37/02/04


تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 24.
الأمر الثاني المتعلق بالإشباع هو مسألة كفاية المرة الواحدة فالمنسوب إلى المشهور هو كفاية المرة الواحدة وعدم الحاجة إلى التكرار, ويدل عليه صدق الاطعام على الاشباع مرة واحدة, أي يصدق العنوان المأمور به في الادلة واذا صدق العنوان فلا حاجة في التوقف حينئذ, ويضاف إلى ذلك أن صحيحة أبي بصير (قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن أوسط ما تطعمون أهليكم، قال : ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك، قلت : وما أوسط ذلك ؟ فقال : الخل والزيت والتمر والخبز يشبعهم به مرة واحدة، قلت كسوتهم، قال : ثوب واحد) [1]ورد فيها (يشبعهم به مرة واحدة) وهذه العبارة ظاهرة في كفاية المرة الواحدة في الاطعام من دون فرق بين أن تكون تلك المرة في النهار أو في الليل, نعم تقدم أن هذه الرواية واردة في كفارة اليمين فلابد أن يكون التعدي لمحل الكلام بعدم القول بالفصل أي عدم الفصل بين الكفارات في هذه الموارد.
وفي مقابل هذا الرأي ينسب إلى الشيخ المفيد رأي آخر وهو أنه يرى لزوم اشباعهم في يوم واحد حتى لو استلزم الأمر اطعامهم مرات عديدة وقيل أنه استند إلى رواية سماعة بن مهران (عن أبي عبد الله)عليه السلام ) قال : سألته عن قول الله : " من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم " في كفارة اليمين قال : ما يأكل أهل البيت يشبعهم يوما، وكان يعجبه مد لكل مسكين، قلت : أو كسوتهم، قال : ثوبين لكل رجل .)[2]
وهذه الرواية مرسلة لعدم معرفة طريق العياشي إلى سماعة بن مهران, مضافاً إلى أنه لابد من حملها على الاستحباب كما ذكروا بأعتبار أن صحيحة ابي بصير صريحة في كفاية المرة الواحدة فإذا دلت هذه الرواية على عدم كفاية المرة الواحدة ولابد من التعدد لابد من حملها على نوع من الاستحباب جمعاً بينها وبين الصحيحة الصريحة في كفاية المرة الواحدة, ويمكن للمتأمل أن يقول بأنها ليس فيها دلالة على عدم كفاية المرة الواحدة لأنه قد يفهم منها كفاية المرة الواحدة لكن بشرط أن يكون بمقدار يشبعهم ليوم كامل, فليس فيها صراحة في المرات المتعددة لتكون منافية لصحيحة ابي بصير فكأنها تضيف شرطاً آخر وهو أن هذه المرة الواحدة لابد أن تكون كافية ليوم كامل.
الأمر الثالث: هل يعتبر أن يكون الاشباع بمد أو لا ؟؟ الصحيح عدم اعتبار ذلك ولا مقدار محدد للإشباع بل يتحقق بكل مقدار يحصل به سواء كان مداً أو اكثر أو اقل, وهذا هو مقتضى اطلاق الادلة الدالة على وجوب اطعام ستين مسكيناً, بل لولا ما تقدم من أن الظاهر من الاطعام هو الاشباع فقد يقال بأن الاطعام يصدق حتى بأقل من مقدار الاشباع كما لو اطعمه بنصف ما يشبعه, ولكن تقدم سابقاً من أن الانصراف والمفهوم من الاطعام هو المتعارف الذي يتحقق به الاشباع.
الأمر الرابع: الذي يتعلق بالإشباع هو مسألة تساوي الصغار والكبار _وهذا البحث يأتي في باب التسليم ايضاً_ وهل يوجد فرق بين الصغار والكبار أو لا؟؟ فالمسألة فيها خلاف فهناك رأي معروف يقول بلابدية الدفع للصغير بنفس المقدار الذي يدفع للكبير في حالة الاجتماع (الصغار والكبار) ويحسب كل اثنين من الصغار بواحد من الكبار في حال انفرادهم كما لو اراد أن يطعم ستين مسكيناً صغيراً ,و مقتضى القاعدة في المقام _اي مقتضى الادلة العامة للكفارة_ تساوي الكبير مع الصغير وعدم الفرق بينهما, فالأدلة تقول مثلاً يجب اطعام ستين مسكيناً وهو يصدق على الصغير كما يصدق على الكبير أما اختلاف الكمية التي يأكلونها فهي حاصلة حتى في الكمية التي يشبع فيها الكبار, بل قد تجد بعض الصغار غير البالغين يأكل اكثر من الكبير.
