37/03/28


تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد.
ذكر السيد الخوئي (قد) عدم صدق الافطار على الاخلال بالنية _ وهو صحيح_ ثم ترقى وقال بأنه من اخل بالنية يصدق عليه بأنه صائم, غاية الأمر أن صيامه باطل فالصيام ينقسم إلى قسمين صيام صحيح وصيام باطل وفاسد.
وهذا المطلب لا يمكن التصديق به على نحو الاطلاق, فأنه يصح في بعض حالات الاخلال بالنية لكنه لا يصح في بعض الحالات الاخرى, كما لو ترك النية اصلاً فمن الصعب أن يقال بأنه يصدق الصوم فالصوم من الافعال القصدية التي يتوقف تحققها على القصد والنية ولا يتحقق هذا المفهوم من غير قصد ونية كما هو الحال في جميع الافعال القصدية التي يكون القصد مقوماً لها.
نعم قد يصدق هذا في مثل الرياء فعدم الرياء معتبر شرعاً في العبادات ومفهوم الصوم غير متقوم بعدم الرياء, وإنما هو متقوم بقصده (أي قصد الصوم) أما أن تكون النية صادرة منه على نحو قربي فهذا شيء اعتبره الشارع وهنا يصح كلام السيد الخوئي (قد) فنستطيع أن نقول بأن الذي اخل بالنية بأن جاء بها رياءً يكون قد قصد الصوم ونواه لكن الداعي فيه كان غير قربي, فيصح أن يقال بأن هذا صائم لكن صومه باطل.
إذن كلام السيد الخوئي (قد) بأن مجرد الاخلال بالنية لا يصدق الافطار صحيح لكن قوله بل يصدق بأنه صائم لا يمكن قبوله على اطلاقه.
ومن هنا يظهر أن عنوان المفطر غير عنوان المبطل فبعض الامور تكون موجبة للإفطار الذي تترتب عليه الكفارة وبعض الامور تكون موجبة لبطلان الصوم الذي يترتب عليه القضاء دون الكفارة, فالإفطار هو عبارة عن نقض الامساك بتناول المفطر( أو تناول المفطر المسبوق بالعدم), وهو لا يصدق على مجرد الاخلال بالنية, ومن هنا اشرنا إلى كلام وقع بينهم في أن (افطر) يختص بالأكل والشرب عند البعض وعممه البعض إلى جميع المفطرات.
وهنا يرد اشكال على ما انتهيا إليه وهو اذا كان الاخلال بالنية مبطلاً للصوم بضميمة أن استعمال المفطر دائماً مسبوق بالإخلال بالنية لأنه دائماً مسبوق بقصده (أي يكون مسبوقاً بنية القاطع) فهو ينوي الاكل أو الشرب أو الارتماس فإذا كان الاخلال بالنية مبطلاً وموجباً لفساد الصوم فما هو حكم الارتماس_ أو الاكل أو الشرب أو غير ذلك من المفطرات_ الخارجي فأي معنى للقول بأنه مبطل للصوم, لأن المفروض أن البطلان قد تحقق في مرحلة اسبق منه.
وهذا الاشكال يتعين أن يجاب عنه بهذا الشكل
إنه حينما يقولون بأن هذه الامور مبطلة للصوم فأن المراد بذلك شأنية الابطال لا فعليته, فمقتضى الجمع بين هذا الكلام وبين ما يقولونه هو أن نحمل كلماتهم على الشأنية أي انهم يريدون أن يقولون بأن الاكل له شأنية الابطال وهذه الشأنية والصلاحية قد تكون فعلية في بعض الحالات وغير فعلية في الحالات الاخرى.
ففي حالات العلم بالحكم والموضوع لا تكون هذه الحالات فعلية وإنما تبقى شأنية صرفة لأنه دائماً يكون استعمال المفطر مسبوقاً بالإخلال بالنية والمفروض أن الاخلال بالنية يكون موجباً للبطلان والفساد فلا يكون نفس الاكل مبطلاً لأنه مسبوق بالإخلال بالنية.
أما في حالت الارتماس(أو غيره) في حال الجهل فأن هذه الحالة تكون فعلية ويكون الارتماس هو الموجب لبطلان الصوم وان كان هذا الارتماس مسبوقاً بنيته لكنه لما كان جاهلاً بالحكم أو حتى لو كان جاهلاً بالموضوع كما لو كان يجهل بأن هذا ماء فأرتمس فيه, فنية الارتماس ليست نية موجبة لبطلان الصوم بل يبطل الصوم بالارتماس نفسه, أي أن الارتماس مبطل فعلاً أي أن الصلاحية والشأنية فعلية.
