35/11/07


تحمیل
الموضوع:استدامة اللبث في المسجد
قلنا ان اعتكاف الإبن لابد ان لايكون فيه أذيّة للأبوين فلو أوجب اعتكاف الإبن أذية الأبوين فلايصح هذا الاعتكاف لأن الاعتكاف يكون علّة للحرام وعلّة الحرام حرام سواء كان صوم الابن فيه أذية للأبوين في شؤونهما أو كان اعتكاف الولد فيه أذية للأبوين بخصوص شؤون الإبن، فان الله تعالى قد اوجب على الابن البر بأبويه والإحسان لهما وحرمة العقوق، فليس للولد ان يؤذيهما ولو بقوله (اُف) فكيف اذا كان أكثر من ذلك، قال تعالى: ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما[1]﴾فالاحسان للوالدين واجب
فماقاله السيد الحكيم من ان أذية الأبوين مطلقا محرمة أي سواء كانت أذية الأبوين ناشئة من سبهما وشتمهما عند اعتكافه أو كانت الأذية ناشئة من الشفقة على الولد فإن أذيّة الأبوين لاتجوز ومع كون أذيتهما لاتجوز فيكون الاعتكاف محرما لأنه حرام ولايمكن للإنسان ان يتقرب الى الله بالحرام
نعم خرج من طاعة الوالدين ما اذا قال الابوان للولد لاتصلي ولاتذهب الى الحج ولاتصوم أو قالا له اشرك بالله فهنا لاطاعة للمخلوق في معصية الخالق وليس للولد هنا ان يطيعهما
هنا نشكل على صاحب العروة حيث قال: وإذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما إذا كان مستلزما لإيذائهما فهذا الكلام غير تام لأن إذن الوالدين غير لازم، نعم لابد ان لايتأذى الأب أو الام من الاعتكاف فأنه يمكن للولد ان يعتكف من دون علمها ومع عدم علمها فلايوجب اعتكافه أذية لهما
الثامن: استدامة اللبث في المسجد فلو خرج عمدا اختيارا لغير الأسباب المبيحة بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به وأما لو خرج ناسيا أو مكرها فلا يبطل وكذا لو خرج لضرورة عقلا أو شرعا أو عادة كقضاء الحاجة من بول أو غائط أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك ولا يجب الاغتسال في المسجد وإن أمكن من دون تلويث وإن كان أحوط والمدار على صدق اللبث فلا ينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما[2]فلو خرج عمدا لغير حاجة أو لغير حاجة منصوصة حيث ان المعتكف له الخروج من المسجد لبعض الحاجات المنصوصة كعيادة المريض والصلاة على الجنازة أو لتشييع جنازة أو لقضاء حاجة مؤمن أو حاجة لابد منها، اما الخروج من المسجد لغير الحاجات المنصوصة ولغير الحاجة التي لابد منها عقلا وشرعا فهو يوجب بطلان الاعتكاف استدامة اللبث في المسجد فلو خرج عمدا اختيارا لغير الأسباب المبيحة بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به فلابد من استمرار اللبث في المسجد ثلاثة أيام للنصوص وهو على القاعدة أيضا
صحيحة داود بن سرحان قال: كنت بالمدينة في شهر رمضان، فقلت: لأبي عبد الله عليه السلام : إني أريد أن أعتكف، فماذا أقول؟ وماذا افرض على نفسي؟ فقال: لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها، ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك[3] فسؤال السائل عن حقيقة الاعتكاف وهو عدم الخروج من المسجد الاّ لحاجة لابد منها فعدم الخروج داخل في ماهية الاعتكاف
حسنة عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: ولا يخرج المعتكف من المسجد إلا في حاجة [4] والحاجة أعم من كونها لابد منها أو ليس لابد منها فالرواية السابقة تقيدها بأنها لابد منها
النراقي (قده) قال ان بعض الروايات لايستفاد منها حرمة الخروج بدون حاجة لابد منها ولايستفاد منها بأنه إذا خرج لحاجة ليس لابد منها فان اعتكافه لايبطل لأن الروايات تقول (لاينبغي) وهو يعني الاستحباب فالخروج لالحاجة ليس حراما وليس مبطلا للاعتكاف
ولكن كلمة (لاينبغي) وردت في الروايات والقران وهذه الكلمة اذا وردت في القران الكريم والروايات فهو يعني الحرمة لأنه إطرد في كلام الله وكلام رسوله (صلى الله عليه واله) استعمال لاينبغي في المحضور شرعا وفي المستحيل نعم لو وردت كلمة (لاينبغي) في كلام الفقهاء فهو يعني كراهة الفعل
ثم ان هذا الحكم الذي يقول لو خرج لحاجة ليس لابد منها فقد بطل اعتكافه لايحتاج الى روايات فلانحتاج الى دليل لفظي لاننا نستند الى معنى الاعتكاف فانه عبادة عن الحبس واللبث المضادان للخروج فاذا خرج لا الى حاجة لابد منها دلّت عليها النصوص فلا تتحقق حقيقة اللبث وهو يعني عدم الاعتكاف