36/05/01


تحمیل
الموضوع:المدار في التمكن من التصرف في المال الزكوي
قلنا فيما تقدم ان المال الغائب عن الإنسان بسرقة أو ضياع أو غير ذلك فلو عادت اليه هذه الأموال بعد مدة من الزمان، هنا توجد روايات تقول يزكيه فورا مرة واحدة فقط وبعض الروايات تقول الزكاة تجب بعد حلول الحول
قال المشهور ان الروايات التي تقول يزكيه لسنة واحدة فورا تحمل على الاستحباب لأن الروايات الاخرى تقول تجب الزكاة بعد مرور الحول حيث جمع بين الروايات المتعارضة
نحن نقول يوجد في الروايات لفظة (يزكيه) كما انه توجد في الروايات لفظة (لايزكيه) وهذا في الواقع تعارض فهنا يوجد حمل أقرب وأفضل لهذه الروايات أقرب من حمل المشهور على الاستحباب وهو ان المقصود من الروايات التي تقول يزكيه لسنة واحدة يعني لايزكيه لعدد السنين التي كان المال غائبا عنه بل يزكيه لسنة واحدة فقط بشروط الزكاة من مرور الحول وبلوغ النصاب وكون المالك بالغا وعاقلا فهنا لامعارضة وهذا أولى من الحمل على الاستحباب
ثم ان التمكن من التصرف الذي هو شرط في وجوب الزكاة هل شرط للنقدين فقط او للنقدين والمواشي او للنقدين والمواشي الغلات؟ ظاهر كلمات الفقهاء هو شرط للأصناف التسعة أي سواء المواشي أو الغلات او النقدين، لكن موسوعة الينابيع الفقهية بمراجعة كلمات الفقهاء المتقدمين فنرى انهم يقولون ذلك في النقدين وهو المتمحض في المالية أي المال الصامت
فقد قال الشيخ المفيد في المقنعة ان هذا شرط التمكن من التصرف في المال الغائب لأنه بعد ذلك ذكر شرائط زكاة الغلات فقال هو الملك والنصاب ثم بعد ذلك ذكر شرائط زكاة الأنعام فقال لابد من السوم وحولان الحول والنصاب ولم يذكر التمكن من التصرف، فلم يذكر الشيخ المفيد كون التمكن من التصرف شرط لكل الأصناف التسعة وعبارة الشيخ الطوسي قريبة من عبارة الشيخ المفيد
وقد صرح صاحب الغنية باختصاص التصرف في المال بالذهب والفضة ثم ذكر شرائط وجوب الزكاة في الأصناف الأربعة من الغلات فقال هما شرطان الملك والنصاب ثم ذكر شروط زكاة المواشي فقال هي أربعة الملك والحول والسوم وبلوغ النصاب
أما ابن ادريس وهو بعد الشيخ الطوسي فقد قال بان التمكن من التصرف هو شرط في الاصناف الأربعة بينما الشيخ الطوسي قال ينبغي ان يلحق شرط سابع وهو كون التمكن من التصرف طول الحول، وقال صاحب الشرائع التمكن من التصرف في النصاب معتبر في الأجناس كلها وكذا في المختصر النافع وقد تابع العلامة صاحب الشرائع وهكذا بقية الفقهاء تابعوا صاحب الشرائع فصار هذا الحكم مشهورا وهو مشهور لدى المتأخرين ولم يشترطه المتقدمين
وصاحب العروة ذكر هنا ان التمكن من التصرف شرط في الأصناف التسعة الاّ انه (قده) صرح في خاتمة مسائل الزكاة في المسألة السابعة عشر وصرح أيضا في كتاب المساقات صرح بوجوب إخراج زكاة الغلات حتى لوكان في زمان التعلق مغصوبا حيث قال بوجوب الزكاة فيه ومعه فلايكون التمكن من التصرف شرط لوجوب الزكاة
من المتأخرين قال صاحب المدارك ان التمكن من التصرف ليس شرطا في وجوب الغلات بل ان الغلات حتى لو لم يتمكن من التصرف فيؤدي الزكاة بمجرد ان اُرجعت اليه
ثم ان القاعدة هنا تقول ان الحول اذا دار على المواشي والغلات والنقدين فان الفقراء يشاركون المالك فيها فلو غصبت ثم اُرجعت للمالك بمجرد ارجاعها للمالك لابد من إخراج أموال الفقراء ومعه فان التمكن من التصرف ليس شرطا في وجوب الزكاة
فالقاعدة تقول ان الفقراء شركاء مع المالك كحكم وضعي الاّ إذا ارتفع الملك عند انعقاد الحب أو ارتفع الملك في الحول في النقدين والمواشي بينما هنا لم يرتفع الملك بل ممنوع من التصرف لكنه مملوك لأن الزكاة متعلقة بالعين على نحو الإشاعة أو على نحو الشركة في المالية، والنصوص ظاهرها النقدين كما سيأتي فالتعدي من النقدين الى غيرهما من الغلات قياس ولانقول بالقياس
ثم ان المواشي والانعام لايصدق عليها النقدين فلو قلنا بأن المال ينصرف الى النقدين فلابد من إخراج المواشي ايضا اما لوقلنا ان المال يشمل الأنعام فيصير هذا شرط للنقدين والانعام وهذا استعمال لغوي لكن روايات زكاة الأنعام لم تعبّر عن الأنعام بالمال بل عبرّت بالأنعام
وعليه فمراد الروايات من المال الذي هو غاب هو خصوص الذهب والفضة وهذا شيء يمكننا ان نخالف به المتأخرين حيث قالوا ان المشهور هو التمكن من التصرف في كل الأصناف الثلاثة
السادس: النصاب كما سيأتي تفصيله[1]
مسألة 1: يستحب للولي الشرعي إخراج الزكاة في غلات غير البالغ يتيما كان أو لا ذكرا كان أو أنثى دون النقدين وفي استحباب إخراجها من مواشيه إشكال والأحوط الترك، نعم إذا اتجر الولي بماله يستحب إخراج زكاته أيضا ولا يدخل الحمل في غير البالغ فلا يستحب إخراج زكاة غلاته ومال تجارته، والمتولي لإخراج الزكاة هو الولي ومع غيبته يتولاه الحاكم الشرعي ولو تعدد الولي جاز لكل منهم ذلك ومن سبق نفذ عمله ولو تشاحوا في الإخراج وعدمه قدم من يريد الإخراج ولو لم يؤد الولي إلى أن بلغ المولى عليه فالظاهر ثبوت الاستحباب بالنسبة إليه[2]فاليتيم الذي لاتجب الزكاة عليه يستحب إخراج زكاة غلاته فقط أما النقدين والأنعام فلا استحباب