34/02/23


تحمیل
 الموضوع: التجشئ
 في مسألة القيئ قلنا ان النصوص وافرة ومستفيضة من طرق الامامية ومن طرق العامة على ان القيئ العمدي مفطر واما اذا ذرعه وسبقه القيئ من دون عمد فلا يبطل الصوم
 إنما الكلام في كفارة التقيئ العمدي فالروايات لم تشير الى وجوب الكفارة فهنا اختلف الفقهاء حيث ان بعضهم قال بعدم الكفارة وبعضهم قال بوجوب الكفارة
 فالقائل بوجوب الكفارة استند الى روايات في غير باب القيئ من ان كل من افطر عمدا فعليه الكفارة وأما من قال بعدم وجوب الكفارة فهو يقول ان هذه الروايات الواردى في القيئ لم تذكر الكفارة السكوت في مقام البيان ظاهر في عدم الكفارة
 نحن نقول نعم من هذه الروايات لايمكن استفادة وجوب الكفارة ولكن من روايات اخرى يمكن استفادة وجوب الكفارة مثل كل من افطر فعليه القضاء والكفارة فهذه أدلة اخرى تثبت وجوب الكفارة على من أفطر متعمدا
 هنا نتسائل ونقول اذا كان التقيئ العمدي تارة لمرض وتارة لغير مرض فنقول ان المفطر عمدا للتقيئ فعليه القضاء والكفارة اما اذا كان تقيئه لعذر ومرض فهل عليه الكفارة؟
 هنا نرجع الى تلك الرواية الواردة في الحقنة بالمائع فقالت اذا أفطر عمداً بدون عذر فعليه الكفارة، وهي صحيحة عبد الله بن سنان عن الامام الصادق (عليه السلام) في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر؟ قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا ومعنى ذلك اذا أفطر متعمدا لعذر فلا كفارة
 فنقول هنا كما قلنا في الحقنة انه اذا كان التقيئ لمرض كما اذا أمر به الطبيب فالتقيئ هنا عمدا لكنه لعذر ومعه فلا كفارة وهذا المورد من الافطار العمدي لكنه إفطار جائز وليس من الإفطار المحرم
 فالتقيئ العمدي اذا كان لا لعذر ففيه الكفارة اما اذا كان لعذر ولمرض فالادلة لاتشمله
 قال السيد الماتن (قده): ولا بأس بما كان سهوا أو من غير اختيار وهذا قد ذكرته الروايات
 فان الروايات قد فصلت بين العمدي حيث أثبتت فيه القضاء وبطلان الصوم أما التقيئ غير العمدي كالسهوي أو الحاصل من دون اختيار فقالت الروايات بأنه يتم صومه أي صومه صحيح
 فماذكره صاحب العروة صحيح لأجل اختصاص بطلان الصوم بصورة العمد وقد صرحت الرواية بالبطلان في صورة العمد أما اذا كان القيئ من غير اختيار فهو لايبطل الصوم وقد ذكرته الروايات
 وقال (قده): والمدار على الصدق العرفي فخروج مثل النواة أو الدود لا يعد منه وهذا تام للأدلة التي تقول ان القيئ العمدي مفطر ويجب فيه القضاء ونرجع بمعنى القيئ الى العرف وهو اخراج مافي معدته من الطعام
 أما اذا اخرج شيئا من المعدة بواسطة الخيط مثلاً فهذا ليس من التقيئ فهو لايبطل الصوم لو حصل في نهار الصوم أو كما اذا دخلت ذبابة في معدته قبل الفجر وأخرجها في نهار الصوم بواسطة السعال فهذا لايقال له قيئ أو دخول نواة الى المعدة قبل الفجر واخرجها بعد الفجر فهو ليس من القيئ عرفا ولايكون مفطرا
 مسألة 69: لو خرج بالتجشئ شيء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا ولو وصل إلى فضاء الفم فبلعه اختيارا بطل صومه وعليه القضاء والكفارة بل تجب كفارة الجمع إذا كان حراما من جهة خباثته أو غيرها فلو وصل بالتجشئ شييء من المعدة ووصل الى اللسان فهذا ليس من التقيئ
 كما انه لوخرج بالتجشئ شيء فوصل الى فضاء الفم وأمكنه لفظه واخراجه من الفم الاّ انه بلعه عمدا فهنا يبطل صومه وعليه القضاء والكفارة
 ويقول المصنف اذا بلعه عمدا وكان العمل محرما فعليه كفارة الجمع وسبب حرمة هذا العمل هو صيرورته من الخبائث بعد ان خرج من المعدة لأن الطبع يتنفر منه فاذا بلعه اختيارا فعليه كفارة الجمع
 ذكر المصنف هنا ثلاثة فروع:
 أولا: ان القلس والتجشئ اذا خرج من المعدة الى فضاء الفم ورجع اختيارا فلايبطل صومه
