34/07/30


تحمیل
 الموضوع:الصوم المنذور في السفر
 قلنا ان الصوم الواجب في السفر لايجوز ولكن له استثناءات وهي ان المسافر الذي لايقصر صلاته فانه يصوم وكذا المسافر بعد الظهر فانه يصوم وثالثا المسافر الذي لايعلم ان الصوم يبطل في السفر فصومه صحيح واذا كان الصوم الواجب بدل دم المتعة في الحج واذا كان الصوم الواجب بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا وسادسا اذا كان الصوم الواجب نذري ونذر ان يصوم في السفر أو نذر ان يصوم في السفر والحضر وهذا هو الاستثناء السابع فيصح الصوم في هذه الموارد السبعة حتى لو كان الصائم في السفر
 والدليل على الاستثناء السادس والسابع هو صحيحة علي بن مهزيار التي نقلها الشيخ الطوسي كما ان لها أسانيد متعددة، فقد نقلها الشيخ الطوسي باسناده عن محمد بن الحسن الصفار الى ان يقول عن ابن مهزيار قال كتب بندار مولى ادريس نذرت ان أصوم كل يوم سبت فاذا أنا لم أصمه فما يلزمني من الكفارة؟ فكتب اليه وقراءته لاتتركه الاّ من علّة وليس عليك صومه في سفر ولامرض الاّ ان تكون نويت ذلك فلو نوى الصوم في السفر فيجوز له ذلك لكن صاحب الشرائع تردد في الحكم
 وقال المجلسي عن صاحب المدارك بأن الرواية ضعيفة فلو ثبت ضعف الرواية فيكون الاستثناء السادس والسابع غير صحيح فلابد من ملاحظة الرواية والاشكالات الواردة عليها
 الاشكالات على الرواية
 الاشكال الأول: قالوا ان بندار قد كتب اليه وهو مولى ادريس وهذا الشخص مجهول
 والجواب
 أولا: نحن لم نستدل بكلام بندار بل ان علي بن مهزيار يقول انا أعرف جواب الامام (عليه السلام) وقد قرأته فالاعتبار بكلام ابن مهزيار
 ثانيا: ان سند هذه الرواية ليس مختصا ببندار بل لها سند آخر حيث رواها الكليني باسناده عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن مهزيار
 وثالثا: قد أخرج الشيخ الطوسي الرواية في التهذيب في باب النذر باسناده عن محمد بن يعقوب
 الاشكال الثاني: ان هذه الرواية مضمرة فانها تقول كتب بندار ولم يذكر انه لمن قد كتب، ومعه فلايقين بأن المسؤول هو الامام (عليه السلام)
 والجواب: ان ابن مهزيار ليس شخص عادي بحيث انه يسئل من كل شخص بل ان ابن مهزيار وعنايته بقراءة الكتاب كما ان نقل هذه الرواية في المجاميع الحديثية يدل على اعتبار الرواية
 ثم ان هناك شهادة من الأصحاب على صحة الرواية فإن الأصحاب ذكروا هذه الرواية في الروايات الصادرة عن الائمة (عليهم السلام) وهذه شهادة من الأصحاب على ان هذه الرواية قد صدرت من الامام (عليه السلام)
 الاشكال الثالث: ان متن الرواية مشكل وضعيف لأنه عطف المرض على المسافر ثم يقول الاّ ان يكون قد نوى فان نية الصوم في المرض غير صحيحة لأن جواز الصوم حال المرض وعدمه لايدوران مدار النية بل يناطان بالضرر وعدمه فلايشرع النذر بالصوم على المريض بينما الرواية أناطت الصوم بالنية، ومعه فيظهر ان المتن غير صحيح
 والجواب: ان القرينة الخارجية موجودة وهي ان المرض وعدمه لايدوران مدار النية بل يناطان بالضرر وعدم الضرر والاجماع على عدم صحة الصوم من المريض وان نذر، فهذه القرينة تقول ان الاستثناء يرجع الى السفر فقط دون المرض
 الاشكال الرابع: في ذيل هذه الرواية يقول اذا حنثت في النذر فعليك كفارة وهي إطعام سبعة مساكين، مع ان المعلوم بان كفارة حنث النذر هي اطعام عشرة مساكين كما هو المختار فالمتن في هذه الرواية فيه خلل
 والجواب: ان غاية الأمر هو سقوط الذيل في الرواية عن الحجية لوجود معارض لها على ان هذه الرواية في بعض النسخ كما في نسخة المقنع تقول ان عليه إطعام عشرة مساكين
