37/04/26


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد(المورد السابع).

يلاحظ على كلام السيد الخوئي (قد) من أن الصحيحتين عبارة عن صحيحة واحدة أنه لا يوجد شيء في المقام يؤيد ذلك مع أنه يوجد اختلاف كبير بينهما في جملة من الخصوصيات منها:-

اولاً: أن الرواية الاولى تتعرض للصلاة والرواية الثانية ساكتة عن ذلك.

ثانياً: الروايتان تختلفان في تحديد الغروب فالرواية الاولى تحدد وقت الغروب بغياب القرص بينما الثانية تحدده بظهور الانجم الثلاثة وذلك في صدرها الذي ذكر في الباب الاخر ولم يذكر في هذه الباب وهو (زرارة قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن وقت إفطار الصائم ؟ قال : حين يبدو ثلاثة أنجم . . . الحديث)[1] نعم يحتمل أن ترجع العلامة الاولى والثانية إلى شيء واحد لكن المعروف أن هناك اختلافاً بينهما.

وعلى كل حال هناك خصوصيات اخرى تختلف فيها الروايتان ومع وجود هذا الاختلاف كيف يمكن اثبات أن الرواية واحدة؟؟!!

إذن الجزم بأن الرواية واحدة صعب جداً هذا بالنسبة إلى ما ذكره من أن الرويتين عبارة عن رواية واحدة.

أما بالنسبة إلى حمل الروايتين على صورة الظن المعتبر فقد قلنا بأنه يمكن أن يكون له وجه في الرواية الاولى بنكتة أن الامام عليه السلام هو الذي تصدى لبيان المسألة فنستطيع القول بأن الامام عليه السلام يتحدث عن شخص اعتقد دخول الليل وبعد ذلك رأى الشمس طالعة وهنا قد يقال بأن الامام يتحدث عن شخص ملتزم, فيكون مجال لحمل الروايات على صورة حصول الظن المعتبر, لأن الملتزم لا يفطر الا اذا حصل له ظن معتبر بدخول الليل.

أما بالنسبة إلى الرواية الثانية فلا يتوجه هذا الكلام لأن الامام عليه السلام يُسأل عن رجل ظن أن الشمس قد غابت ثم تبين الخلاف, فلماذا نحمل ظن ذلك الرجل على الظن المعتبر؟؟ فهو اعم من الظن المعتبر ولا داعي للتقييد والتخصيص بالرجل الملتزم بالأحكام الشرعية ولا يوجد في الرواية قرينة على هذا التخصيص.

نعم قلنا بأن الصائم لا يقدم على الافطار الا بمسوغ, لكن المسوغ شيء والظن المعتبر شيء آخر, فقد يكون المسوغ الذي يكتفي به هو خبر الاذاعة وما شابه ذلك ويعتبره مسوغاً ويقدم على الافطار اعتماداً عليه, وعلى كل حال فاطلاق هذه الرواية يدل على أن كل من ظن بغياب الشمس فأفطر ثم تبين الخلاف بعد ذلك ليس عليه قضاء سواء نظر بنفسه وكان في السماء غيم أم لم يكن كذلك بأن نظر بنفسه ولم يكن في السماء غيم أو لم ينظر بنفسه بل اعتمد على اخبار مخبر, وحينئذ لا داعي لتقييده بما سيأتي في المسألة الاتية (خصوص تقييده بما اذا كان في السماء علة).

قد يقال كما في المستمسك الذي يريد أن ينتهي إلى نفس النتيجة التي انتهى اليها السيد الخوئي (قد) وهي أن هذه الرواية الثانية _وهو لا يقول بوحدة الروايتين_ اجنبية عن محل الكلام وهي ناظرة إلى المسألة الاتية كما يقول السيد الخوئي (قد) لكن بطريق آخر فهو استدل على ذلك بأمرين:-

الأمر الاول: فاء التفريع في قول (قال لرجل ظن ان الشمس قد غابت فافطر)[2] حيث انها دالة على الترتب وتصلح أن تكون قرينة على ارادة خصوص الظن الذي يجوز العويل عليه بضميمة ما ذكره السيد الخوئي (قد) من أن الظن الذي يجوز التعويل عليه في هذه المقامات هو ذلك الظن الذي يكون مع وجود علة في السماء (والذي هو ناشئ من المراعاة).

