37/07/16


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرطية الاسلام في التكليف.

ذهب المشهور إلى تكليف الكفار بالفروع (وان الاسلام ليس شرطاً في التكليف) بل ادعي الاجماع على ذلك بل قيل إنه من ضروريات المذهب ولم ينقل مخالف للمسألة من علماءنا المتقدمين ولا المتأخرين, وقد خالف بعض متأخري المتأخرين _كما نقل صاحب الحدائق_ كالمحدث الاسترابادي في الفوائد المدنية والمحدث الكاشاني في الوافي وغيره, والمحدث البحراني, وذهب إلى هذا الرأي السيد الخوئي (قد) ايضاً.

وقد استدل لقول المشهور بأدلة عديدة عمدتها:-

الدليل الاول: اطلاق الخطابات المتضمنة للتكاليف الشرعية, كما في قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [1] و قوله تعالى ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[2] وقوله تعالى ﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ [3]

واجابوا عنه بأختصاص بعض الخطابات بالمؤمنين كما في قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[4] وقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ .... [5] وقوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا ... ﴾[6] .

وهذا الاعتراض له تقريبان الاول _ كما في الحدائق_ أن نتعامل مع الادلة معاملة المطلق والمقيد فنلتزم بأختصاص التكاليف بالمؤمنين.

والثاني: أن بعض الادلة عامة وبعضها خاصة مع وجود مقدمة تقول بعدم التبعيض, فضم هذه المقدمة إلى الادلة العامة يثبت قول المشهور وبضمها إلى الادلة الخاصة يثبت القول الاخر, ولا مرجح للأول على الثاني فلا يمكن الاستدلال بالآيات العامة على القول المشهور.

ويرد على التقريب الاول عدم امكان تقييد بعض الادلة للبعض الاخر لأختلاف موضوعاتها, ولا يمكن اجراء فكرة التقييد الا بالاستعانة بمقدمة عدم التبعيض فيأتي التقريب الثاني حينئذ.

وبقطع النظر عن ذلك لا معنى لتقييد الادلة المطلقة المثبتة للحكم بأخرى مثبتة لحكم آخر فلا تنافي بين الادلة لكي نقيد احدهما بالآخر اللهم الا اذا كان للدليل الخاص مفهوم ينفي الحكم عما عداه فيكون معارضاً للعام فيخصصه, لكنه ليس كذلك في المقام.

ويرد على التقريب الثاني أنه يفترض مفهوماً للآيات الخاصة يدل على الاختصاص فيدور الأمر بين الادلة العامة وبين الادلة الخاصة, وقلنا أنه لا مفهوم للأدلة الخاصة , فلا يدور الأمر بينهما بل يتعين الاخذ بالأدلة العامة ولا منافاة بينها وبين الادلة الخاصة.

الدليل الثاني: الاستدلال بالآيات الشريفة الدالة على وعيد المشركين بالعذاب عند مخالفتهم للتكاليف الشرعية كقوله تعالى ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ 42 ﴿ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ[7] وقوله تعالى ﴿ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ﴾31 ﴿ وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى [8] وقوله تعالى ﴿ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ[9]

واُعترض عليه بأحتمال أن يكون الوعيد لترك الاسلام فيراد من قوله ﴿ َالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ لم نختار الاسلام والقرينة على ذلك قولهم ﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ[10] والمراد من قوله تعالى ﴿ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ﴾ ترك الزكاة بترك الاسلام والوعيد على ذلك والقرينة على ذلك ذيل الآية ﴿ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾.