37/05/06


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد(المورد الثامن).

(الثامن : الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطأه ولم يكن في السماء علة وكذا لو شك ........)[1]

والذي يظهر من العبارة في الأمر الثامن أنه (قد) فرض أن الافطار تارة يكون مع القطع بدخول الليل بسبب الظلمة واخرى يكون مع الشك وثالثة يكون مع الظن هذا من جهة ومن جهة اخرى أن الافطار تارة يفترض أن تكون في السماء علة واخرى أن لا تكون في السماء علة فتكون الحصيلة ست صور, وقد حكم السيد الماتن (واخرون)بالقضاء فيها الا في صورة واحدة وهي صورة ما اذا ظن بدخول الليل مع وجود غيم أو غيره في السماء فلا يجب فيها القضاء وهو يختص بالغروب ولا يأتي في الفجر.

ويتبين مما تقدم أن هذا المطلب لا يمكن الموافقة علية من جهات:-

اولاً: لو سلمنا أن المراد بالظن في الروايات هو الظن الاصطلاحي بمعنى الاحتمال الراجح فالظاهر أن نفس الروايات تدل على عدم القضاء في صورة القطع بالأولوية ولا داعي للتفصيل والقول أنه في صورة الظن بغياب الشمس مع وجود غيم اذا افطر وتبين الخلاف لا يجب القضاء وفي صورة القطع والاعتقاد بغياب الشمس مع وجود غيم نقول بوجوب القضاء, وقد اشير إلى هذه الاولوية في كلماته بأن الدليل الدال على نفي القضاء في صورة الظن بناءً على تفسير الظن بالاحتمال الراجح يدل على نفي القضاء في صورة القطع بغياب الشمس من باب اولى.

ثانياً: قلنا أن صحيحة زرارة الثانية تدل على نفي القضاء مطلقاً وليس فيها تقييد بغيم أو نحوه وكذلك صحيحة زرارة الاولى مطلقة من هذه الناحية, وتقدم بأن هذا القيد موجود في رواية الكناني ورواية الشحام وقلنا بأن هاتين الروايتين حتى لو كانتا تامتا سنداً فلا تقيدان اطلاق صحيحة زرارة.

ثالثاً: أن المقصود بالظن في الروايات الاعتقاد وليس الاحتمال الراجح, فإذا استثنينا من القاعدة لابد من استثناء صورة الاعتقاد والجزم لا صورة الظن بمعنى الاحتمال الراجح وبناءً على هذا يكون الصحيح هو أن الدليل يدل على عدم وجوب القضاء في صورة الاعتقاد بدخول الليل سواء كانت هناك علة في السماء أم لا وسواء كان سبب الاعتقاد الجازم هو التحري والفحص من قبل الصائم نفسه أم من قبل سبب آخر فكل هذا نقوله بمقتضى اطلاق الروايات الدالة على نفي القضاء.

وهناك مطالب جزئية ترتبط بالعبارة

 

(الثامن : الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطأه ولم يكن في السماء علة وكذا لو شك أو ظن بذلك منها بل المتجه في

الأخيرين) أي الشك والظن اذا لم يكن الظن حجة ( الكفارة أيضا لعدم جواز الإفطار حينئذ ولو كان جاهلا بعدم جواز الإفطار فالأقوى عدم الكفارة ) لعدم التعمد للإفطار وان كان تعمد الفعل حاصلاً ولابد من تقييد الجهل بالجهل القصوري لا التقصيري والا فلعل الاحوط يكون الالتزام بوجوب الكفارة عليه (وإن كان الأحوط)استحباباً في صورة القصور (إعطاؤها نعم لو كانت في السماء علة فظن دخول الليل فأفطر ثم بان له الخطأ لم يكن عليه قضاء فضلا عن الكفارة) وهذا هي الصورة الوحيدة التي استثناها (ومحصل المطلب أن من فعل المفطر بتخيل عدم طلوع الفجر أو بتخيل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور إلا في صورة ظن دخول الليل مع وجود علة في السماء من غيم أو غبار أو بخار أو نحو ذلك) تعميم العلة مع أن المذكور في الروايات هو السحاب فقط يحتاج إلى كلام وما نقوله هو أن الدليل على في القضاء في محل الكلام كان عبارة عن صحيحتي زرارة وهما مطلقتان تشملان صورة عدم وجود علة في السماء فضلاً عن أن تكون علة كالبخار وحينئذ يثبت التعميم بأطلاق هذه الروايات, نعم مورد رواية الشحام والكناني صورة وجوب السحاب أو الغيم في السماء لكن قلنا مراراً أن هاتين الروايتين لو تمتا سنداً لا تقتضيان تقييد اطلاق صحيحة زرارة.

