35/08/03


تحمیل
الموضوع:اليوم من طلوع الفجر إلى غروب الحمرة المشرقية
قلنا ان صاحب العروة قال يدخل في الاعتكاف الليلتان المتوسطتان ولايشترط إدخال الليلة الاولى ولا الرابعة وان جاز إدخالهما، فالاعتكاف ثلاثة أيام وقلنا ان اليوم هو النهار في قبال قوس الليل فمعنى اليوم لغة وشرعا وعرفا هو بياض النهار سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام[1]فاليوم في مقابل الليل فمن يعتكف ثلاثة ايام لايمكنه الخروج من المسجد الليلة الثانية والثالثة نعم الليلة الاولى والرابعة له ان لايمكث في المسجد بخلاف الليلة الثانية والثالثة
قال صاحب العروة: واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الحمرة المشرقية فلا يشترط إدخال الليلة الأولى ولا الرابعة وإن جاز ذلك كما عرفت ويدخل فيه الليلتان المتوسطان وفي كفاية الثلاثة التلفيقية إشكال[2] والدليل على ان الليلتين المتوسطتين داخلتين في الاعتكاف هو اننا عندما نرجع الى أدلة الاعتكاف فنرى انها تقول ان المعتكف يمنع الخروج من المسجد وهذا مطلق ولم يقيد المنع في النهار فلزوم بقائه الليلة الثانية والثالثة لاطلاق المنع من الخروج فلم يقيد فيالنهار فهذ الدليل يقول يحرم عليه ان يخرج في الليل
ثم ان المعتكف يحرم عليه الجماع فجماعة في الليل فيه كفارة وأما جماعه في النهار ففيه كفاراتان وهما كفارة إفساد الصوم وكفارة إفساد الاعتكاف ففي الليل لايمكنه الجماع وهذا يعني انه معتكف في الليل أيضا كما انه معتكف في النهار فالليلة الثانية والثالثة داخلة في الاعتكاف
وان الاعتكاف قد حُدد من ناحية القلّة بثلاثة أيام فان الفهم العرفي يقول ان هذه الأيام الثلاثة مستمرة ومتصلة ومعه فتدخل الليلة الثانية والليلة الثالثة في الاعتكاف، وهكذا بالنسبة للحيض فان أقله ثلاثة أيام يعني ان الليل داخل في كونها حائض ومنه أيضا خيار الحيوان ثلاثة أيام وهذا يعني ان له الخيار في الليل والنهار فهذه الموارد وغيرها يدخل فيها الليل وان كان العنوان هو عنوان النهار، فان الفهم العرفي يوسع مفهوم اليوم ليشمل الليالي المتوسطة وان توسعة العروف حجة
ولكن الاشكال على هذا الكلام هو ان الشارع علق الحكم على اسم فقال الفقهاء ان الشارع اذا علّق الحكم على اسم فلا معنى للرجوع الى الفهم العرفي فان اليوم قد حدده الشرع والعرف واللغة، وتوجد قاعدة فقد قال العلماء ان الشارع اذا علّق الحكم على اسم لاتحديد شرعي ولالغوي له فلابد من الاستعانة بالعرف كتحديد الغناء فالرجوع فيه الى العرف لعدم تحديده شرعا ولغة ولكن فيما نحن فيه ليس كذلك فان اليوم محدد لغة وعرفا وشرعا ومعه فلا معنى في الذهاب الى فهم العرف
هنا زعم بعض الاصولييون ان اللفظ اذا ورد في لسان الشارع فيحمل على المعنى الشرعي ومع عدم المعنى الشرع فلابد من حمله على المعنى العرفي فاذا لم يكن معنى عرفي فعندها يذهبون الى المعنى اللغوي فاذا لم يكن معى شرعي فاللفظ له إنصراف فينصرف الى معناه ففيما نحن فيه ينصرف الى معناه اللغوي وظاهر هذا اختلاف فيما يقوله الفقهاء ومايقوله الاصولييون ولكن الواقع ليس كذلك فان مايقوله الفقهاء في مورد وما يقوله الاصولييون في مورد آخر فان الاصولييون قالوا اذا ورد اسم من قبل الشارع نأخذ بالمعنى الشرعي أولاً ثم العرفي ثم اللغوي وهذا مع تعارض المعاني بينما مايقوله الفقهاء هو تحديد المعاني وليس مع التعارض فكل منهما في مورد، ولكن مقامنا ليس من قبيل ماقاله الفقهاء فليس هو من قبيل ورود الحكم على اسم وليس له تحديد شرعي ولغوي وعرفي كما ان مقامنا غير ماقاله الاصولييون فليس كلامنا في تعارض المعاني
ففتوى صاحب العروة صحيحة من انه اذ اعتكف ثلاثة أيام فان الليلة الثانية والثالثة تدخل أما الليلة الأخيرة وهي الرابعة فلاتدخل لأن اليوم قد انتهى عرفا وشرعا ولغة، ويؤيده هذه الرواية الضعيفة بوجود دهقان في سندها:
عن حميد بن زياد، عن عبد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إن المغيرية يزعمون أن هذا اليوم لهذه الليلة المستقبلة؟ فقال: كذبوا هذا اليوم لليلة الماضية، إن أهل بطن نخلة حيث رأوا الهلال قالوا قد دخل الشهر الحرام[3] أي دخل الشهر من الآن حين رؤية الهلال، فان العلامة توضع أول الطريق ولاتجعل آخر الطريق فالليلة الرابعة خارجة بلا كلام
واما خروج الليلة الاولى من الاعتكاف كما قاله المشهور خلافا لبعض الفقهاء حيث قال ان الاعتكاف يشرع من المغرب فقد نسب الى العلامة والشهيد الثاني هذا القول بدليل ان اليوم يستعمل في الليل والنهار كما ان دخول الليلتين المتوسطتين دليل على ان الليلة الاولى أيضا داخلة
ولكن هذا الكلام باطل فان الاستعمال أعم من الحقيقة والكلام في معنى اليوم وليس في الاستعمال، فالسيد الخوئي يقول الصحيح ماعليه المشهور لأن اليوم ظاهر لغة وعرفا في بياض النهار في قبال قوس الليل سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام[4]
نعم قد يستعمل اليوم في الأربعة والعشرين ساعة أي في بياض النهار والليل لقرينة خارجية تدل عليه كما في قوله كان سفرنا عشرة أيام فيظهر منه دخول الليل ايضا أما مع عدم القرينة على ان المراد من اليوم هو أربعة وعشرون ساعة فظاهره ان اليوم هو النهار وهو مافيه البياض ودخول الليلتين المتوسطين لأجل اعتبار الاستمرار فلا وجه للقياس الذي أجراه بعض الأعلام