33/07/12


تحمیل
 الموضوع:- مسألة ( 333 ) / الواجب الرابع من واجبات عمرة التمتع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وفيه:- ان هذا البيان أقرب إلى الكلام الخطابي منه بالعلمي ، فمن أين يلزم فيما بُني عليه الإسلام أن يكون قربياً ، نعم يبعد أن يبنى على غير القربي ولكن مجرد البعد لا يكفي لذلك.
 وإذا غضضنا النظر عن ذلك فيمكن أن نقول:- سلمنا أن يكون ما يبنى عليه الإسلام قربياً ولكن من أين أنه يلزم يكون قربياً بكامل أجزاءه ؟ فلعله كذلك بمعظم أجزاءه وليس بكاملها.
 من هنا يكون الأجدر الاستدلال على قربية الحج بما أشرنا إليه غير مرة ، أعني الارتكاز المتوارث فانه من خلاله يمكن أن نثبت قربية كل العبادات أو أغلبها ، فالحج مثلاً يوجد ارتكاز متوارث بين الجميع على أنه قربي بكامل أجزاءه وليس هذا الارتكاز ناشئاً من فتاوى الفقهاء لما أشرنا إليه من أن هذا الارتكاز ثابت في أذهان الفقهاء أيضاً فننقل الكلام هذا ارتكاز الثابت في اذهان الفقهاء ونقول من أين هو ؟ يلزم أن يكون له سبب وليس السبب إلا تلقي ذلك من معدن العصمة والطهارة ، وعليه فلا اشكال في قربية السعي لأجل ما أشرنا إليه.
 النقطة الرابعة:- لا يعتبر في السعي ستر العورة.
 والوجه في ذلك واضح فان لزوم الستر يحتاج إلى دليل وحيث أنه مفقود فنتمسك بأصل البراءة ، وأنا بيّنت مراراً أن البراءة التي نجريها كيف نجريها ؟ لا نجريها عن وجوب الستر في السعي بل في أصل الحج ، بمعنى أنّا نشك هل أن ذمتنا قد اشتغلت بالسعي المقيّد بالستر ؟ نعم نجزم بأنها اشتغلت بالسعي ، أما بالسعي المقيّد بالستر فلا فننفيه بالبراءة . ولكن لا ينبغي لشخص أن يتوهم ويقول:- فليخرج الإنسان ليس من دون ساتر بناءً على قولكم بعدم الوجوب ، كلا فان هذا واضح الوهن إذ المقصود هو من حيث هو سعي لا يلزم ذلك أما من جهة وجود الناظر فيجب الستر ، نعم إذا خُليَّ لك السعي فلا بأس بذلك.
 النقطة الخامسة:- لا يلزم في السعي الطهارة من الحدث - سواء الأصغر أو الأكبر - ولم ينسب الخلاف في ذلك إلا إلى ابن أبي عقيل العماني كما أشار إلى ذلك في الجواهر [1] فانه نسب إليه الاشتراط ، ولعل ذلك لظاهر بعض الروايات التي سنشير إليها.
 وعلى أي حال المناسب عدم الاشتراط فان ذلك هو مقتضى الأصل الأوّلي واللزوم هو الذي يحتاج إلى دليل.
 وإذا قلت:- هناك بعض الروايات الدالة على اشتراط الطهارة من الحدث.
 قلت:- انها معارضة بما دلّ على عدم لزوم ذلك ، فان أمكننا الجمع العرفي بحمل ما ظاهره الاشتراط على الاستحباب فيثبت رجحان ذلك لا لزومه ، وان لم يمكن تعارضا فتساقطا وكان المرجع هو الأصل والنتيجة واحدة على جميع التقادير وهي عدم اللزوم.
 والروايات هي:-
 أما ما ينفع ابن أبي عقيل فهو من قبيل:-
 الأولى:- صحيحة الحلبي ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تطوف بين الصفا والمروة وهي حائض ، قال:- لا ، ان الله تعالى يقول " ان الصفا والمروة من شعائر الله " ) [2] وهي دالة على اعتبار الطهارة من الحدث الأكبر ولا تدل على اعتباره من حيث الأصغر.
 الثانية:- موثقة ابن فضال ( قال أبو الحسن عليه السلام:- لا تطوف ولا تسعى إلا بوضوء ) [3] وهي تدل على اعتبار الطهارة من الحدث الأصغر وبالأولوية على اعتباره من الحدث الأكبر .
 الثالثة:- رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام ( عن الرجل يصلح أن يقضي [4] شيئاً من المناسك وهو على غير وضوء ) [5] .
 هذا ما يدل على الاشتراط.
 وأما ما يدل على العدم:- فهو مثل صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( لا بأس أن تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف فان فيه صلاة والوضوء أفضل ) [6] ، وعلى منوالها صحيحة رفاعة بن موسى [7] وغير ذلك ، وهذه الأخيرة واضحة الدلالة على عدم الاعتبار.
 وإذا قلت:- هذه مختصة بالأصغر ولا تدل على أنه لا يعتبر الطهارة من الأكبر.
 قلت:- توجد صحيحة أخرى لمعاوية وهي ( سأل أبا عبد الله عليه السلام ...... وسأله عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى ، قال:- تسعى ) [8] .
 وعليه فان أمكن الجمع العرفي بحمل ما ظاهره الاشتراط على الأفضلية والرجحان فبها ، والا فنرجع إلى الأصل بعد التعارض والتساقط.
 النقطة السادسة:- لا تعتبر الطهارة من الخبث.
 وهذا لم يشر إليه في كلمات المتقدمين ولعله لوضوح المطلب والتسالم على ذلك ويكفينا أصل البراءة بعد عدم الدليل على اشتراطها من الخبث فانه لا توجد رواية تدل على ذلك.
 النقطة السابعة:- الأولى رعاية الطهارة في السعي من الحدث ومن الخبث.
 والوجه:- أما بالنسبة إلى الطهارة من الحدث فباعتبار وجود روايات وقد صرّح في بعضها ( والوضوء أفضل ) كما في صحيحة معاوية . إذن لا اشكال في أن الأرجح هو مراعاة الطهارة من الحدث . وأما الطهارة من الخبث فلا يوجد ما يمكن أن يستند إليه لإثبات الرجحان والاستحباب ، اللهم إلا عن طريق القضايا الخطابية بأن يقال:- هو حج مثلاً وهو مبني على التوجه إلى الله تعالى فمن المناسب أن يكون لباس المكلف طاهر ، وقد قال صاحب الجواهر في هذا المجال ( بل صرح جماعة أيضاً باستحباب الطهارة من الخبث فيه وان كان لم يحضرني ما يشهد له سوى مناسبة التعظيم ، وكون الحكم ندبياً يكتفى بمثله بنحو ذلك ) . وهذا مركب من مقدمتين:-
 الأولى:- ان المناسب للتعظيم هو الطهارة من الخبث.
 والثانية:- ان في الأمور الاستحبابية والندبية يكفي مثل هذه البيانات الخطابية.
 
