38/03/24


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/03/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

تحصل مما ذكرنا ان حجر مال المفلس انما هو بحكم الحاكم الشرعي عند توفر الشروط ، واما امواله فليست متعلقة لديونه فان ديونه انما هي في ذمته ولكن الحاكم عند توفر الشروط حكم بمنعه عن التصرف في امواله لا ان امواله متعلقة لحق الديان كما هو المعروف بين الاصحاب فليس الامر كذلك فان ديونه في ذمته ولا تنتقل الى امواله بحكم الحاكم فان الحاكم لم يحكم بانتقال ديونه من ذمته الى امواله في الخارج بل الحاكم منعه من التصرف في امواله.

اذن حال المفلس كحال الميت من هذه الناحية فان ديون الميت بعد موته لا تنتقل الى ما تركه من الاموال سواء أكانت تلك الاموال مساوية لديونه ام كانت أقل فعلى كلا التقديرين لا تنتقل ، والانتقال بحاجة الى دليل ولا دليل عليه غاية الامر لا يجوز تصرف الوصي في هذه الاموال في جهة اخرى بل لابد ان يصرف هذه الاموال في ديون الميت لأنها باقية في ملك الميت ولم تنتقل الى الورثة ولا يجوز تصرفهم فيها الا للوصي بأداء ديون الميت ، اذن لا فرق بين الميت والحي والمفلس من هذه الناحية.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الثانية والثلاثون: الظاهر أنه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفه ، وكذا في الفطرة، ومن منع من ذلك كالمجلسي في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة لعل نظره إلى حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير وإلا فلا دليل عليه بالخصوص بل قال المحقق القمي لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في زاد المعاد، قال: ولعله سهو منه، وكأنه كان يريد الاحتياط فسها وذكره بعنوان الفتوى)[1] .

 

الامر كما افاده ولا وجه للمنع اصلا ، نعم نسب المنع الى المجلسي (قدس الله نفسه) في رسالته زاد المعاد ولكن لا دليل عليه.

نعم قد يستدل على ذلك.

اولاً:- بان السؤال بالكف حرام وهذا يؤدي الى هتك نفسه وهو حرام كهتك مؤمن.

ثانياً:- بان السائل بالكف محترف والمحترف غني فلا يجوز اعطاء الزكاة له.

والجواب:- ان كلا الامرين غير تام.

أما الامر الاول فلان السؤال بالكف لا يكون حرام مطلقا ، فلا باس به عند الحاجة الضرورية وقد ورد في صحيحة محمد ابن مسلم في الفرق بين الفقير والمسكين وفي هذه الصحيحة فسر الفقير بانه حاجته لا تقتضي السؤال فان احتياجه لا يصل الى درجة السؤال والمسكين احوج منه وحاجته بدرجه لابد ان يسال ، فان هذه الصحيحة تدل على جواز سؤال المسكين اذا كانت حاجته بدرجة تقتضي السؤال.

مضافا الى ان العدالة غير معتبرة في الفقير سواء أكان الفقير عادلا ام فاسقا يجوز اعطاء الزكاة له شريطة ان لا يصرف الزكاة في المعصية وفي الحرام ، فاذا علم انه يصرف الزكاة في المعصية والحرام فلا يجوز اعطائها له ، واما اذا علم انه يصرف الزكاة في مؤنته وعياله وحاجياتهم فلا مانع من اعطائه الزكاة له.

أما الامر الثاني فان كون السؤال حرفة وهو محترف ولا مانع من اطلاق المحترف عليه فاذا علم انه غني فلا يجوز اعطاء الزكاة لأنه لا موضوع للزكاة حينئذ وانقلب موضوع الزكاة من الفقير الى الغني ، فانه اذا صار بواسطة هذه الحرفة صار غنيا كما ان اخذ شخص اخر حرفة اخرى او صناعة او غير ذلك فهو غني فلا يجوز اعطاء الزكاة له ، اما مجرد انه محترف وكان فقيرا فلا مانع من اعطاء الزكاة له.

وهنا روايات نبوية ضعيفة من ناحية السند والدلالة فلا حاجة الى التعرض لها.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه) : الثالثة والثلاثون: الظاهر بناء على اعتبار العدالة في الفقير عدم جواز أخذه أيضا، لكن ذكر المحقق القمي أنه مختص بالإعطاء، بمعنى أنه لا يجوز للمعطي أن يدفع إلى غير العادل، وأما الآخذ فليس مكلفا بعدم الأخذ)[2] .

بناء على اعتبار العدالة فلا وجه لذلك فان العدالة شرط للمستحق فاذا كان فاسقا فهو ليس مستحقا للزكاة وليس مصرفا للزكاة ، فاذا لم يكن مصرفا للزكاة كيف يمكن التفكيك بين الاخذ والدفع فانه على كلا التقديرين ليس موردا للزكاة فان مورد الزكاة الفقير العادل فلا يجوز له الاخذ لأنه يرى انه ليس موردا للزكاة ومستحقا لها ، فلا وجه للتفكيك بينهما كما ذكره المحقق القمي (قدس سره) فحال هذا الشرط حال سائر الشرائط ، فلا فرق بين الاخذ والدافع.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الرابعة والثلاثون: لا إشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة، وظاهر كلمات العلماء أنها شرط في الإجزاء ، فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة ولم يجز، ولولا الإجماع أمكن الخدشة فيه ، ومحل الإشكال غير ما إذا كان قاصدا للقربة في العزل وبعد ذلك نوى الرياء مثلا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير، فإن الظاهر إجزاؤه وإن قلنا باعتبار القربة إذ المفروض تحققها حين الإخراج والعزل)[3] .

ما ذكره الماتن (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه فان قصد القربى إما ان يكون معتبرا في الواجب او لا يكون معتبرا ، فان كان معتبرا فهو قيد للواجب وبانتفائه ينتفي الواجب فكيف يمكن الحكم بصحة اداء الزكاة بدون قصد القربى؟! وهل القصد معتبر في اخراج الزكاة من النصاب او انه معتبر في دفعها الى الفقير؟. يأتي الكلام عنه ان شاء الله تعالى.