فاذا فرضنا أنه ليس له اطلاق وكان هناك قصور في المقتضي فالإحرام لا يجب من باب القصور في المقتضي وعدم الدليل سواء بنينا على أنه تحلّل من احرامه أم لا ، أي أنه تحلّل منه كما أراد السيد الخوئي(قده) ولكن مادام هناك قصور في المقتضي - أي في مقتضي وجوب الاحرام لدخول مكة - فلا فنقول بالوجوب آنذاك.
 واذا رجعنا الى تلك الروايات فلعل أحسنها حالاً صحيحة محمد بن مسلم ( سألت أبا جعفر عليه السلام:- هل يدخل الرجل مكة بغير احرام ؟ قال:- لا الّا مريضاً أو من به بَطَن ) [1] فانه قد يقال هي مطلقة وشاملة لمثل المقام فانه عليه السلام لم يجوّز دخول مكة بغير احرام الّا لصنفين وليس المقام من أحدهما فيكون مقتضى الاطلاق هو وجوب الاحرام لدخول مكة.
 ولكن هذا وجيه لو فرض أن الامام عليه السلام من البداية هو الذي قال ( لا يدخل شخص مكة بغير احرام الّا من به بطن أو كان مريضاً ) فآنذاك يصحّ التمسك بإطلاق كلام الامام ، بيد أن المفروض هو أنه لم يقل ذلك ابتداءً وانما سأله السائل عن جواز دخول مكّة بغير احرام أو لا واجاب عليه السلام ( كلا الا لصنفين ) ، وهنا نقول:- ان السائل حينما سأل ليس ناظراً الى مثل مقامنا وانما هو ناظر الى الحالات الطبيعية ، وعلى الأقل نحتمل أن الامام عليه السلام فهم منه ذلك - أي النظر الى الحالات الطبيعية - فأجابه ( كلا الّا في حالتين ) ، أما اذا كانت الحالة غير طبيعية بأن فرض أنه نسي الطواف فأراد أن يدخل لأجل قضاءه فهل مثل ذلك منظور للسائل ؟ انه ان لم نجزم بعدم نظره الى ذلك فلا أقل من أنّا نحتمل أن الامام عليه السلام فهم منه النظر الى الحالة الطبيعية ، ومعه لا يمكن أن نستفيد منه العموم.
 ان قلت:- هذا وجيه اذا بنيبنا على أن الاطلاق هو عبارة عن الجمع بين القيود ، أما اذا قلنا أنه عبارة عن رفض القيود فلا يأتي ما ذكر ، وهذا من أحد الثمرات العملية بين هاتين الفكرتين - أي فكرة تفسير الاطلاق بالجمع بين القيود وتفسيره برفض القيود - فانه لو فسرنا الاطلاق بالجمع بين القيود بمعنى أن المتكلم يلاحظ هذه الحالة وتلك الحالة ....... وهكذا وبعد أن ينظر الى جميع الحالات يصدر حكماً مطلقاً ، وبناءً عليه فلا يشمل الاطلاق الحالات الشاذة النادرة التي لا تخطر الى الذهن لأن المتكلم تخطر الى ذهنه الحالات المتعارفة وأما الحالات الشاذة النادرة فلا ، كما لو قال ( أكرم انساناً مؤمناً ) وفرضنا وجود انسان له رأسان أو أكثر وله أيدي أربعة - أي حالة شاذة نادرة فان مثل هذه الحالة لا يلتفت اليها المتكلم فالإطلاق لا يشملها بناءً على تفسيره بالجمع بين القيود ، وحالتنا كذلك في المقام فإنها حالة شاذة ونادرة فأين الانسان الذي ينسى الطواف !! فلا يشملها الاطلاق.
 وأما اذا فسّرنا الاطلاق برفض القيود ، بمعنى أن المتكلم يلاحظ الطبيعة ويصبّ الحكم عليها من دون أن يحتاج الى ملاحظة الحالات المختلفة فحينما يقول ( أكرم انساناً مؤمناً ) يلتفت الى طبيعة الانسان المؤمن كطبيعة كليَّة بقطع النظر عن مشخصاتها ، وبناءً على هذا التفسير سوف يعمّ الاطلاق والحكم المطلق حتى الحالات الشاذّة.
 وحيث أن التفسير الصحيح للإطلاق هو هذا ففي موردنا نقول لك أيضاً ، أي نقول:- ان هذه الحالة وان كانت حالة شاذة قد لا تخطر الى ذهن السائل ولكن الاطلاق ليس عبارة عن ملاحظة الحالات وصبّ الحكم عليها بل هو عبارة عن ملاحظة الطبيعة لا أكثر وصبّ الحكم عليها ، وبناءً على هذا فسوف يشمل مثل هذا الحكم المطلق لحالتنا.
 قلت:- هذا وجيه لو فرض أن الامام عليه السلام قد أصدر حكماً مطلقاً من البداية ، ولكن المفروض في المقام هو أنه مصداق لمسألة ترك الاستفصال يدل على العموم وليس مقامنا مصداقاً لباب الاطلاق اذ لا يوجد لفظٌ ومفهومٌ حتى يتمسك بإطلاقه ، وانما السائل قد سأل وقال ( هل يجوز الدخول بلا احرام ) والامام عليه السلام قال ( لا ) ولم يستفصل.
