36/04/11


تحمیل
الموضوع:كتاب الزكاة
كتاب الزكاة
كتاب الزكاة التي وجوبها من ضروريات الدين ومنكره مع العلم به كافر، بل في جملة من الأخبار أن مانع الزكاة كافر ويشترط في وجوبها أمور: [1]
ان كلمة الزكاة لغة تطلق على الطهارة وتطلق على النماء والزيادة وتطلق على البركة كما تطلق كلمة الزكاة ويراد منها المدح فالشخص المزكى يعني الممدوح
قال الأزهري: زكاة المال تطهيره والفعل منه زكى يزكي تزكية، قال تعالىقد أفلح من زكاها[2] أي قد أفلح من طهر نفسه، وان زكاة الزرع يزكو أي النماء فالزكاة تأتي بمعنى الطهارة وتأتي بمعنى النماء والزيادة
وإصطلاحا الزكاة في الشرع تطلق على الحق الخاص المفروض في أموال خاصّة في أصل الشريعة سواء زكاة الفطرة أو مطلق الزكاة، وتطلق الزكاة على إخراج المكلف لذلك الحق، فالزكاة عنوان للوجوب وعنوان للفعل وهو اخراج الحق
فالزكاة اصطلاحا من الأسماء المشتركة حيث انها تطلق على نفس الحق وتطلق ايضا على اخراج الزكاة ومعه فيكون لفظ الزكاة من الألفاظ المشتركة حيث يطلق على نفس الحق ويطلق ايضا على اخراج ذلك الحق
قال في الجواهر ان الزكاة اخت الصلاة قد فرضه الله في كتابه مشعرا بعدم قيام الصلاة ممن لم يؤدي الزكاة، وقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة، وحجة خير من بيت مملو ذهبا ينفقه (يتصدق به) في بر حتى ينفد، قال: ثم قال: ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما، فقلت: ما معنى خمسة وعشرين درهما ؟ قال: من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكي[3] فلا صلاة لمن لايدفع الزكاة، والروايات كثيرة في الحث على دفع الزكاة وعدم تركها
و رواية معتب مولى الصادق (عليه السلام) قال: قال الصادق (عليه السلام): إنما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء ومعونة للفقراء ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا ولاستغنى بما فرض الله له وإن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء، وحقيق على الله تبارك وتعالى أن يمنع رحمته ممن منع حق الله في ماله، واقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق انه ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بترك الزكاة، وما صيد صيد في بر ولا بحر إلا بترك التسبيح في ذلك اليوم وإن أحب الناس إلى الله تعالى أسخاهم كفا وأسخى الناس من أدى زكاة ماله ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله لهم في ماله [4] ففضل الزكاة عظيم
وهذا الكلام في الزكاة الواجبة كما انه توجد زكاة مستحبة وفيها اوامر فقالوا يستحب مؤكدا الانفاق مما انعم الله على الانسان من زراعته فيلزم نفسه بشيء معلوم على حسب وسعه وطاقته ينفقه في كل اسبوع أو كل يوم أو كل شهر
عن أبي بصير قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ومعنا بعض أصحاب الأموال فذكروا الزكاة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الزكاة ليس يحمد بها صاحبها، وإنما هو شئ ظاهر، إنما حقن بها دمه وسمي بها مسلما، ولو لم يؤدها لم تقبل له صلاة، وإن عليكم في أموالكم غير الزكاة، فقلت: أصلحك الله وما علينا في أموالنا غير الزكاة ؟ فقال: سبحان الله أما تسمع الله عز وجل يقول في كتابه: " والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " قال: قلت: ماذا الحق المعلوم الذي علينا؟ قال: هو الشئ يعمله الرجل في ماله يعطيه في اليوم، أو في الجمعة، أو في الشهر، قل أو كثر، غير أنه يدوم عليه، وقوله عز وجل " ويمنعون الماعون " قال: هو القرض يقرضه، والمعروف يصطنعه، ومتاع البيت يعيره، ومنه الزكاة، فقلت له: إن لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه وأفسدوه، فعلينا جناح أن نمنعهم؟ فقال: لا ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك، قال: قلت له: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " قال: ليس من الزكاة، قال: قلت : قوله عز وجل: " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " [5] فظاهر الرواية الوجوب
