36/08/12


تحمیل
الموضوع:عدم وجود العوامل شرط ثالث لوجوب الزكاة في الأنعام
الكلام في الشرط الثالث الذي اشترط في زكاة الانعام، فقد اشترطوا أولا النصاب وقد قبلناه، كما انهم اشترطوا ثانيا السوم فقد قالت الروايات الكثيرة ان الزكاة على الابل والغنم والبقر السائمة والراعية في مرجها وهي التي تأكل من العشب الطبيعي وهذا الشرط قد قبلناه أيضا، والشرط الثالث ان لاتكون هناك عوامل ولو في بعض الأوقات
الشرط الثالث: أن لا يكون عوامل ولو في بعض الحول بحيث لا يصدق عليها أنها ساكنة فارغة عن العمل طول الحول ولا يضر إعمالها يوما أو يومين في السنة كما مر في السوم [1]فلابد ان لاتكون عوامل ولو في بعض الحول
قال في المدارك وقد اشترط العامة أيضا هذا الشرط الاّ من شذ منهم مثل مالك وربيعة ومحكول وقتادة وداود، فقد اشترط العامة عدم وجود العوامل لتحقق وجوب الزكاة
وفي التذكرة قال العلامة أيضا هكذا حيث قال يشترط في الابل وفي غيرها من الأنعام السوم وهي الراعية المعدّة للدر والنسل واحترزنا بذلك عن المعلوفة وان كانت للدر والنسل والعوامل وان لم تكن معلوفة فإنه لازكاة فيها عند علمائنا أجمع، وبه قال علي ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله ومن التابعين سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والحسن البصري والنخعي ومن الفقهاء الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث وأحمد واسحاق وابي عبيد، وعلى هذا فيكون المشهور عندهم عدم وجود العوامل
لكن السيد الخوئي قال ان مشهور العامة ليس كذلك فان مشهورهم عدم القول بهذا الشرط وهو عدم وجود العوامل فان المشهور عند العامة عدم وجود هذا الشرط، ولم يفسر السيد الخوئي السوم بالرعي وعدم العمل بل فسر السوم بالرعي فقط ومعه فقد قال بأن العامة لايقولوا بذلك
هنا كلامنا في الابل والغنم والبقر السائمة فقالوا يشترط ان لاتكون عوامل فان السائمة اذا صارت عاملة فلا زكاة فيها فالكلام في الابل السائمة والغنم والبقر وليس الكلام في غير السائمة، فقال الأصحاب لابد من كون الأنعام سائمة وغير عاملة للروايات الكثيرة الواردة في ذلك
صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام) قالا: ليس على العوامل من الإبل والبقر شئ إنما الصدقات على السائمة الراعية [2]
صحيحة الفضلاء الاخرى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام ) - في حديث زكاة البقر - قال: ليس على النيف شئ، ولا على الكسور شئ، ولا على العوامل شئ، إنما الصدقة على السائمة الراعية [3]
صحيحة الفضلاء الثالثة عن أبي جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام) قالا : ليس على العوامل من الإبل والبقر شئ، إنما الصدقات على السائمة الراعية . . .الحديث[4]
ففي جميع هذه الروايات يتلخص الأمر بأنه ليس على العوامل شيء إنما الزكاة على السائمة الراعية ولاعلى العوامل شيء إنما الصدقة على السائمة الراعية فنتيجة هذه الروايات واحد باعتبار ان لسانها واحد
صحيحة زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: ليس في شئ من الحيوان زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة: الإبل، والبقر والغنم، وكل شئ من هذا لأصناف من الدواجن والعوامل فليس فيها شئ [5] فالأنعام العاملة ليس فيها شيء
وقد استفاد العلماء شرط جديد من هذه الرواية وهو عدم كون الأنعام من العوامل غير السوم فاشترط ان لاتكون عاملة، وعلى هذا المسك والفهم يوجد معارض وهي روايتان الاولى غير واضحة المعارضة اما الثانية فهي واضحة المعارضة
موثقة اسحاق بن عمار قال: سألته عن الإبل تكون للجمال أو تكون في بعض الأمصار أتجرى عليها الزكاة كما تجري على السائمة في البرية ؟ فقال: نعم[6] وان الظاهر منها انه يقوم باجارة هذه الابل، فهذه الرواية تعارض تلك الروايات
موثقة إسحاق ابن عمار قال: سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن الإبل العوامل عليها زكاة ؟ فقال: نعم عليها زكاة [7] وفي هذه الرواية تصريح بأنها عوامل
هنا حمل الشيخ الطوسي هذه الرواية تارة على التقية وتارة حملها على الاستحباب، وحملها على التقية باعتبار ان المشهور عند الجمهور على عدم اعتبار هذا الشرط، واما حملها على الاستحباب فهو باعتبار ا ملاك الاستحباب موجود
