36/02/09


تحمیل
الموضوع:هل خبر الواحد حجة في الموضوعات
قلنا ان هذه المشكلة الموجودة بين الأعلام من ان خبر الثقة الواحد أو خبر العدل الواحد هل هو حجة في الموضوعات؟ ذهب السيد الخوئي الى حجيته في الموضوعات حيث قال ان خبر الواحد حجة في الموضوع الاّ ان يأتي دليل خاص يقيّد هذه القاعدة لأن حجية خبر الثقة دليله السيرة العقلائية والسيرة العقلائية لاتفرّق بين الأحكام والموضوعات وأما رواية مسعدة بن صدقة وأمثالها فلا تردع عن هذه السيرة فإن المراد من البينة الدليل وليس الشاهدين العدلين
نحن قلنا لاتوجد سيرة على حجية خبر الثقة في الموضوعات وقلنا توجد أمثلة في وجداننا العقلائي في الأغراض الشخصية فلا نرى وجود السيرة كما انه يمكن ان نجرب أنفسنا في الأهداف المولويّة العرفية فالتحرك نحو الهدف يكون من باب الإحتياط وليس لأجل حجية خبر الثقة كما انه يمكن تجربة وجداننا العقلائي في تصرفات العقلاء فإن خبر الثقة يولّد الاطمئنان بينما الكلام هنا في خبر الثقة مع وجود وسائط متعددة فان هذا لايوجب الاطمئنان
ومما يدل على ذلك رواية مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك لعلّه حر قد باع نفسه، أو خدع فبيع قهرا، أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البينة [1]والينة اصطلاح شرعي وهو الشاهدان العادلان
رواية عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الجبن قال: كل شئ لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان أن فيه ميتة [2]
صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام إن عليا (عليه السلام) كان يقول: لا أجيز في الهلال إلا شهادة رجلين عدلين [3]
صحيحة حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يجوز شهادة النساء في الهلال، ولا يجوز إلا شهادة رجلين عدلين [4]
رواية المفضل وزيد الشحام جميعا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن الأهلة؟ فقال: هي أهلة الشهور، فإذا رأيت الهلال فصم، وإذا رأيته فأفطر، قلت: أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ فقال: لا إلاّ أن يشهد لك بينة عدول، فان شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك، فاقض ذلك اليوم [5] فلا خصوصية للهلال ولا للجبن فنتعدى الى غيرهما من الموضوعات
وكذا في روايات الحدود، فقد ورد عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) أنه كان لا يجيز شهادة على شهادة في حد [6]
ومن روايات الحد حد المسكر، فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليهما السلام) قال: اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر، فشهد عليه رجلان: أحدهما خصى وهو عمرو التميمي، والآخر المعلى بن الجارود فشهد أحدهما أنه رآه يشرب، وشهد الآخر أنه رآه يقئ الخمر، فأرسل عمر إلى ناس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما تقول يا أبا الحسن؟ فإنك الذي قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق، فان هذين قد اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها [7] فمن يشهد بالقيئ فانه يشهد بالشرب ومعه فيكون شاهدين عدلين
وقد ورد في الزنديق عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مرضيان وشهد له ألف بالبراءة يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الألف، لأنه دين مكتوم [8]
وهكذا توجد احاديث كثيرة في الشهادة على الوصية حيث جعلت الحجية للبينة لأجل ان لايذهب حق المسلم ولاتبطل وصيته، فهذه الروايات جعلت الحجية هنا ليس في مورد التنازع ولا الى مايؤول الى التنازع، وهكذا آية المائدة فانها شهادة على الوصية فان الوصية موضوع
والروايات الواردة في الشهادة على الطلاق فلابد من التعدد وروايات الشهادة على موت الزوج فبما ان الزوج قد سافر ولاتعلم عنه زوجته شيئا فهي روايات في معرفة وظيفة المرأة ولا تزاع هنا لان الزوج الى رجع وكانت متزوجة فهو احق بها وان لم يرجع فلا نزاع أيضا، والروايات هنا عديدة
منها: ماورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في شاهدين شهدا على امرأة بأن زوجها طلقها، فتزوجت، ثم جاء زوجها فأنكر الطلاق قال: يضربان الحد، ويضمنان الصداق للزوج، ثم تعتد، ثم ترجع إلى زوجها الأول [9]
ومنها: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في امرأة شهد عندها شاهدان بأن زوجها مات، فتزوجت، ثم جاء زوجها الأول، قال: لها المهر بما استحل من فرجها الأخير، ويضرب الشاهدان الحد، ويضمنان المهر لها عن الرجل، ثم تعتد وترجع إلى زوجها الأول [10]
وهكذا روايات الميراث والنسب فقد ورد في الحديث عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قضى علي (عليه السلام) في رجل مات وترك ورثة فأقر أحد الورثة بدين على أبيه أنه يلزم ذلك في حصته بقدر ما ورث، ولا يكون ذلك في ماله كله، وإن أقر اثنان من الورثة وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة، وإن لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا، وكذلك إن أقر بعض الورثة بأخ أو أخت إنما يلزمه في حصته [11]
فهنا لايوجد نزاع ولايحتمل فالبينة حجة في كل موضوع لانزاع فيه فضلا عن ما اذا كان فيه نزاع، فهذه الروايات تقول في الموضوع لايكون خبر العادل حجة فيه بل لابد من البينة
ثم نقول ان الشريعة التي تهتم بالحدود وهو موضوع وقد تصعبت بها الشريعة فقالت ثبوتها بالبينة العادلة دون الخبر العادل فتثبت حجية البينة في غير الموضوع الهام، كما ان الحدود لانزاع فيها ولا احتمال النزاع لأن الحاكم اذا جاز له ان يحكم بعلمه فلا نزاع وان لم يجز له الحكم بعلمة فلايجوز له الحكم ومعه فلانزاع
هنا توجد ادلة على عدم حجية خبر الثقة في الموضوعات، منها عدم نفوذ شهادات المرأة في الرضاع
عن صالح بن عبد الله الخثعمي قال: كتبت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) أسأله عن أم ولد لي ذكرت أنها أرضعت لي جارية؟ قال: لا تقبل قولها ولا تصدقها[12]
مرسلة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في امرأة أرضعت غلاما وجارية قال: يعلم ذلك غيرها؟ قال: لا قال: فقال: لا تصدق إن لم يكن غيرها [13]فخبر الثقة في الموضوع ليس بحجة
وتوجد روايات كثيرة في عدم نفوذ الشهادة وخبر الواحد في العدة من حين الموت بل العدّة للموت من حين بلوغ الخبر، فان الموت موضع وخبر الواحد ليس بحجة في الموت، طبعا توجد رواية واحدة لم يعمل بهل المشهور تقول ان قامت بينة ان موته يوم كذا فعدتها من حين الموت وان لم تقم بينة فعدتها من حين بلوغ الخبر
وعدم حجية قول المؤذن، في رواية مرسلة علي بن جعفر: عن أخيه موسى (عليه السلام)، في الرجل يسمع الاذان فيصلي الفجر ولا يدري أطلع أم لا، غير أنه يظن لمكان الاذان أنه طلع، قال: لا يجزيه حتى يعلم أنه قد طلع[14]
وان كل ماتقدم ان كان كافيا على عدم حجية خبر الثقة في الموضوعات فهو وان لم يكف فاحتمال ان تكون كل هذه رادعة عن السيرة ومع احتمال الردع فلاتكون السيرة حجة ومعه فينتفي دليل السيد الخوئي