36/03/25


تحمیل
الموضوع:فصل في أحكام الاعتكاف
مسألة 43: لا يجوز التعليق في الاعتكاف فلو علقه بطل إلا إذا علقه على شرط معلوم الحصول حين النية فإنه في الحقيقة لا يكون من التعليق[1]هنا توجد في الحقيقة مسألتان، فتارة يعلّق الاعتكاف ويقول اعتكف اذا رضي والدي فهذا التعليق في الاعتكاف باطل، وتارة يقول اعتكف اذا كان اليوم هو يوم الأربعاء فهذا ليس من التعليق بل صورته صورة التعليق لأنه شيء حاصل فواقعه ليس بتعليق بل هو تنجيز
والمراد من التعليق هنا ليس هو تعليق الإنشاء بل هو تعليق المنشأ وهو أمر ممكن وأما تعليق الإنشاء فهو غير معقول لأن انشاء الكلام قد حصل فلا معنى لتعليقه نعم يمكن تعليق معنى الكلام
صاحب العروة يقول لايجوز التعليق في الاعتكاف فلو علّقه على رضى الأب فيكون باطلا، نعم لو علّقه شرط معلوم كان يعتكف بشرط ان يكون هذا اليوم هو يوم الأربعاء وفعلا كان هو يوم الأربعاء فالتعليق هنا صوري ولفظي فان مثل هذا التعليق جائز ويصح معه الاعتكاف
فالممكن هو تعليق المنشأ كالملكية أو الزوجية لكن تعليق المنشأ في العقود والايقاعات قام الاجماع على بطلانه، وأما في الوصية فيمكن التعليق فإنّ تمليك الدار يكون بعد الموت وكذا بالنسبة للتدبير فهو يقع بعد الوفاة كأن يقول لعبده انت حرّ دُبر وفاتي وهذا دليل على الجواز
وأما بالنسبة للاعتكاف الذي نحن فيه فان المنشأ هو الاعتكاف فهو قد يكون مطلق وقد يكون قيد كما قال السيد الخوئي فالمطلق هو ان يعتكف من اليوم الى ثلاثة أيام وأما المقيد فهو ان يعتكف من اليوم الى ثلاثة أيام ان جاء أبيه
ويقول السيد الخوئي ان الاعتكاف المقيد لايوجد دليل على صحته وليس معهود عند العقلاء فهو غير صحيح وتوجد رواية داود بن سرحان التي ظاهرها الاعتكاف المنجز أما من يعلّق الاعتكاف فانه لم يفرض شيئا على نفسه بل فرضه على نفسه في صورة رضى الأب
نحن نناقش السيد الخوئي ونقول ان المعتكف علّق اعتكافه فيعني انه قد فرض على نفسه لكنه غير منجز، فالبنسبة لصحيحة محمد بن سرحان يمكن ان نفرض لها صورتان فتارة الفرض على النفس يكون فرا مطلقا وتارة الفرض على النفس يكون في صورة وتقدير رضى الأب وهو فرض معلق على شيء، ودعوى الانصراف فهي تثبت مع فهم الجميع منه الانصراف ولكننا نرى ان البعض يقول بالجواز ومعه فان الانصراف غير محقق ولذا قال السيد الحكيم ان بطلان الاعتكاف المعلق غير ظاهر والتعليق هنا لاينافي النية المعتبرة في العبادة لان الامتثال في الاعتكاف المعلق يكون امتثال رجائي وهو نوع من الامتثال كالامتثال الجزمي ولاداعي لقياس مانحن فيه من الاعتكاف على العقود والايقاعات لوجود الاجماع هناك بينما هنا لايوجد اجماع فلولا الاجماع على بطلان التعليق في العقود والايقاعات لقلنا بالصحة المطلقة
ثم انه لو قلنا ان بطلان الاعتكاف يحتاج الى دليل او ان الاصل في الاشياء الصحة والحليّة فهنا يكون كلام السيد الحكيم هو الصحيح وان البطلان يحتاج الى دليل، ولكن الظاهر ان العبادات توقيفية تحتاج الى دليل فتكون صحيحة داود بن سرحان هي الدليل فهي تشمل الاعتكاف المنجز وتشمل الاعتكاف المعلق
صحيحة داود بن سرحان قال: كنت بالمدينة في شهر رمضان، فقلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أريد أن أعتكف، فماذا أقول؟ وماذا افرض على نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها، ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك[2]وهذا الكلام صادق حتى مع التعليق على رضى الأب فلا داعي للقول بأن الاعتكاف المعلّق باطل ودعوى الانصراف من قبل السيد الخوئي لايساعدها الوجدان
فصل في أحكام الاعتكاف، يحرم على المعتكف أمور:
أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القبل أو الدبر وباللمس والتقبيل بشهوة ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فيحرم على المعتكفة أيضا الجماع واللمس والتقبيل بشهوة والأقوى عدم حرمة النظر بشهوة إلى من يجوز النظر إليه وإن كان الأحوط اجتنابه أيضا [3]قال العامة بأن الجماع في الاعتكاف مبطل للاعتكاف ومحرم لأن الأصل فيه الآية القرانية ﴿ولاتباشروهن وانتم عاكفون في المساجد﴾ [4] بينما علمائنا يستندون في أدلتهم على بطلان الاعتكاف في الجماع بالروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) باعتبار ان الآية القرآنية واردة في الصوم ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون﴾[5] فالآية واردة في الصوم وفي حرمة الجماع في المسجد
نحن نقول نعم ان الآية صدرها في الصوم ولكنها ذكرت حكم بعد ذلك وهذا الحكم للاعتكاف الاصطلاحي ولو كانت الآية في خصوص الصوم لقالت لاتباشرون وانتم صائمون كما انها لو كانت بخصوص الجماع في المسجد لقالت ولاتجامعوهن في المساجد، فهذه الآية دليل على حرمة الجماع في الاعتكاف بالاضافة الى ذلك توجد روايات بهذا الخصوص