38/05/02


تحمیل

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

38/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ فصل في أحكام التيمم –

( مسالة 2)[1] :

افتى السيد اليزدي انه اذا تيمم بشرائطه يجوز له ايقاع عدة صلوات مهما كثرة بهذا التيمم ما لم يجد الماء او يحدث بحدث ينقض التيم سواء كانت الصلوات في وقت واحد او بأوقات متعددة فمثلا اذا تيمم لصلاة الصبح يجوز له اداء الصلوات النهارية الى الليل مالم يحدث او يجد الماء بل حتى صلاة الليل مالم ينقض الطهارة وهذا الحكم مشهور بين الاصحاب بل ادعي الاجماع عليه , ولكن من فقهائنا من خالف الحكم فأوجب التيمم لكل صلاة على حدة .

والكلام في الدليل لهذا الحكم لأنه مع وجود ادلة فالإجماع التعبدي مستبعد .

واستدل السيد الاعظم بكفاية التيمم الواحد لصلوات متعددة بالروايات وقبل الروايات استدل بدليل اجتهادي وملخصه هو انه قد اقمنا الدليل على ان التيمم موجب للطهارة كالوضوء والغسل فاذا كان كذلك فالإنسان متطهر بعد التيمم سواء كانت هناك صلاة واحدة او صلوات متعددة وكانت في وقت واحد او في اوقات متعددة , هذا ملخص دليله رض .

ولكن هذا الدليل غير واضح علينا والوجه فيه ان كون التيمم مبيح للصلاة فقط او كونه موجبا للطهارة شيء وكفاية التيمم لصلوات متعددة شيء آخر فمثلا لو التزمنا انه مبيح فقط وليس رافع للحدث ودل الدليل على كفاية التيمم الواحد فنلتزم بمفاد الدليل ولو كان التيمم مبيحا حسب الفرض وليس موجبا للطهارة وكذلك الكلام في ما اذا التزمنا من ان التيمم موجب للطهارة ورافع للحدث هل هو رافع للحدث بالقياس الى كل صلاة او الى بعض الصلوات , فما نسب الى السيد الاعظم غير واضح علينا .

والعمدة في المسالة الروايات المعتبرة وهي ثلاث روايات ,

الرواية الاولى : محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : يصلّي الرجل بتيمّم واحد صلاة الليل والنهار كلّها ؟ فقال : نعم ، ما لم يحدث ، أو يُصب ماءاً )[[2] ]

الرواية الثانية : وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة وابن بكير جميعاً ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في رجل تيمّم ، قال : يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء )[3]

الرواية الثالثة : وعنه ، عن فضالة ، عن حمّاد بن عثمان قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل لا يجد الماء ، أيتيمّم لكلّ صلاة ؟ فقال : لا ، هو بمنزلة الماء )[4]

وهذه الروايات تدل على ان لو تيمم مع توفر شرائط التيمم فيجوز له ايقاع الصلوات المتعددة ولو كان لكل منهما وقت فاذا تيمم لصلاة الصبح مثلا يجوز له ايقاع صلاة الظهر والعصر والعشاء بذلك التيمم , بل في رواية حماد لما سأل الامام ع يجب علي التيمم لكل صلاة قال ع لا انه كالماء يعني كما ان الوضوء يكفي لصلوات متعددة كذلك يكفي التيمم .

ولكن هناك روايتان وقع الكلام فيهما الاولى عن الامام الرضا سئل عن التيمم

الرواية الاولى : وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب ، عن العباس ، عن أبي همام ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال : يتيمّم لكلّ صلاة حتّى يوجد الماء )[5] , وهذا التعبير فُهم له تفسيران احدهما ان الامام ناضر الى الصلاة التي يصليها المتيمم فقال لكل صلاة التيمم ولكن هذا ينافي صراحة الروايات المتقدمة خصوصا رواية حماد ابن عثمان التي دلت انه لايشرع التيمم الثاني بل يكفي التيمم الاول مالم يحدث او يجد الماء فتقع للمعارضة بين هذه الرواية بهذا التفسير مع الروايات السابقة وقد حاول الاعلام عن محامل لهذه الرواية فحملت انه اذا كان قد وجد الماء ثم بعد ذلك فقده , ولكن الرواية اجنبية عن ذلك لأنها تقول لا يصح ذلك يعني سواء وجد الماء او لم يجد .

وحمل البعض رض على التقية منهم صاحب الوسائل وحكيم الفقهاء ولكن هذا الحمل غير واضح لان المخالف لنا من ابناء العامة هو الشافعي ومفاد فتواه انه يجوز ايقاع الصلوات الواجبة بتيمم واحد مهما كثرت مالم يحدث او يجد الماء , ولكن فتوى الشافعي انه في الصلوات الواجبة يصح الاتيان بها بوضوء واحد واما النوافل فلا فإذن كلام الشافعي غير مطابق لمضمون الرواية فلا يمكن حمل الرواية على رأي الشافعي وانه لابد لكل صلاة من تيمم فهو قال في الصلوات المستحبة اما هذه الرواية فتقول لكل صلاة الواجبة والمستحبة .

والمعنى الثاني للرواية : انه الامام ناضر الى من يجب عليه التيمم اي مكلف فقال ع يتيمم لكل صلاة , فالمقصود حينئذ ان المكلف يجوز له ايقاع كل صلاة بالتيمم وهذا المعنى يتلائم مع خبر حماد وغيره من الروايتين لزرارة رض .

والصحيح ان تفسر الرواية بهذا وهو ان الامام ع في مقام بيان من يجب عليه التيمم يعني يريد ان يقول من يريد ان يصلي فعليه التيمم .

والرواية الخامسة هي رواية السكوني وهو عندنا ثقة ولكن يوجد في السند محمد ابن سعيد ابن غزوان وهذا الرجل وان ذكر له كتاب في الكتب الرجالية الا انه لم يرد فيه توثيق , فهو غير ثقة فالرواية ساقطة , ومضمونها يناقض الروايات السابقة فهي تقول يجب لكل صلاة تيمم هي ونافلتها ثم للصلاة الاخرى لابد من التيمم .

حاول البعض حمل هذه الرواية على الاستحباب بناء على قاعدة التسامح في ادلة السنن ومرارا قلنا انه هذه القاعدة لا اساس لها والروايات التي استدل بها محل اشكال مضافا الى انها كل الروايات يستفاد منها الاستحباب ولو كانت ضعيفة , وبعبارة واضحة القاعدة غير ثابتة عندنا ثم ان هذه الرواية تعارض رواية حماد وحملها على الاستحباب جمع تبرعي وليس جمعا عرفيا استدلاليا , والعمدة للتخلص من هذه الرواية رفضها باعتبارها ضعيفة السند .

فالصحيح هو ماعليه المشهور من كفاية تيمم واحد للإتيان بصلوات متعددة ونحن نوافقهم بذلك .

 


[1] العروة الوثقى، السيد اليزدي، ج2و ص215، ط جماعة المدرسين.
[3] المصدر السابق، ح2.
[4] المصدر السابق، ح3.
[5] المصدر السابق، ح4.