35/07/19


تحمیل
الموضوع:وقت نيّة الاعتكاف
قال السيد صاحب العروة: ووقت النية قبل الفجر وفي كفاية النية في أول الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال[1] فلابد للمعتكف ان يدخل المسجد وينوي الاعتكاف قبل الفجر وقال علمائنا بأن الاعتكاف ملازم للصوم وهذا بخلاف العامة حيث قالوا بأن الإعتكاف يصح ولو من دون الصيام كما انهم قالوا بان الاعتكاف يصح في اليوم الواحد فقط كما انهم قالوا ان الاعتكاف يصح في الليل فقالوا لو لزمه الاعتكاف فيلزمه مايسمى يعني ولو ساعة من ليل أو نهار، قال ابن قدامة الحنبلي بعدم كفاية هذا في الاعتكاف بل لابد من الصيام وقال يجوز ان يدخل الصائم في الاعتكاف بعد صلاة الفجر
أما الامامية فقالوا ان بداية الاعتكاف قبل الفجر فيدخل الفجر والنية مقارنة له، فاذا أراد النية في الليل فهل يصح منه كما في صوم شهر رمضان فانه لو نوى نية شهر رمضان قبل الفجر بان يصوم كل الشهر فقالوا بصحتها وكفايتها فهل يصح هذا في الإعتكاف؟ قال صاحب العروة لايصح ذلك لأن الأصل ان تكون النية مقارنة للعبادة وإنما جاز في شهر رمضان فلأجل ورود الدليل في خصوص شهر رمضان بجوزا تقديم النية من الليل أما في الاعتكاف فلا دليل على جواز ذلك
بالنسبة للسيد الحكيم قفال بجواز تقديم النية من الليل في الاعتكاف وهو على القاعدة وليس خلاف القاعدة فان النية هي الداعي الى البقاء في المسجد فيجوز تقديم النية من أول الليل مثل صيام شهر رمضان فان النية قلبية فلو بقيت مرتكزة في النفس من أول الليل فهي نية باقية عند الفجر وهذا الكلام صحيح وتام من السيد الحكيم
وعلى ماقاله السيد الحكيم فان النية من الليل في الصوم والاعتكاف وفي كل مانريد ان ننويه ووقته لم يحن بعد فهو يجوز ويصح العمل فان النية موجودة ومرتكزة في النفس فعند الفجر لوكان الشخص نائما وكان نويا من اول الليل وهي النية الارتكازية فيصح عمله، وعلى هذا الكلام فتتفرع تفريعات ثلاثة:
التفريع الأول: لو زالت النية التي أوجدها أول الليل قبل الفجر فهنا يترك الاعتكاف وبقائه في المسجد بعد الفجر لايوجب صحة اعتكافه لانه بقاء في المسجد بدون نيّة الاعتكاف وبدون نية العبادة
التفريع الثاني: لو عرض النوم بعد النية من أول الليل وأفاق بعد طلوع الفجر فهنا نيته صحيحة فان اللبث مستند اليه ويُعدُ فعله اختياريا وصادرا عن قدرة واختيار فان النية الارتكازية موجودة، ومن هذا الكلام يُعلم ان النص الوارد في الصوم بان نية الصوم لشهر رمضان من الليل فاذا نوى في الليل ونام بعد النية وأفاق بعد الفجر بساعة فهنا نيته صحيحة فهو قد نوى الاعتكاف من الأول والنية عنده ارتكازية فلا تضر بصحة الصوم، فلذا لو وصل الى مزدلفة في الليل ونوى الوقوف من الفجر الى طلوع الشمس ونام قبل الفجر وأفاق بعد الفجر بساعة فهذا ممن نوى البقاء بمزدلفة فيحسب انه قد جاء بالواجب وهكذا في عرفات لو حصل ذلك ونام قبل ظهر عرفات وافاق بعد الظهر فهنا النية ارتكازية وتنسجم مع الغفلة
