38/11/20


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

38/11/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 37 ) حكم الضرائب – المكاسب المحرمة.

مسألة ( 37 ):- ما يأخذه السلطان المخالف المدّعي للخلافة العامة من الضرائب المجعولة على الأراضي والأشجار والنخيل يجوز شراؤه واخذه منه مجاناً بلا فرق بين الخراج وهو ضريبة النقد والمقاسمة وهي ضريبة السهم من النصف والعشر ونحوهما وكذا المأخوذ بعنوان الزكاة .

والظاهر براءة ذمة المالك بالدفع إليه بل الظاهر أنه لو لم تأخذه لحكومة وحولت شخصاً على المالك في أخذه منه جاز للمحوَّل أخذه وبرئة ذمة المحوّل عليه.

وفي جريان الحكم المذكور فيماي أخذه السلطان المسلم المخالف او المؤالف اذلي لا يدعي الخلافة العامة أو الكافر إشكال.[1]

.............................................................................................

هذه المسألة تتعرض إلى أنه لو أخذ المدعي للخلافة الزكاة مثلاً ممن عليه الزكاة أو أخذ الخراج أو مال المقاسمة هل تبرأ ذمة المكلف وهل بالتالي يجوز لبقية الناس أن يشتروا من هذا السلطان هذه الزرع الذي أخذه بعنوان المقاسمة وهل يجوز أخذ المال الزكوي منه إذا دفعه إما بشراء أو أنه يعطي مجاناً فهل يجوز أخذه.

فإذن هذه المسألة تريد أن تتعرض إلى أنه هل تبرأ ذمة الدافع وهل يجوز للآخرين أن يأخذوا من السلطان هذا المال الذي أخذه من المؤمنين بعنوان الزكاة أو بعنوان الخراج ؟ ، كما تشتمل على أحكام أخرى كما سوف نبيّن.

والذي أريد أن أقوله:- هو أن مضمون هذه المسألة يشبه أو يقرب بشكلٍ وآخر من مسألة ( 39 ) التي تتعرض إلى أنه يجوز الأخذ من الظالم من هباته وعطاياه ، ، والفارق بينهما هو أنَّ مسالتنا ناظرة إلى حالة أخذ الجائر وبالأخذ هل تبرأ ذمّة الدافع أو لا تبرأ ، أما مسألة ( 39 ) فهي ناظرة إلى مسألة اعطاء الظالم عطايا وهبات للناس حتى لو لم تكن من الخراج ولا من الزكاة ولا من المقاسمة فهل يجوز الأخذ منه أو لا ؟ ، فإذن تلك المسألة ناظر إلى الأخذ من السلطان سواء كان من مال الزكاة أو الخراج أو من غيره أما مسألتنا فهي ناظرة إلى الدفع إلى السلطان أنه تبرأ ذمّة الدافع أو أنه لا تبرأ وهكذا هل يجوز للآخرين من هذا المال المدفوع بعنوان الزكاة أو غيرها ، فالفارق بين المسألتين صار واضحاً .

ولكن الذي أريد أن أقوله:- هو أنه فنّياً لابد من اتصال مسألة ( 39 ) بمسألة ( 37 ) لما بينما من القاسم المشترك في الجملة ، بل المناسب جعلهما مسألة واحدة ذات فرعين فنقول هكذا:- ( مسألة كذا :- وهي تشتمل على قضيتين ، الأولى: إذا أخذ الظالم .. والثانية: إذا دفع الظالم ... ) فواحدة ناظرة إلى الأخذ والأخرى ناظرة إلى الدفع من قبل الظالم إلى الناس.

وننبّه على قضية أخرى:- وهي أن مسألتنا في زماننا هذا أصبحت بلا واقع فمن المناسب حذفها من الرسالة العملية وذكرها في الكتب الاستدلالية فقط ، أما المسألة ( 39 ) فهي ابتلائية ولكن ينبغي تغيير صياغتها بحيث تكون معاصرة ويشعر المكلّف حينما يقرؤها بأنها ابتلائية وذلك بأن تصاغ هكذا:- ( مسألة:- أصحاب الكمارك والشرطة والمحافظون ومدراء النواحي والوزراء وغيرهم إذا دفع أحدهم مالاً لشخصٍ أو أهدى له هدية فهل يجوز أخذه ؟ .... ) ، هذه قضايا فنّية.