 اذن المورد من موارد عدم الاستفصال يدل على العموم ، ومن الثمرات المترتبة على البابين هو مثل ما ذكرناه فان المورد اذا كان يدخل تحت باب الاطلاق فيمكن التمسك به لشمول الحكم للحالة الشاذة ، أما بعدما كان من باب ترك الاستفصال فلعل الامام عليه السلام لم يستفصل من باب أن سؤال السائل هو عن الحالة الطبيعية غير الشاذة ، وعلى هذا الأساس تكون استفادة شمولية الحكم المذكور - وهو عدم جواز الدخول الا بإحرام - أمر ٌمشكل.
 اللهم الا اذا افترضنا شيئاً آخر:- وذلك بأن نجزم بعدم الخصوصية وأن النكتة نكتة عامة - أي النكتة التي تشمل الحالات الطبيعية تشمل حالتنا وأنه لا خصوصية في البين - فاذا فرض الجزم بعدم الخصوصية فالتعدي لمثل موردنا يكون شيئاً وجيهاً ، ولكن الجزم المذكور أمرٌ مشكلٌ.
 والنتيجة النهائية من كل هذا:- هي أنه لا يجب لأجل دخول مكة الاحرام من جديد وذلك من جهة القصور في المقتضي على البيان الذي أشرنا اليه.
 نعم هناك بعض الأمور التي ترتبط بالمقام وهي كما يلي:-
 الأمر الأول:- لو بنينا على وجوب الاحرام لدخول مكة - ونحن لم نبن عليه - فلو فرض أن المكلف خالف ودخل مكّة من دون احرام وطاف فهل يقع طوافه صحيحاً ؟
 والجواب:- نعم ، فان الطواف لم يثبت اشتراطه بالإحرام ونشك في اعتباره فيه فيكون مجرى للبراءة ، فالمكلف يكون عاصياً بسبب دخوله مكّة بلا احرام - فيما اذا فرض أنه ملتفت - وأما الطواف فيقع صحيحاً بلا مانع.
 الأمر الثاني:- لو فرض أنه دخل مكة بعد الاحرام فيلزم أن يأتي بعمرة مفردة فان دخول مكة يحتاج الى احرام بمعنى الاحرام لعمرة مفردة ، والسؤال:- هل يقدِّم أعمال العمرة المفردة على الطواف الذي يلزم قضاءه أو يقدم القضاء على أعمال العمرة المفردة ؟
 والجواب:- حيث أنه لا دليل على أحدهما بالخصوص فالمرجع هو البراءة عن خصوصية التعيين ، أي انا نشك باشتغال ذمتنا بتعيّن أحدهما فيكون ذلك منفيّاً بالبراءة ، والنتيجة هي التخيير.
 الأمر الثالث:- قد تقدم ان من أراد قضاء الطواف فالأحوط له أن يقضي السعي أيضاً - لما تقدم من بيان - وكان من المناسب للسيد الماتن(قده) التنبيه على ذلك ، بل قد تقدم منّا أن الأحوط اعادة طواف النساء لو فرض أنه قد أتى به.
 الأمر الرابع:- لا فرق في كل ما ذكرناه بين طواف العمرة وطواف الحج فانه لأجل دخول مكة يلزم الاحرام - بناءً على وجوبه - من دون فرق بين أن يكون الطواف الذي يريد قضاءه هو طواف الحج أو طواف عمرة التمتع أو طواف العمرة المفردة.
 وأيضاً على تقدير الجميع لا يلزم الاحرام لأجل الطواف وانما يلزم الاحرام - ان كان - لأجل دخول مكة بناءً على وجوبه.
 الأمر الخامس:- لو فرض أن المكلف لم ينس الطواف وانما أتى به بنحوٍ باطلٍ بحيث التفت الى بطلانه بعد ذلك - يعني لو فرض أنه التفت الى أن طواف العمرة أو طواف الحج قد أتى به مع وضوء باطل - فهل يلزم آنذاك خلع المخيط ولبس ثوبي الاحرام وتجنّب محرمات الاحرام ؟
 انا لم نقل بذلك في الناسي تمسكاً بالإطلاق المقامي لصحيحة على بن جعفر فان الامام عليه السلام لم يقل في مقام الجواب ( انه يلزم أن يخلع المخيط و....... ) ومقتضى الاطلاق المقامي كفاية قضاء الطواف بلا حاجةٍ الى كل ما ذُكر ، ولكن حيث أن الرواية واردةٌ في النسيان فنقتصر على موردها ، أما لو كان قد أتى به بشكلٍ باطلٍ فيلزمه خلع المخيط ولبس ثوبي الاحرام وتجنّب محرّمات الاحرام اذا كان المنسي طواف عمرة التمتع أو طواف العمرة المفردة ، وأما طواف الحج فلا يشترط فيه الاحرام.
 نعم ذكر السيد الخوئي(قده) بالنسبة الى طواف عمرة التمتع أنه ينحلُّ بشكلٍ قهريٍ ما دام قد انتهى ذو الحجَّة ، وهذا شيءٌ وجيهٌ وعلى طبق القاعدة ، ونحن انما خالفناه في الناسي فان الناسي قلنا أنه يوجد مجال للحكم ببقاء احرامه لأجل أنه نسى ، أما اذا فرض أنه لم يكن ناسياً فنتمسك بالقاعدة وهي تقتضي انحلال احرامه بشكل قهري فيما اذا فرض أن الباطل كان هو طواف عمرة التمتع ، وأما بالنسبة الى العمرة المفردة فحيث أنه لا وقت لها فيكون باقياً على احرامه الى أن يأتي بالطواف ، فيلزمه أن يترك محرمات الاحرام.


[1] الوسائل 12 403 50 من ابواب الاحرام ح4.