 ثانيا: لو وصل الى فضاء الفم بهذه الطريقة فبلعه اختيارا فيبطل صومه وعليه القضاء والكفارة
 ثالثا: اذا كان هذا البلع حراما لأنه من الخبائث ويحرم أكل الخبائث فعليه كفارة الجمع
 أما الفرع الأول: فنقول ان التجشئ غير القيئ فان التجشئ مفهوم مغاير للقيئ وهو مايسمى بالقلس كما عبرت به بعض الروايات
 فلا مانع من ان يخرج شيء من المعدة الى فضاء الفم بهذه الطريقة اذا كان عنوانه قلس وتجشئ فان المانع هو القيئ وتعمده يبطل الصوم ويوجب القضاء مع الكفارة أما القلس والتجشئ فلا مانع منه وتعمده من الصائم لا يوجب بطلان الصوم
 وان منع صحيحة محمد بن مسلم عن الامام الباقر (عليه السلام) دلت على عدم إفطار القلس للصائم لأنها حصرت المفطرات في أربعة امور وهي الأكل والشرب والارتماس والنساء وان القلس والتجشئ ليس منها
 وان موثقة سماعة في الباب 30 مما يمسك عنه الصائم الحديث 3 وردت بنفس المورد في التجشئ وقالت لابأس به حيث قال سماعة سألته عن القلس وهو الجشاء يرتفع الطعام من جوف الرجل من غير ان يكون قد تقيئ الى فضاء الفم وهو قائم في الصلاة؟ قال لاينقض ذلك وضوئه ولايقطع صلاته ولايفطر صيامه فالتجشئ لايوجب الافطار للصائم واذا نزل الأكل من دون اختيار فان الأكل من دون اختيار لايوجب بطلان الصوم ولايفطر
 وأما الفرع الثاني: وهو اذا وصل الطعام بالتجشئ الى فضاء الفم وكان يمكنه ان يلفظه ويقذفه لكنه بلعه اختيارا فهنا يصدق عليه بأنه أكل وهو يوجب افطار الصوم ولابد من القضاء وتجب الكفارة أيضا لأن هذا الفعل وقع منه عمدا
 ولكن هنا صحيحة تعارض هذا الحكم الذي هو على القاعدة وهي رواية صحيحة تقول اذا تجشئ فوصل الى فضاء فمه طعام ثم بلعه اختيارا فلا يفطر بذلك العمل، وهي:
 صحيحة عبد الله بن سنان في الباب 29 مما يمسك عنه الصائم الحديث 9 تقول سُئل الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقلس فيخرج منه الشيء من الطعام أيفطر ذلك؟ قال لا، قلت فان ازدرده بعد ان صار على لسانه؟ قال لايفطر ذلك وهذه الصحيحة تعني ان كل أكل وشرب مفطر الاّ هذا فانه أكل ولكنه ليس بمفطر
 لكن المشهور لم يعمل بهذه الرواية وقد أعرض عن هذه الرواية الصحيحة ونحن نختار ان الإعراض موهن كما هو رأي المشهور فتسقط هذه الرواية عن الحجية ونبقى على القاعدة من انه اذا أقلس فوصل الى فضاء الفم شيء وتمكن من القائه الى الخارج فاذا بلعه عمدا فقد أكل عمدا فعليه القضاء والكفارة على القاعدة
 بالنسبة للسيد الخوئي الذي يقول ان الرواية الصحيحة اذا اعرض عنها المشهور لا تسقط عن الحجية فلابد ان يقول هنا بعدم الافطار ولذا يقول ان البطلان مشكل هنا ولكنه لم يفتي بعدم البطلان بل قال ان الاحتياط مما لاينبغي تركه فيصوم ويقضي وعليه الكفارة ومعه فقد خالف مسلكه القائل بأن اعراض المشهور لايوجب وهن الرواية
 نحن نقول ان هذه الرواية لم يعرض عنها المشهور بل هجرها الجميع فيقول صاحب الجواهر إني لم أجد من عمل بصحيح بن سنان أي لامن المتقدمين ولا من المتأخرين فهي مهجورة من الجميع وان الهجران يسقط الرواية عن الحجية حتى عند السيد الخوئي ولذا لم يفتي السيد الخوئي بالبطلان ولم يفتي بعدم البطلان
 ونحن في مناقشة السيد الخوئي نقول له ان الرواية اذا كانت خلاف رأي المشهور فلابد من ان تقول ان هذا العمل غير مفطر ولاوجه للاحتياط وان كانت الرواية مهجورة من الجميع فتكون الرواية ساقطة عن الحجية فلابد من القول بالمفطرية لا بالاحتياط الوجوبي
 نحن هنا نحتمل في هذه الرواية سُئل الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل يقلس فيخرج منه الشيء من الطعام أيفطر ذلك؟ قال لا، قلت فان ازدرده بعد ان صار على لسانه؟ قال لا يفطر ذلك أي ان الإزدراد يوجب الإفطار وليس كالقلس ومعه فيصير موافقا للقاعدة
 أما كفارة الجمع فيأتي الكلام عليها انشاء الله تعالى