 بقي هنا شيء وهو انه في النذر يشترط ان يكون راجحا كما صرحت الروايات والأدلة بذلك والمفروض ان الصوم في السفر مرجوح للنهي عنه ومعه فكيف يصح النذر والصوم في السفر مرجوح
 قال السيد الخوئي ان هذا الدليل الذي يقول برجحان النذر هو استثناء شرعي فهو منصوص ومعه فقد قبل السيد الخوئي ان الصوم في السفر مرجوح
 نحن نقول ان الصوم في السفر راجح وليس بمرجوح لأنه عبادة لكن ثوابه قليل فان المرجوح هو الذي ليس فيه ثواب أصلا بينما الصوم في السفر فيه ثواب لكنه ثواب قليل
 ثم اذا نذر الشخص ان يصوم كل يوم سبت مثلا لكن لم يقيده بالسفر ولم يلحظ السفر ولا الحضر بل اطلق النذر فلو سافر السبت فإنه لايصوم ذلك اليوم، وهذا الحكم هو المشهور وهي الصورة الثالثة لنذر الصوم وقد دلّت عليه الروايات
 منها صحيحة كرام [1] قال قلت للامام الصادق (عليه السلام) اني جعلت على نفسي ان اصوم حتى يقوم القائم؟ قال صم ولاتصم في السفر فيعني انه لم ينوي الصيام في السفر
 ومنها موثقة مسعدة بن صدقة [2] عن الامام الصادق (عليه السلام) في الرجل يجعل على نفسه أياما معدودة في كل شهر ثم يسافر فتمر به الشهور؟ قال انه لايصوم في السفر ولايقضيها اذا شهد
 ومنها موثقة عمار الساباطي [3] قال سألت الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقول لله علي ان صوم شهر أو أكثر من ذلك أو أقل فيعرض له أمر لابد له ان يسافر أيصوم وهو مسافر في ذلك الشهر؟ قال اذا سافر فاليفطر فانه لايحل له الصوم في السفر فريضة كان او غير فريضة والصوم في السفر معصية
 وأيضا موثقة زرارة قال [4] قلت للباقر (عليه السلام) ان امي كانت جعلت عليها نذرا إن رد عليها بعض ولدها من شيء كانت تخافه عليه ان تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه مابقيت فخرجت معنا مسافرة الى مكة فأشكل علينا صوم ذلك اليوم الذي قدم فيه لمكان النذر أتصوم أو تفطر؟ فقال (عليه السلام) لاتصوم وقد وضع الله عنها حقه وتصوم هي ماجعلت على نفسها فلايصح الصوم في السفر اذا لم ينوي الصوم في السفر
 ولكن يعارض هذه الروايات رواية معتبرة لإبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سألته عن رجل يجعل لله عليه يوم مسمى؟ فقال (عليه السلام) يصوم أبداً في السفر والحضر فنفس المورد فيه روايات متباينة
 هنا تأتي رواية علي بن مهزيار فتجمع بين هذه الروايات المتعارضة حيث تقول ان من لم ينو الصيام في السفر فهو لايصوم وان الروايات التي تقول بالصوم في السفر هو فيما اذا نوى الصوم فيه حين النذر، فتكون هذه الرواية وجها للجمع بين الروايات المتعارضة بمعنى ان الروايات الناهية على الصوم نحملها على عدم نية الصوم في السفر ونحمل الروايات المجوّزة على نية الصوم في السفر
 لكن مع كل هذا فإن الشيخ المفيد يقول بوجوب الصوم في السفر حتى اذا لم ينوي الصوم في السفر وهذه هي الصورة الثالثة وكذا قال المرتضى وسلار مثل ذلك وسبب قولهم هو عموم الوفاء بالنذر ولمعتبرة إبراهيم بن عبد الحميد المتقدمة
 لكن هذا القول باطل فانه اذا لم ينو الصوم في السفر فلايصح له الصوم لأن عموم الوفاء بالنذر مختص بصورة رجحان النذر وان أخبار المنع تقول ان الصوم في السفر مرجوح اذا لم يكن منذورا

 


[1] وسائل الشيعة، الباب 10 من ابواب من يصح منه الصوم، الحديث 9
[2] وسائل الشيعة، الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 10
[3] وسائل الشيعة، الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 8
[4] وسائل الشيعة، الباب 10 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 3