فالمناط في الاطعام هو صدق العنوان (اطعام مسكين) ومن الواضح بأنه يصدق سواء اشبع صغيراً أو كبيراً, نعم قد يشكك في الصدق بالنسبة إلى الطفل الرضيع وقد ينصرف عنه (اطعام المسكين).
إذن مقتضى القاعدة هو عدم الفرق بين الصغير والكبير ومقتضاها ايضاً عدم الفرق بين الحالات (حالة اجتماع الصغار والكبار وانفرادهم).
أما بلحاظ الادلة الخاصة فهناك عدة روايات واردة في هذا المجال وكلها تامة سنداً بحسب الظاهر وهي:
صحيحة يونس بن عبد الرحمن( عن أبي الحسن ( عليه السلام )، قال : سألته عن رجل عليه كفارة إطعام عشرة مساكين، أيعطي الصغار والكبار سواء والنساء والرجال، أو يفضل الكبار على الصغار، والرجال على النساء ؟ فقال : كلهم سواء . الحديث)[3]
وهذه الرواية تامة سنداً والكلام في انها ناظرة إلى محل الكلام (الاشباع) أو ناظرة إلى التسليم فالتعبير الوارد فيها (أيعطي) وهو ظاهر في التسليم والتمليك ولا يقال في الاشباع يعطي لعدم الاعطاء والتمليك فيه لأن الذي فيه هو الاباحة, وحينئذ شمول الرواية لمحل الكلام غير واضح بل جزم جماعة بذلك واعتبروها من ادلة التسليم وذكروها في بابه, ومن هنا لابد من عزل هذه الرواية عن محل الكلام.
وموثقة غياث بن إبراهيم ( عن أبي عبدالله ( عليه السلام )، قال : لا يجزئ إطعام الصغير في كفارة اليمين، ولكن صغيرين بكبير)[4]
وهذه الرواية واردة في محل الكلام وظاهرها عدم كفاية اطعام الصغير وإنما كل اثنين منهم يعدون بواحد ومقتضى اطلاق الرواية عدم الفرق بين صورة انفراد الصغار وبين صورة اجتماعهم مع الكبار.
وموثقة السكوني (عن جعفر، عن أبيه، أن عليا ( عليه السلام )، قال : من أطعم في كفارة اليمين صغارا وكباراً، فليزود الصغير بقدر ما أكل الكبير)[5]
وهذه الرواية واردة في الاطعام (محل الكلام) وهي ظاهرة في كفاية اطعام الصغير وتساويه مع الكبير لكن بشرط أن يزيد الصغير عندما يأكل بمقدار اقل من الكبير, وهذه الرواية أن كانت مطلقة بلحاظ حالة الاجتماع وحالة الانفراد تكون معارضة لموثقة غياث بن ابراهيم لأنها مطلقة بلحاظ حالة الاجتماع والانفراد وتدل على أن كل صغيرين يحسبان بكبير, بينهما هذه الرواية تدل على اشتراط دفع ما ينقص عن الكبير, أي ولو بوجبة اخرى.
قالوا اذا قلنا بأطلاق الرواية الثانية(موثقة السكوني) يتحقق التعارض بين الروايتين واذا لم نقل بأطلاقها وقلنا بأنها مختصة بحالة الاجتماع مع الكبار وهذا ما قد يفهم من قوله (صغارا وكباراً) أي يفهم منها انهم مجتمعين, فحينئذ تختلف المسألة لأن النسبة بينهما تكون نسبة الخصوص والعموم المطلق لأن موثقة غياث تشمل حالة الاجتماع والانفراد وموثقة السكوني تختص بحالة الاجتماع, وحينئذ نعمل بصورة الانفراد بموثقة غياث بن ابراهيم (كل صغيرين بكبير) وفي حالة الاجتماع لابد أن يُدفع للصغير بمقدار ما يأكله الكبير ويحسب كالكبير (أي لا يحسب كل صغيرين بكبير) , فنعمل بكل من الروايتين لكن بعد التخصيص.
أما اذا كانت موثقة السكوني مطلقة فأنه يتحقق التعارض ولحله وجوه ذكروها
ورواية الحلبي( عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : هو كما يكون أن يكون في البيت ( من يأكل المد، ومنهم ) من يأكل أكثر من المد ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك، وإن شئت جعلت لهم ادما والادم أدناه ملح، وأوسطه الخل والزيت، وأرفعه اللحم .)[6]
وجميع هذه الروايات واردة في كفارة اليمين ولذلك تكون مسألة عدم الفصل مهمة في المقام.