هنا قال السيد الخوئي لابد من حملها على التقية ولايأتي هنا ملاك الاستحباب باعتبار ان لزوم الزكاة عليها وعدم لزوم الزكاة عليها بينهما تعارض فلابد من حملها على التقية دون الاستحباب
نحن نقول ان لزوم الزكاة عليها وعدم لزوم الزكاة عليها هو الميزان في الاستحباب وهذا يعني ان المكلف حر في إعطاء الزكاة وعدم الاعطاء، كما ان (ليس عليها زكاة) صريحة في العدم بينما (عليها زكاة) ظاهرة في الوجوب وان الظاهر في الوجوب ينسجم مع الاستحباب، وثالثا ان الحمل على التقية نفسه يعني الاستحباب لأنه يظهر شيئا غير مراد فهو يظهر الوجوب مع انه يريد الاستحباب
على ان هاتين الروايتين أخص من المدعى فانها واردة في الابل فقط بينما كلامنا في الأنعام وقد يكون هناك فرق بين الابل والبقر والغنم ومن قال لايوجد فرق بين الابل والغنم والبقر فانها دعوى غير صحيحة ودفوعة باعتبار ان الابل تعمل بين البلدان في الصحاري والبراري فتكون سائمة غالبا أو دائما فقد يكون السوم في الجملة كافيا بينما البقر فهي معلوفة دائما فالسوم في البقر أوسع منه في الابل
نحن نقول بالنسبة لهذا الشرط الثالث حيث قالوا انه هذا شرط جديد غير السوم، وقال صاحب الجواهر بالاجماع المحصل والمنقول بعدم كونها من العوامل
لكن الواقع ان هذا الشرط لم يذكر في جملة من كتب القدماء وإنما ذكر السوم فقط فلايوجد هذا الشرط في كتاب المقنعة ولافي كتاب المراسم ولا في كتاب النهاية للشيخ وهناك كتب كالمقنع والهداية خاليتان من ان هذا شرط
نعم يظهر في كتاب المبسوط ان السوم شرط وعدم كونها عوامل ولكن هذا من تعبر الفقيه وهو فتوى وليس هو نص الرواية، وظاهر كلمات البعض انه جعل الشرط هو السوم والعوامل هي ليست سائمة يعني كونها معلوفة فهو تفسر للسوم ومعه فلا إجماع، ثم على فرض تحقق الإجماع فيكون الإجماع مدركي لأنه مأخوذ من الروايات والإجماع المدركي لا اعتبار له
وأما الروايات فنفهم منها انها ليست بصدد بيان شرطين في زكاة الأنعام بل هي بصدد بيان شرط واحد وهو السوم، فان صحيحة الفضلاء جميعا بلسان واحد وان المسؤول واحد فالظاهر هي رواية واحد ليس على العوامل من الإبل والبقر شئ، إنما الصدقات على السائمة الراعية فلو وردت هذه الجملة وحدها فتكون شرط لكنه جاءت ملحوقة بجملة اخرى وهي إنما الصدقات على السائمة الراعية وظاهر هذه الجملة بيان قاعدة وهي السوم والرعي، فالرواية ظاهرة ظهورا واضحا في نفي شرط آخر غير السوم
فالجملة في صححية الفضلاء ظاهرة في وجود علّة لعدم الزكاة في العوامل وهي كونها غير سائمة وان الزكاة في السائمة الراعية،ولو فرض العوامل سائمة فانه من النادر جدا
لايقال ان صحيحة زرارة تقول (ان لاتكون عوامل) هو شرط جديد، فنقول اذا كان هذا شرط جديد فهل يعقل ان تأتي رواية واحدة فقط في هذا الشرط الجديد فنشك في إفادة هذه الرواية شرطين كما قال القوم او انها تفيد سرطا واحدا فتكون الرواية مجملة ومعه فنرجع الى الاطلاقات في زكاة الانعام التي تقول في الغنم والابل زكاة
بالنسبة لصحيحة زرارة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل في البغال شئ؟ فقال: لا، فقلت : فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال ؟ فقال: لان البغال لا تلقح والخيل الإناث ينتجن، وليس على الخيل الذكور شئ، قال: فما في الحمير؟ قال: ليس فيها شئ، قال: قلت: هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شئ؟ فقال: لا، ليس على ما يعلف شئ، إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأما ما سوى ذلك فليس فيه شئ [8]فالضابطة هي السوم والرعي
ومرسلةابن أبي عمير - في حديث - قال: كان علي (عليه السلام) لا يأخذ من جمال العمل صدقة، كأنه لم يحب أن يؤخذ من الذكورة شئ لأنه ظهر يحمل عليها [9] فالمانع من الزكاة هو العمل وركوب الحيوان
لكن هذه الرواية ضعيفة حتى على القول بان مراسيل ابن ابي عمير معتبرة وذلك لأن قبول مراسيل ابن عمير اذا كانت مرسلة عن راوي أما الارسال عن الامام (عليه السلام) فان هذه المرسلة غير مقبولة لأن بين ابن ابي عمير وبين الامام (عليه السلام) أكثر من مائة عام، ثم قوله كأنه لم يحب أن يؤخذ من الذكورة شئ هو احتمال في ذهن ابن ابي عمير وهو اجتهاد من ابن ابي عمير وليس من الامام (عليه السلام) فان المعصوم (عليه السلام) لايناسبه هذا التعبير
ثم هنا نقول شيء وهو ان السائمة يؤخذ منها الزكاة وأما السائمة والعاملة فهو مدعى أكثر للزكاة حسب الفهم العرفي باعتبار ان الزكاة ضريبة على الفائدة