37/08/07


تحمیل

الموضوع: الصوم, شرائط صحة الصوم: الثاني: العقل.

قال الماتن

(الثاني : العقل فلا يصح من المجنون ولو أدوارا وإن كان جنونه في جزء من النهار ولا من السكران ولا من المغمى عليه ولو في بعض النهار وإن سبقت منه النية على الأصح)[1]

قال جماعة بعدم الخلاف في البطلان في الجنون, وذهب الاكثر إلى البطلان في الاغماء والحقوا السكر به, واستدل على شرطية العقل _كما في المنتهى للعلامة_ بأمور منها:-

الاول: ادلة اشتراط التكليف بالعقل.

الثاني: قبح تكليف غير العاقل.

الثالث: حديث رفع القلم.

أما حديث رفع القلم فتارة يراد به رفع التكليف واخرى رفع المؤاخذة, وعلى الاول يكون غير مأمور بالصوم وغير مكلف به فلا يصح منه عند الاتيان به, وعلى الثاني لا يدل الحديث على بطلان الصوم, وبما أن الحديث لا يختص بالمجنون بل يشمل النائم حتى يستيقظ والصبي حتى يبلغ فيقال حينئذ اذا استفدنا من الحديث عدم صحة صوم المجنون_ بناءً على رفع التكليف_ لابد أن نستفيد عدم صحة صوم الصبي والنائم كذلك لوحدة السياق في الحديث, مع أنه لا اشكال في صحة صوم النائم حتى لو استوعب جميع الوقت وكذلك يصح صوم الصبي, ومن هنا يشكل في الاستدلال بالحديث على البطلان ويحمل على المؤاخذة والتبعات, هذا بناءً على التسليم بأن نفي التكليف يلازم نفي الصحة.

أما دليل اشتراط العقل في التكليف فتارة يراد به الاجماع كما نقل مستفيضاً, واخرى يراد به النصوص كما في صحيحة محمد بن مسلم (عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن احب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك اعاقب، وإياك اثيب)[2]

وهي ظاهرة في اشتراط العقل في التكليف, لكنها غاية ما تدل عليه هو عدم تكليف المجنون, ولا ملازمة بين نفي التكليف ونفي الصحة, فأن الصبي المميز يصدر منه العمل صحيحاً مع أنه غير مكلف.

نعم قد يقال بعدم امكان صدور عمل واجد للشرائط من المجنون الاطباقي, لأنه لا تتأتى منه النية, أما اذا كان ادوارياً وتمكن من النية المعتبرة تصح منه العبادة, وعلى هذا الاساس ذهب جماعة _منهم الشيخ في المبسوط والخلاف واستقرب كلامه صاحب المدارك _إلى أن المجنون اذا دخل عليه الفجر ناوياً للصوم ثم جن يصح منه الصوم, بل ذكر الشيخ الطوسي أن المجنون اذا افاق قبل الزوال يجوز له أن يجدد النية ويصح منه الصوم, وذكر صاحب المستند أنه لا دليل لهم على الصحة سوى قياس ما نحن فيه على مسألة النائم الذي لا اشكال في صحة صومه.