36/08/21


تحمیل
الموضوع:حلول الحول في الزكاة
قلنا ان صحيحة زارة التي قالت بان حولان الحول في الزكاة يكون بدخول الشهر الثاني عشر فان هذه الصحيحة توجب ان يكون حولان الحول له معنى آخر وهو دخول الشهر الثاني عشر وليس مرور عام كامل فان المجازية تكون في الحولان وليس في الحول
قال السيد الحكيم ان المجاز هنا هو بعلاقة التصرف في نسبة الحولان هذا هو المراد لأنه مجاز مألوف فلو سافرنا ووصلنا السبت قبل الظهر ففي يوم الجمعة نقول نحن سبعة أيام في السفر مع انه ستة أيام في السفر، أما المجاز الأول والثاني فمؤدها ان الشهر الثاني عشر يكون من السنة الجديدة الثانية وعليه فهو من المجاز البعيد
فالرواية تقول بوجود المجاز في الحولان وليس في الحول وعليه فان الشهر الثاني عشر يعد من السنة الاولى وليس من السنة الثانية فالرواية لاتقول ان السنة في الزكاة احد عشر شهرا كحقيقة شرعية فان هذا باطل ولاتقول المجاز في الحول بل تقول ان المجازية في الحولان فيكون الشهر الثاني عشر من السنة الاولى
مع ان صحيحة زرارة التي قالت اذا هل الشهر الثاني عشر فقد وجبت الزكاة فهذه دلت على وجوب الزكاة الاّ انه لايعني بوجوب الدفع الآن كما نقول ان الانسان اذا حصل على ربح فانه يجب عليه الخمس لكن هذا لايعني بوجوب الدفع الآن فوجوب الخمس الان لكن وجوب الدفع ليس الآن باعتبار ان الوجوب حين ظهور الربح
صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قالا : قال أبو عبد الله (عليه السلام): أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه، قلت له: فإن وهبه قبل حله بشهر أو بيوم؟ قال: ليس عليه شئ ابدا
قال: وقال زرارة عنه: إنه قال : إنما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ثم خرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك ابطال الكفارة التي وجبت عليه، وقال : إنه حين رأى هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة ولكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شئ بمنزلة من خرج ثم أفطر إنما لا يمنع الحال عليه، فأما ما [ لم ] يحل فله منعه، ولا يحل له منع مال غيره فيما قد حل عليه
قال زرارة: وقلت له: رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة، فعل ذلك قبل حلها بشهر ؟ فقال: إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة، قلت له : فان أحدث فيها قبل الحول؟ قال: جائز ذلك له، قلت: إنه فر بها من الزكاة، قال: ما أدخل على نفسه أعظم مما منع من زكاتها، فقلت له: إنه يقدر عليها قال: فقال: وما علمه أنه يقدر عليها وقد خرجت من ملكه؟ قلت: فإنه دفعها إليه على شرط، فقال: إنه إذا سماها هبة جازت الهبة وسقط الشرط وضمن الزكاة، قلت له : وكيف يسقط الشرط وتمضي الهبة ويضمن الزكاة؟ فقال: هذا شرط فاسد، والهبة المضمونة ماضية، والزكاة له لازمة عقوبة له، ثم قال: إنما ذلك له إذا اشترى بها دارا أو أرضا أو متاعا
ثم قال زرارة قلت له: إن أباك قال لي: من فربها من الزكاة فعليه أن يؤديها؟ فقال: صدق أبي، عليه أن يؤدي ما وجب عليه، وما لم يجب عليه فلا شئ عليه فيه[1] فوجوب الزكاة ثابت الاّ ان هذا لايعني وجوب الدفع فان وجوب الدفع يكون آخر الشهر الثاني عشر وعليه فالدفع يكون وجوب الدفع اخر الشهر الثاني عشر