نعم بناءً ما ذهبوا إليه حيث جعلوا المستند في نفي القضاء رواية الكناني ورواية الشحام أو لنفترض ذلك أن المستند في ذلك هو رواية الكناني ورواية الشحام فحينئذ يأتي هذا البحث لأن هذه الروايات واردة في صورة وجود السحاب في السماء, وهل يمكن التعدي من السحاب إلى غيره كالبخار والغبار أو لا يمكن ؟؟ يظهر من السيد الماتن التعدي إلى مطلق العلة في السماء خصوصاً أنه عطف على الغبار والبخار ب(نحو ذلك). لكن هذا التعدي غير واضح الا أن نقول أن ذكر السحاب في الرواية ليس له دخل سوى بيان أنه سبب لحصول الظن بغياب الشمس لكن هذا لا يسوغ لنا أن نجزم بالتعدي فالتعدي يحتاج إلى إما جزم بإلغاء الخصوصية أو استظهار ذلك من الرواية وان هذا ليس له خصوصية وإنما ذكر كمثال, ولذا كثير من الفقهاء تأملوا في هذا التعدي وقالوا أن الاحتياط يقتضي الاقتصار على خصوص السحاب.

( من غير فرق بين شهر رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب) أي أن هذه الصورة _ الظن بغياب الشمس مع وجود علة في السماء_ التي قلنا فيها بعدم وجوب القضاء لا فرق فيها بين صوم شهر رمضان وغيره, وقال المعلقون على العروة أن الدليل على ذلك اطلاق ادلة نفي القضاء وهو صحيح لأن صحيحة زرارة الاولى والثانية ورواية الكناني والشحام كلها مطلقة من هذه الناحية ولا توجد فيها اشارة تفترض أن الصوم صوم شهر رمضان.

لكن هل هذا الكلام مقبول وواضح جداً أو يمكن التشكيك فيه؟؟ فأن هذه الروايات وان لم تشر إلى شهر رمضان لكن التعبير بالقضاء قد يقال بأنه لا ينسجم الا مع افتراض صوم شهر رمضان لأن القضاء إنما يكون لصوم شهر رمضان, ويعبر في غيره بالإعادة ونحوه, وهذه القضية اذا تمت تجعلنا على الاقل نشكك في اطلاق هذه الروايات لغير صوم شهر رمضان.

وبعد ملاحظة الروايات تبين أن الروايات النافية للقضاء كما ذكروا مطلقة وغير مختصة بصوم بشهر رمضان, لكن اذا لاحظنا صحيحة سماعة وابي بصير نجد انها واردة في خصوص صوم شهر رمضان حيث تقول (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس ...)[2] لكن الروايات الاخرى ليس فيها ذكر لشهر رمضان مثلاً صحيحة زرارة الثانية هي زرارة ( عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ حديث ـ انه قال لرجل ظن ان الشمس قد غابت فافطر...)[3] رواية أبي الصباح الكناني (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت...)[4] ورواية زيد الشحام (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل صائم ظن أن الليل قد كان ، وأن الشمس قد غابت....)[5] ومن هنا قد يقول قائل لماذا لا تجمعون بين هذه الروايات وبين صحيحة زرارة بالتخصيص فتلك الروايات مطلقة _على فرض تسليم اطلاقها_ بلحاظ شهر رمضان وغيره وتدل على نفي القضاء وهذه الرواية تدل على وجوب القضاء في شهر رمضان والقاعدة في المقام تخصيص تلك الروايات بها وتحمل تلك الروايات على غير صوم شهر رمضان فتكون النتيجة التفصيل بين شهر رمضان وبين غيره فإذا حصل هذا الأمر المذكور في شهر رمضان يجب قضاءه عملاً بصحيحة سماعة وابي بصير واذا حصل في غيره لا يجب القضاء عملاً بالروايات النافية للقضاء.