37/06/18


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, المورد التاسع, مسألة 3.

نعم قد يشكك في تحقق الاعراض عن صحيحة الحلبي فكل من السيد الحكيم (قد) و السيد الخوئي (قد) ذكر أن جماعة ذهبوا إلى التفصيل مع أن الدليل الواضح على التفصيل هو صحيحة الحلبي, وفي الجواهر حكى القول بالتفصيل عن جماعة, وكثير من المتأخرين ذهب إلى التفصيل كالشهيد الاول والثاني وصاحب الحدائق وصاحب المستند والمحقق الاردبيلي وغيرهم, لكن المناط في الاعراض المتقدمين من علامنا, وقد نسب بعضهم التفصيل إلى الشيخ الكليني ولعل السر عدم ذكره _في باب المضمضة والاستنشاق_ الا صحيحة الحلبي ورواية الريان بن الصلت عن يونس, ولم يذكر رواية سماعة التي يستدل بها على عدم القضاء في مطلق الوضوء.

وذكر الشيخ الطوسي في الاستبصار خبراً ثم قال (قال: محمد بن الحسن هذا الخبر مختص بالمضمضة إذا كانت لإجل الصلاة، فأما للتبرد فإنه لا يجوز على حال)[1] ويفهم من هذه العبارة انها ناظرة إلى الحكم التكليفي والظاهر أنه يرتب على هذا الحكم حكماً وضعياً, فيبني على وجوب القضاء عند عدم جواز المضمضة تكليفاً وعدمه عند جوازها, ويمكن أن يستفاد هذا من قوله بعد هذه العبارة (يدل على ذلك) ونقل رواية الريان بن الصلت عن يونس, والرواية لم تتعرض إلى الحكم التكليفي, بل تدل على الحكم الوضعي وتفريقها بين حالتين من وضوء الصلاة وقد فسرها المشهور بأنها ناظرة إلى التفصيل المذكور في صحيحة الحلبي, واستدل بهذه الرواية على قوله (هذا الخبر مختص بالمضمضة إذا كانت لإجل الصلاة....) ولم يقيد الصلاة بالفريضة, ولو كانت هذه العبارة من غير استدلال بالرواية ينبغي أن يقال أن الشيخ الطوسي يرى قول المشهور, لكنه حينما يستدل برواية الريان بن الصلت الوارد فيها كلمة الفريضة مع تفصيلها بين صلاة الفريضة وبين صلاة النافلة يفهم أن مراده من الصلاة في العبارة صلاة الفريضة, فيكون المفاد أنه لا يجب القضاء في خصوص الوضوء لصلاة الفريضة, هذا غاية ما يمكن أن يقرب به دعوى ذهاب الشيخ إلى التفصيل .

فيكون الحاصل أن من القدماء _الشيخ الكليني والشيخ الطوسي_ يذهبان إلى التفصيل فلا يتحقق الاعراض عن صحيحة الحلبي.

لكن الشيخ الطوسي كأنه يريد أن يعلل عدم القضاء بجواز المضمضة في قبال من يتمضمض للتبرد, ولا يفرق فيهما بين صلاة الفريضة وبين صلاة النافلة وقد صُرح به في كلمات الفقهاء الاخرين, وحينئذ من الصعب أن يقال أن الشيخ الطوسي يذهب إلى التفصيل خصوصاً أن عبارته يقول فيها لأجل الصلاة في مقابل التبرد فيكون المراد مطلق الصلاة لا خصوص الفريضة, وليس للشيخ الطوسي عبارة اخرى يفهم منها ذهابه إلى التفصيل, نعم في الحدائق عبارة موهمة حيث ذكر كلاماً للشيخ الطوسي واعقبه ب (ونقل عن جماعة ذهابهم إلى التفصيل) وعلى قراءة الفعل (نقل) مبنياً للمعلوم تكون الجملة عطفاً على كلام الشيخ الطوسي فيكون هو الناقل عن ذهاب جماعة إلى التفصيل, بينما على قراءته مبنياً للمجهول لا يكون كذلك, وقد قرأ صاحب المستند العبارة بالقراءة الاولى وعول عليها, لكن الظاهر أن الأمر ليس كذلك.

وقد يؤيد الاعراض عدم استدلال بعض القائلين بالتفصيل بصحيحة الحلبي بل يستدلون برواية الريان بن الصلت, ومع ثبوت الاعراض تسقط صحيحة الحلبي عن الاعتبار ولا يجوز الاستناد اليها في كل ما تقدم كالأولوية وغيرها, وحينئذ يتعين الالتزام بما ذهب إليه المشهور من عدم الفرق بين الوضوء لصلاة النافلة والوضوء لصلاة الفريضة بدلالة المطلقات, وقد يستفاد من اعراض المشهور _ على فرض ثبوته_ عن صحيحة الحلبي الاعراض عن رواية الريان بن الصلت بنفس الملاك.

وإما اذا لم يثبت الاعراض_ كما هو كذلك_ لابد من العمل بالصحيحة, فتكون النتيجة التفصيل بين وضوء الفريضة فلا يجب فيه القضاء وبين وضوء النافلة فيجب فيه.

تنبيهات

التنبيه الاول: الحاق غير المضمضة من وجوه ادخال الماء إلى الفم في الموارد التي يجب فيها القضاء بالمضمضة.

الظاهر أنه لا يبعد التعدي بأعتبار أن المفهوم من الدليل أن ملاك الحكم هو ادخال الماء في الفم عمداً مع دخوله إلى الجوف قهراً مع كون ادخاله لغرض التبرد أو العبث.

التنبيه الثاني: الحاق المضمضة للتداوي والمضمضة من اكل الطعام والمضمضة لإزالة النجاسة عن الفم بالمضمضة التي يجب فيها القضاء.

ومن الواضح أن نصوص الباب الدالة على الوجوب قاصرة عن شمولها لأن المذكور فيها عنوان التبرد وهذه ليست كذلك, وقد ذهب في المستند إلى الوجوب في هذه الموارد وقال (وفاقا للحدائق ، وظاهر الدروس)[2] وقد استدل صاحب الحدائق على الوجوب بدليلين:

الدليل الاول: الاولوية لأن سبق الماء اذا كان موجباً للقضاء في وضوء صلاة النافلة فالمضمضة لداعي التداوي ونحوه اولى بذلك.

الدليل الثاني: رواية الريان بن الصلت (وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة) فمقتضى اطلاقها شمولها محل الكلام.