نعم لو نام في بيته في مكة ونُقل الى عرفات وافاق بعد الظهر بساعة فهنا لانية له لأنه كان نائما في مكة وليس في مكة او كان نائما في عرفات فحملوه الى مزدلفة ولم ينو البقاء في مزدلفة نعم يحثل على الركن لكنه لم يات بالواجب باكمله
التفريع الثالث: لو كان شروعه في الاعتكاف في أول الليل أو في اثنائه فتحققت النية ثم نام قبل الفجر وصلى وهكذا اليو مالثاني والثالث فيكون اعتكافه هنا ثلاثة ليالي وثلاثة أيام وسبع ساعات من الغروب الى الفجر وهذه الزيادة لاتضر وإنما الذي يضر هو النقيصة عن ثلاثة أيام، هذا كله مترتب على ان النية الارتكازية كافية في مقارنتها للفجر وان كان المعتكف حين الفجر نائما كما قاله السيد الحكيم
ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب اشتباها لم يضر إلا إذا كان على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق [2] وهذه المسألة مبتنية على ماقاله القوم من انه يوجد اعتكاف واجب ويمكنه ان ينوي بهذا الاعتكاف قصد الوجه كما انه يوجد اعتكاف مستحب ويمكنه ان ينوي بهذا الاعتكاف القربة والندب وهو الوجه، وهذه الفتوى التي قالها صاحب العروة والسيد الخوئي من ان قصد الوجه ليس بواجب لكنه لو أتى به فلا بأس به
ولكننا لم نقبل بذلك تبعا لصاحب الجواهر والسيد الحكيم حيث قالا لايوجد لدينا اعتكافان أحدهما واجب والآخر مستحب بل ان الاعتكاف في الشريعة هو اعتكاف مستحب وان النذر والشرط والعهد هو نذر وشرط وعهد للاعتكاف المستحب فالعبادة تبقى مستحبة وان وجوب الوفاء بالنذر والعهد واليمين ليس عبادة بالمعنى الأخص نعم هو عبادة بالمعنى الأعم
فالسيد الخوئي وصاحب العروة قالا بأن الشخص لو نوى الوجوب والحال ان الاعتكاف مستحب أو نوى الاستحباب والحال ان اعتكافه واجب فهذا لايضر الاّ ان يقيد عمله بأنه عمل واجب مع انه مستحب ويمكن تصور التقييد في القضايا الكلية كما في الكلي له حصص فالاعتكاف مقسم له حصة وآجبة وحصة مستحبة فهنا يقيد ويقول آتي بالاعتكاف بقيد انه واجب أو بقيد انه مستحب فهنا لاتقع عما غفل عنه من النية
ونذكر هنا هذا الفرع وهو: لو كان عليه خمس هذه السنة وعليه خمس المعمل الذي قيمته خمس ملايين فخمس هذه السنة له مصاديق متعددة فلو نوى خُمس هذه السنة ثم بعد المحاسبة ظهر انه قد خسر هذه السنة ففي هذه الصورة لايمكنه حسابه من خمس المعمل الذي هو في الذمة، أما لو لم يقصد الكلي بل كان ناويا للأمر المتوجه اليه ويعتقد انه مطلوب خمس فهذا يكون قضاء لأنه مأمورا بالقضاء وقد قصده فهنا يصح الخمس
هنا شيء آخر وهو لو دخل شخص للمسجد وقصد الصلاة خلف هذا الامام وتصوره السيد محمد مثلا فتبين انه ليس السيد محمد فهنا من الاشتباه في التطبيق فالصلاة هنا صحيحة لأنه نوى الصلاة خلف هذا الشخص لكنه اشتبه في التطبيق بين السيد محمد وغيره
فهذا الامر جزئي وخارجي وهو من الامور التكوينية وان الامور التكوينية غير قابلة للتعليق فان الاعتكاف الخارجي والائتمام الخارجي شيء تكويني لايكون معلقا فاذا قصد الأمر المتوجه لهذا الاعتكاف الخارجي فهذا جزئي واعتقد انه واجب فقيده ثم تبين لايوجد واجب فيصح كإمامة الجماعة