 مسالة ( 333 ):- محل السعي انما هو بعد الطواف وصلاته فلو قدّمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الاعادة بعدهما . وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد السعي.
 ..........................................................................................................
 تشتمل هذه المسألة على نقطتين:-
 النقطة الأولى:- ان السعي متأخر عن الطواف فلو قدّمه على الطواف عمداً لزمته الاعادة ، والحكم متسالم عليه ولم يعرف فيه خلاف وتدل عليه روايات عقد لها صاحب الوسائل باباً [9] وذكر ثلاث روايات يمكن أن يستفاد منها ذلك ، منها صحيحة منصور بن حازم ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، قال:- يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما ) [10] ، ونحوها غيرها . على أنه يمكن أن يدّعى الارتكاز المتوارث ، بمعنى أن سيرة المسلمين قد جرت على الاتيان بالسعي بعد الطواف بنحو اللزوم - أي كان المرتكز في اذهانهم هو لزوم ذلك-.
 النقطة الثانية:- لو فرض أن الشخص نسي فقدّم السعي على الطواف فلا يبطل بذلك حجّه أو عمرته ما دام عن نسيان ، والقاعدة وان اقتضت البطلان أو لزوم الاعادة بنحو يحصل الترتيب ان أمكن ولكن دلّت بعض الروايات أنه يقضي الطواف ان كان في مكة وأما إذا كان خارجها فتكفيه النيابة وقد تقدم كل ذلك [11] .


[1] الجواهر 19 410.
[2] الوسائل 13 493 15 من أبواب السعي ح3.
[3] المصدر السابق ح7.
[4] يقضي بمعنى يأتي واستعمال القضاء بمعنى ما يؤتى به خارج الوقت هو مصطلح جديد من الفقهاء.
[5] المصدر السابق 8.
[6] المصدر السابق ح1.
[7] المصدر السابق ح2.
[8] المصدر السابق ح5.
[9] الوسائل 13 413 63 من أبواب الطواف.
[10] المصدر السابق ح2.
[11] في مسألة ( 322 ).