بالنسبة لصحيحة زرارة التي قالت إنه حين رأى هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة فان المدة هنا مختلفة باختلاف مبدأ ملك الانسان، بمعنى ان الانسان اذا ملك النصاب في الأنعام يوم الثاني من محرم مثلا فاذا هلّ هلال محرم من السنة القادمة فقد وجبت الزكاة وتكون المدّة عام ناقص منه يومان كما انه قد يكون الانسان ملك النصاب في الأنعام يوم العشرون من محرم مثلا فاذا هلّ هلال محرم من السنة القادمة فقد وجبت الزكاة وتكون المدّة عام ناقص منه عشرون يوما وعلى هذا فلا تكون المدّة مضبوطة حيث تارة قد تكون سنة ناقص منها يومان تارة تكون سنة ناقص منها عشرون يوما وقد تكون أقل من ذلك وقد تكون أكثر فالمدّة في تعيين وقت وجوب الزكاة غير مضبوطة، فكان من الأفضل أن يأتي الشارع المقدس بشيء غير مضبوط باعتبارها ضرائب مالية
هنا يوجد تفسير ثاني وميزان آخر لهذه الرواية فان الحقوق المالية لابد من تحديد وقت إعطائها من قبل الشارع وهو ان نقول ان صدق دخول الشهر الثاني عشر يكون بنحو التلفيق وبحسب الأيام كصوم شهرين متتابعين فانه لايجب ان يكون المبدأ هو أول الشهر بل لو بدأ بالصيام في الخامس عشر من ذي الحجة فالى الخامس عشر من ذي الحجة يكون شهرا فلو ملك المال يوم الثاني من محرم فاذا صار يوم الثاني من ذي الحجة فيكون الشهر الثاني عشر قد دخل وبهذا يكون الشهر تلفيقي وهذا التفسير هو التفسير المناسب لباب الضرائب والديون
لكن يقف امام هذا التفسير الثاني الذي قلنا هو المناسب في باب الضرائب والديون هو تعبير هذه الرواية بانه إنه حين رأى هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة وعليه فيكون التفسير الأول لهذه الرواية هو الصحيح
لكن مع ذلك نقول ان التفسير الأول هو الصحيح وذلك باعتبار ان نفس الرواية تشتمل على تعبيرين في خصوص الحول في الزكاة لو هلّ هلال الشهر الثاني عشر حيث قالت في صدر الرواية حين رأى هلال الثاني عشر فبرؤية الهلال الثاني عشر تجب الزكاة، كما انه يوجب تعبير آخر في الذيل وهو إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة فهذا التعبير ينسجم مع التلفيق
فهنا نقول ان المراد من التعبيرين هو حولان الحول وحولان الحول يكون بهلال الشهر الثاني عشر لكن اذا قلنا هلال فتختلف المدّة التي يجب مضيّها على النصاب بينما اذا قلنا ان المراد به مضي الشهر وهو ينسجم مع التلفيق بالأيام فان المراد به بالدقة حولان أيام السنة وليس حولان الشهور
وهذا التفسير الثاني هو الظاهر في باب الغرامات والديون فانه لابد من ان تكون هناك ضابطة معينة في هذ الباب وهذا ينسجم مع التفسير الثاني فانه أوفق بباب الغرامات وباب الديون
ثم هل ان الوجوب بحلول الشهر الثاني عشر منجز ومستقر أو ان الوجوب متزلزل بمعنى ان الشروط اذا بقيت الى آخر الشهر الثاني فتجب الزكاة أما اذا زالت الشروط بعد الشهر الثاني عشر فلا تجب الزكاة، أو انه نقول ليس الأمر كذلك بل ان الزكاة تجب بمجرد حلول وهلال الشهر الثاني عشر فلو ارتفعت الشروط او بعض الشروط أو نقص المال عن النصاب فان الوجوب لايسقط؟
نقول هنا ان الأول هو الصحيح لأن الرواية قد شبّهت بمن أفطر ثم سافر فمعه لا تسقط الكفارة فاذا وجبت ثم وهبها مثلا فلا فائدة في سقوط الزكاة بل الزكاة ثابتة وموجودة، فلا نحتاج الى بقاء الشروط الى نهاية السنة بل ان مادلّ على بقاء الشروط الى نهاية السنة يكون المراد منه تمامية الشهر الحادي عشر