تشتمل هذه المسألة على أحكام أربعة:-

الحكم الأوّل:- إنَّ المال الزكوي أو مال الخراج إذا أخذه الظالم من الناس المؤمنين وأهذاه إلى الغير يحل للغير أخذه وهكذا إذا أريد شراؤه فيجوز الشراء والأخذ بالمجّان يجوز للخراج وللزكاة وغيرهما.

الحكم الثاني:- تبرأ ذمّة المالك من الزكاة أو من المقاسمة والخراج عند الدفع للظالم.

الحكم الثالث:- إنَّ المدّعي للخلافة إذا لم يأخذ هو أو عمّاله المال الزكوي أو مال الخراج بنفه وإنما حوّل شخصا وقال لشخص ثالث أنا أهديت لك خراج فلان فاذهب إليه وخذه منه أيضاً الحكم كذلك يعني تبرأ ذمّة الدافع ويجوز لهاذ الشخص أن يأخذ هذا المال.

الحكم الرابع:- إذا لم يكن هذا السلطان أو الحاكم مدعياً للخلافة العامة بل كان مدعياً للحكومة في منطقة محدودة معنية أو كان يدعي الخلافة العامة ولكن لم يكن مخالفاً بل كان مؤمناً بإمضاء من قبل الفقهاء أو من دون امضاء أو نفترض أنه كان كافراً فهل يترتب الحكم السابق أي هل تبرأ ذمّة المالك ويجوز الأخذ منه ؟ فيه إشكال.

بيان الحكم الأوّل:- وفي هذا لمجال ذكر الشيخ الأعظم(قده)[2] إنَّ القاعدة وإن اقتضت أنَّ هذا المال الزكوي أو مال الخراج الذي أخذه الظالم أنه باقٍ على ملك ذلك المؤمن الدافع - أي صاحبه - وبالتالي لا يجوز للآخرين أن يأخذوا هذا المال من الظالم بشراءٍ أو هديةٍ ومجرّد هذا الاتفاق بين السلطان وبين الدافع لا يجدي شيئاً لأنه اتفاقٌ من دون رضا وطيب نفس الدافع فالقاعدة تقتضي هذا ، ولكن المسألة بلا خلاف معتد به يحكم فيها بالجواز وببراءة ذمّة الدافع ، فذمّة الدافع بريئة وفي نفس الوقت يجوز للآخرين الشراء والأخذ بنحو الهدية وغيرها بلا خلافٍ معتدٍّ به ، ولعلّه يشير بقوله ( بلا خلاف معتد به ) إلى خلاف الفاضل القطيفي- الشيخ إبراهيم القطيفي - والأردبيلي فإنهما قالا بعدم الجواز خلافاً للمشهور وعلى رأسهم الكركي فإنَّ المحقق الكركي ألّف رسالةً بعنوان ( قاطعة اللجاج في اثبات حِلّ الخراج ).

وقبل أن نواصل الموضوع ونبيّن أدلة الشيخ الأعظم على براءة الذمّة وجواز الأخذ رغم أنَّ القاعدة تقتضي العدم توجد عندنا وقفة قصيرة:- وهي أنَّ هذا المال إذا كان باقياً على ملك الدافع فعلى هذا الأساس لم تبرأ ذمّته فلو فرض أنه تلف قبل أن يتصرّف فيه الظالم فيلزم على الدافع أن يدفع من جديد لأنَّ ذلك المال باقٍ على ملكه ولكن أخذه السارق وأخذ السارق له لا يوجب براءة الذمّة ، كما لا يكون موجباً لجواز أخذ الآخرين ، اللهم إلا أن تقول دفاعاً عن الشيخ إنه حينما يدفع الظالم المال الزكوي أو مال الخراج لشخصٍ ثالثٍ تبرأ ذمّة هذا الشخص الدافع ، ولكن هذا لا يحلّ المشكلة حتى لو أردنا أن نلتزم به إذ لو تلف قبل الدفع يلزم الدفع من جديد وهذا لا يمكن الالتزام به ، فإذن ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) من أنَّ القاعدة تقتضي بقاء هذا المال على ملك الدافع وبالتالي لا يجوز للآخرين أخذه من الظالم لأنه باقٍ على ملك صاحبه يلزم منه هذا المحذور وهو أنه يلزم أن يدفع ذلك الدافع من جديد إذا تلف المال قبل دفعه إلى الآخرين ، بل حتى لو لم يتلف وكان باقياً في خزينة السلطان يلزمه أن يدفع من جديد إلى مورده وليس إلا السلطان لأنَّ ذمته لم تبرأ وإلا عادت نفس المشكلة ، هذا اشكال على الشيخ الأعظم(قده) فما هو الجواب ؟