الأمر الثاني: ملاحظة اصالة الصحة في فعل المسلم, فهذه قرينة ثانية على حمل الظن في الرواية على خصوص الظن المعتبر الذي يجوز التعويل عليه.

ثم يتمم كلامه فيقول بناءً على هذا لا اطلاق في الرواية للظن حتى يؤخذ به في محل الكلام وإنما المتيقن منه ما يجوز العمل به وهو ما يحصل مع المراعاة مع وجود علة في السماء كما سيأتي.

ويرد عليه

أن فاء التفريع تدل على ترتب ما بعدها (الافطار) على ما قبلها (ظن أن الشمس قد غابت) لكن هذا لوحدة ليس قرينة على حمله على الظن المعتبر فهو مجرد ترتب, فهذا المدعى إنما يتم عندما نفترض أن المكلف كان رجلاً ملتزماً وعارفاً بالموازين الشرعية وعارفاً بأن الظن لا يكون معتبراً في هذه المقامات الا مع وجود علة في السماء, فإذا كان كذلك نقول بأن افطاره لا يترتب الا مع الظن المعتبر, أما اذا فرضنا رجلاً غير ملتزم أو ملتزم لكنه غير عارفٍ, كما هو حال اكثر الناس حيث لا يعرفون بأن الظن المعتبر في باب الاوقات هو خصوص الظن الحاصل نتيجة المراعاة مع وجود علة في السماء, وحينئذ هل قول (قال لرجل ظن ان الشمس قد غابت فافطر) يشكل قرينة على أن افطاره كان بعد فرض الظن المعتبر بهذا المعنى؟؟ الجواب كلا .

فتقييد الرجل بكونه متديناً وعارفاً بالموازين الشرعية حتى يكون التفريع قرينة على أن الظن في الرواية هو خصوص الظن المعتبر في هذه المقامات ليس في الرواية ما يشير إليه اطلاقاً.

هذا بالنسبة إلى الأمر الاول أما الأمر الثاني وهو اصالة صحة فعل المسلم فالمقصود بها في المقام أن السؤال عن رجل ظن أن الشمس قد غابت ومقتضى اصالة الصحة في فعل المسلم هو حمل فعله على الفعل الصحيح شرعاً وهو أنه لا يفطر الا اذا حصل له ظن معتبر والظن المعتبر في هذه المقامات هو ذلك الظن_ أي ما يحصل مع المراعاة مع وجود علة في السماء _ فنحمل الرواية عليه.

ويلاحظ عليه أن القدر المتيقن من اصالة الصحة هي ما اذا كان المسلم الذي يحمل فعله على اصالة الصحة عارفاً بصحة العمل وفساده وما يعتبر في صحته وما يكون مؤثراً في فساده فعندئذ نقول بحمل فعله على الصحة ومثال ذلك من يذبح ذبيحة فأن كان يعلم شرائط الذبح وشككنا بأنه ذبح بالحديد أو لا أو شككنا بالتسمية, فنقول مقتضى حمل فعل المسلم على الصحة أن نحمل فعله على الصحيح وان كان هذا الشخص ليس هكذا بل كان غير عارف بتلك الشروط فلا يمكن حمل فعله على الصحة, فلا تشمله اصالة الصحة, وفي محل الكلام رجل ظن أن الشمس قد غابت ولا يمكن حمل فعله على الصحة الا اذا كان عارفاً بأن الظن المعتبر في هذه المقامات هو ظن خاص لا يتحقق الا بالمراعاة مع وجود علة في السماء, فإذا كان كذلك وافطر بعد الظن لابد من القول أن مقتضى حمل فعله على الصحة أن هذا الظن الذي حصل له هو ذاك الظن الخاص, وأما اذا لم يكن كذلك كما هو الحال في اغلب المكلفين حيث لا يعرفون شرط التعويل على الظن , فهذا اذا عول على ظن وافطر لا مجال لحمله على الصحة والقول بأن الظن الذي حصل له هو ذاك الظن الخاص, وانصافاً أن جريان اصالة الصحة في المقام ليس واضحاً .