إلى هنا تبين أن الصحيح في هذا المورد _فيما اذا كان الاخلال بالنية_ أنه يجب القضاء دون الكفارة, وذلك لأنه اذا قلنا بأن موضوع وجوب الكفارة نفس تناول المفطر فواضح (لأن المفروض أنه لم يتناول المفطر), واذا قلنا بأن موضوع وجوب الكفارة _كما احتملناه_ هو الافطار فلأننا نمنع من صدق الافطار على مجرد الاخلال بالنية.
قال الماتن
الثالث : إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه يوم أو أيام كما مر.
تقدمت هذه المسألة مفصلاً في مسألة (50) في فصل ما يجب الامساك عنه, وتبين هناك أن ما ذكره صحيح للروايات الخاصة الدالة على وجوب القضاء في مثل هذه الحالات, وتقدم ايضاً أن هذا من مختصات شهر رمضان, كما أنه يختص بنسيان غسل الجنابة فلا يشمل غسل الحيض وامثاله, وفي مثل هذه الموارد يجب الرجوع إلى القواعد وهي تقتضي الصحة وعدم وجوب القضاء لأن منافيات الصوم امور محدودة وليس منها هذه الامور (نسيان غسل الحيض ونسيان غسل النفاس). ولولا النص لألتزمنا في المقام بصحة الصوم وعدم وجوب القضاء, واقتصرنا بالحكم على مورد النص لأنه على خلاف القاعدة.
هذا هو الدليل على عدم وجوب القضاء في المقام أما عدم وجوب الكفارة فواضح فأما أن نقول بعدم وجود الدليل على وجوبها في المقام بل يمكن أن يقال بأنه في بعض الاحيان يمكن أن يستفاد من نصوص المسألة عدم وجوب الكفارة لأنها تتعرض لوجوب القضاء وتصرح به وتسكت عن وجوب الكفارة وقد يفهم منها بدلالة الاطلاق المقامي أو ما يشبهه عدم وجوب الكفارة بل يمكن أن يقال أن ما تقدم سابقاً بأن الكفارة نوع من انواع المؤاخذة وهو لا يناسب أن تثبت في حالات النسيان وحالات النوم وعدم الشعور وعلى كل حال فالمهم هو عدم وجود دليل على وجوب الكفارة في محل الكلام.
قال الماتن
الرابع : من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه وأنه كان في النهار سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجزا عنها لعمى أو حبس أو نحو ذلك أو كان غير عارف بالفجر وكذا مع المراعاة وعدم اعتقاد بقاء الليل بأن شك في الطلوع أو ظن فأكل ثم تبين سبقه بل الأحوط القضاء حتى مع اعتقاد بقاء الليل ولا فرق في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب بل الأقوى فيها ذلك حتى مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل )
الذي يجمع هذا الموارد هو أنه اكل من دون مراعاة وفيه حالات :-
الحالة الاولى: نفترض أنه كان غافلاً عن طلوع الفجر فأكل من دون أن يفحص وتبين بعد ذلك أنه اكل في النهار.
الحالة الثانية: نفترض أنه قاطع ببقاء الليل واكل من دون مراعاة وتبين بعد ذلك أنه اكل في النهار.
الحالة الثالثة: نفترض بأنه شاك ببقاء الليل وطلوع الفجر فأستصحب بقاء الليل واكل من دون مراعاة وفحص خارجي ثم تبين أنه اكل بعد طلوع الفجر.
ففي هذه الحالات اذا اكل وتبين أنه اكل بعد طلوع الفجر يقول السيد الماتن بأنه يجب عليه القضاء دون الكفارة, والظاهر أن هذا الحكم في الجملة لا خلاف فيه بل اُدعي عليه الاجماع في كلمات اكثر من واحد, نعم تعميم هذا الحكم لبعض التفاصيل محل كلام وليس مورداً للإجماع والاتفاق, كما في ما اذا لم يراعِ لعجزه فأنه محل خلاف, والذي يمكن أن يُستدل به على هذا الحكم في الجملة هو بعض الروايات المعتبرة:-
الرواية الاولى: صحيحة الحلبي (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين ؟ قال : يتم صومه ذلك ثم ليقضه . . . الحديث)[1]
والشاهد في الرواية قوله (ليقضه) أما قوله (يتم صومه) فسوف يأتي بأن ذلك تأدباً.