لكننا نقول بالاستحباب والسبب في القول بالاستحباب هو أحد أمرين: أولا: روي ان الله عزوجل لايسأل عبدا عن صلاة بعد الفريضة ولايسال عن صدقة بعد الزكاة ولاعن صوم بعد شهر رمضان ومعه فيكون مستحب، ثانيا: يوجد تسالم فقهي بل ضرورة متشرعية قائمة على عدم وجوب مايعطية الانسان في كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر فهذا يجعلنا نقول بالاستحباب في هذه الزكاة التي هي غير الأصناف ونحمل هذه الأوامر على الاستحباب
وجوبها من ضروريات الدين ومنكره مع العلم به كافر، بل في جملة من الأخبار أن مانع الزكاة كافر فان وجوب الزكاة من ضروريات الدين وان منكر وجوب الزكاة مع العلم بوجوبها كافر، ولاخلاف بين المسلمين على وجوب الزكاة مع توفر الشرائط، والأخبار متواترة على وجوب الزكاة مع توفر شرائطها
وتعبير المصنف بـ وجوبها غير مناسب لأن المناسب هو التعبير بـ (ثبوتها) فبعد ثبوتها نقول ان الوجوب وضعي لأنه يوجد كلام بأن هذه الزكاة الثابتة تجب وضعا لاتكليفا، فمقتضى التعبير بالوجوب يعني ان الحكم تكليفي مع ان الثبوت حكم وضعي ولايختص بالبالغين حيث ذهب مشهور المتقدمين الى ثبوت الزكاة على أموال الصبي من المواشي والغلّات وخالفهم مشهور المتأخرين حيث قالوا بعدم الزكاة على مواشي الصبي وغلّاته
ومع التكلم في الثبوت والوجوب فنتكلم هنا في ثلاثة موارد، الأول: إنكار الثبوت والوحوب هل يوجب الكفر؟، الثاني: لاينكر الوجوب لكنه لايخرج الزكاة، الثالث: هل يُقتل مانع الزكاة؟
أولا: فقد تقدم ان تكلمنا في بحث الصوم بأن منكر وجوب الصوم هو منكر للضروري وهذا لايوجب الكفر بعنوان منكر الصوم بل يوجب الكفر فيما اذا التفت الى ان انكاره يعني تكذيب القرآن وتكذيب الرسول (صلى الله عليه واله)
ثانيا: لو اعترف بالزكاة لكنه يمتنع من اعطاء الزكاة من دون جحود لها وقد اطلقت بعض الروايات الكفر على مانع الزكاة من دون جحود لها، فقد ورد في الحديث عن حماد بن عمرو، وأنس بن محمد عن أبيه جميعا، عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) - في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) قال: يا علي، كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة: - وعد منهم - مانع الزكاة، ثم قال: يا علي، ثمانية لا يقبل الله منهم الصلاة: - وعد منهم - مانع الزكاة، ثم قال: يا علي، من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا بمسلم ولا كرامة، يا علي تارك الزكاة يسأل الله الرجعة إلى الدنيا وذلك قوله عز وجل: "حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون" الآية [6] لكنه لايراد من هذا الكفر في قبال الاسلام بل المراد من كونهم كفره هو ان هذا العمل يؤدي الى ان يحكم الله بكفره عند موته الاّ انه حال حياته لابد من ترتيب آثار الإسلام عليه فهو مسلم، أو أن نقول ان هذا الكفر هو كفر في قبال الايمان أي ان مانع الزكاة ليس بمؤمن
ثالثا: لايمكن القول بان كل مانع للزكاة يقتل بل نقول نعم ان مانع الزكاة يقتل في الجملة أي أحيانا يقتل وفي موارد وحالات معينة فمانع الزكاة لا يقتل دائما بل أحيانا وفي الجملة يقتل