35/07/12


تحمیل
الموضوع:نية القربة شرط في صحة الاعتكاف
الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات والتعيين إذا تعدد ولو إجمالا ولا يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات وإن أراد أن ينوي الوجه ففي الواجب منه ينوي الوجوب وفي المندوب الندب ولا يقدح في ذلك كون اليوم الثالث الذي هو جزء منه واجبا لأنه من أحكامه فهو نظير النافلة إذا قلنا بوجوبها بعد الشروع فيها ولكن الأولى ملاحظة ذلك حين الشروع فيه بل تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث ووقت النية قبل الفجر وفي كفاية النية في أول الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال نعم لو كان الشروع فيه في أول الليل أو في أثنائه نوى في ذلك الوقت ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب اشتباها لم يضر إلا إذا كان على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق[1]ولكن كيف يمكننا استفادة عبادية الاعتكاف لكي نقول بلزوم نية القربة فيه، فان الشيئ الذي اُمرنا به لو كان عبادة فلابد من قصد العنوان قربة الى الله أما اذا لم يكن الشيئ الذي اُمرنا به عبادة فهنا نقصد العنوان فقط ولايحتاج الى نية القربة
وأما الدليل على عبادية الاعتكاف:
أولا: الاجماع على ان الاعتكاف عبادة ومع ثبوت الاجماع فهو دليل تام على عبادية الاعتكاف
ثانيا: الارتكاز المتشرعي على ان الاعتكاف عبادة فيتفرع عليه نية القربة، والفرق بين الارتكاز والاجماع هو ان الاجماع يكون من علماء الامامية بينما الارتكاز يكون من قبل الناس المتشرعة سواء العلماء منهم وغير العلماء ومعه فلابد من نية القربة ولايكفي قصد العنوان
ثالثا: القران الكريم دلّ على عبادية الاعتكاف، قال تعالى: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود [2] وهذا الأمر للنبي (صلى الله عليه واله) من قبل الله تعالى بتطير البيت هو لأجل ان العمل عبادة وهو طواف واعتكاف وركوع وسجود وليس هو مجرد المكث واللبث بدون عبادة وبدون قربة بل الطواف والاعتكاف والركوع السجود هي امور عبادية
والمراد من نية القربة ليس هو القصد فان القصد موجود في كل عمل وعليه فان النية في العبادة هو القربة وان القربة هو العمل المعين المعين الذي يعمله الانسان ويجعل له وجها كالاتيان بالصلاة وجعل الوجه ها وهو القربة فالقربة وجه العمل فلابد ان يكون وجه العمل لله تعالى وليس لشيء آخر من امور الدنيا والدواعي النفسية فالنية هي عبارة عن وجه القصد الذي وجد في عمل المكلف، فوجه العمل اذا كان لله تعالى فهو عبادة وان كان وجه العمل لامور الدنيا كالتجارة وغير ذلك فهو ليس بعبادة
بعض العلماء قال ان المراد بنية القربة هو ان يأتي الشخص بالاعتكاف بقصد أمره ولكن هذا المعنى غير موجود في الروايات وقد وردت الاشكالات على هذا التعريف لنية القربة نعم الموجود في الروايات هو ان يأتي الانسان بالعمل خالصا ومخلصا لله تعالى وخالية من الامور الدنيوية، لذا فقد قالت الرواية الواردة عن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرء ما نوى، فمن غزى ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عز وجل، ومن غزى يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا، لم يكن له إلا ما نوى [3] فليست القربة هي الإتيان بالفعل بقصد الأمر بل هذا ماذكره علماء الاصول وقد أشبوعه بحثا
فالاعتكاف عبادة بالاجماع أو بالارتكاز أو بالآية القرانية ومعنى العبادة هو أن يكون العمل خالصا لوجه الله وليس لدواعي نفسيه
ثم ذكر المصنف انه لابد من التعيين في الاعتكاف اذا تعد الاعتكاف ولو اجمالا بمعنى ان الشخص اذا كان عليه اعتكافان فلابد ان يعيّن ان الاعتكاف الأول مثلا لأجل النذر الأول والاعتكاف الثاني لأجل الاعتكاف الثاني
هنا المسألة ذات شقوق ثلاثة فان ذمة المكلف عندما تشتغل بعملين متشابهين في الصورة كالاعتكافين فان الذمة المشتغلة بالاعتكافين المتشابهين والمتشاركين في الصورة ينقسم الى ثلاثة اقسام:
فتارة: الأفراد مجموعا لحقيقة واحدة ولاتمييز بينهما كما لو ترك يوما من شهر رمضان للسفر وترك يوما آخر لأنه تمرض فهنا اشتغلت الذمة بعملين لكنهما مصداقان لحقيقة واحدة لأنه لاتمييز بين أيام شهر رمضان فاليوم الذي يصام عن اليوم الأول لايتميز عن صوم اليوم الآخر، ففي هذه الصورة لايأتي كلام صاحب العروة فلو كان الاعتكاف من هذا القبيل فانه لايحتاج الى تعيين لأنه لا امتياز بينهما ومعه فلا يجب قصد التعيين
وتارة: يكون الشخص مطلوبا بشيئين من حقيقتين فهنا يجب التعيين عند الامتثال كما لو كان مأمورا بصلاة ركعتين نافلة ومأمور بركعتين صلاة الصبح فان حقيقة أحداهما تختلف عن حقيقة الثانية فان النافلة لها أحكام تختلف عن أحكام الفريضة فحقيقة صلاة النافلة غير حقيقة صلاة النافلة وهذا الاختلاف في الأحكام يدل على الاختلاف في الحقيقة بينهما، ففي هذه الصورة كما اذا كان مطلوبا صوم شهر رمضان العام الماضي وصوم شهر رمضان العام الذي قبله أيضا فلو كان القضاء الذي أتى به عن رمضان السابق فلا فدية وأما اذا قصد بالصوم رمضان الذي قبله فلابد من إعطاء الفدية فهنا الأثر يترتب على أحدهما دون الآخر وهذا معنى ان أحد الصومين يمتاز عن الآخر، وبالنسبة للاعتكاف فان الاعتكاف النذري يقع وان لم ينوي العنوان النذري بل اتيانه قربة الى الله تعالى يكفي بينما الاعتكاف النيابي لابد من قصد ان هذا الاعتكاف عن فلان اليت فان الاعتكاف الاجاري يمتاز عن النذري، وهذا القسم يصح قيه كلام السيد المصنف
وتارة ثالثة: ان تكون الأفراد في الذمة مشتركة وليست لحقيقة واحدة بل لحقائق متعددة الاّ ان الأثر لهذا ولذاك
يأتي الكلام عليه انشاء الله