36/04/13


تحمیل
الموضوع:الصوم , المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة,مسألة ,66, المفطر التاسع , الاحتقان
يرد على السيد الخوئي (قد) _ في دعوى استفادة التفصيل بين الفحص وعدم الفحص من الروايتين _ بأن مورد هاتين الروايتين هو استعمال المفطر بعد طلوع الفجر ؛ ولهذا استدل بها الفقهاء على ان استعمال المفطر بعد طلوع الفجر من دون مراعاة يعد من المفطرات .
ونحن نفترض في محل الكلام ان حدوث موجب الجنابة قبل طلوع الفجر وتبين ان الوقت لا يسع الاغتسال , وعليه قد يقال بأن التعدي من مورد هذه الروايات الى محل الكلام غير تام .
والظاهر ان الفقهاء لم يفهموا من هذه الروايات انها شاملة لمحل الكلام ولذا لم يستدلوا بها فيه , ولو كانوا يرون شمولها لحكموا بوجوب القضاء, لا وجوبه على نحو الاحتياط , بينما المعظم في هذه المسألة يتوقف في وجوب القضاء وجعلوا وجوب القضاء مع ترك الفحص منوطا بمسألة صدق التعمد , وحيث انهم لا يرون صدق التعمد في المقام لأنه بانٍ على الاغتسال حكموا بعدم وجوب القضاء ؛ نعم يحتاط بعضهم ويقول بوجوب القضاء احتياطا .
اما السيد الخوئي الذي يفهم شمول الروايتين لمحل الكلام فلعل ذلك بأعتبار ان موجب الجنابة وان كان حصل ليلا الا ان البقاء عليها استمر الى ما بعد طلوع الفجر , وهذا يعني انه لما بقي على الجنابة الى ان طلع عليه الفجر, وكأنه استعمل المفطر بعد طلوع الفجر من دون مراعاة وحينئذ تشمله الرواية التي تحكم بوجوب القضاء على من تناول المفطر بعد دخول الفجر من دون مراعاة , وعدم وجوب القضاء اذا كان التناول مع المراعاة , فالظاهر انه (قد) فهم من الروايات هذا المعنى ولذا استدل بها في محل الكلام , وحينئذ يكون المناسب له ان يفتي بوجوب القضاء , لا ان يفتي بوجوب القضاء احتياطا .

وبهذا يتم الكلام عن المفطر الثامن .

المفطر التاسع الاحتقان

وقد ابتدأ السيد الماتن الكلام في الاحتقان بالمائع ثم الكلام في الاحتقان بالجامد .
والكلام يقع فعلا في الاحتقان بالمائع ويأتي الكلام عن الاحتقان بالجامد عندما يذكره السيد الماتن .
وقع الخلاف _ وهو قد يكون كبيرا او يكون محدودا في بعض الامور_ في عدة امور :- منها ما وقع في جواز الاحتقان بالمائع وعدم جوازه ؛ وعلى تقدير الحرمة وقع الخلاف في كونه حراما محضا (مجرد حرمة تكليفية) او انه يكون مفسدا للصوم ويكون من جملة المفطرات ؛ وعلى تقدير كونه مفسدا للصوم وقع الخلاف في وجوب الكفارة فيه .
قالوا بأن المحكي عن ابن الجنيد استحباب الامتناع عن الاحتقان, مما يفهم منه الجواز _ او على اكثر التقادير يفهم منه الكراهة _ هذا بالنسبة الى الخلاف الاول ؛ اما بالنسبة الى الخلاف الثاني فالمحكي عن الشيخ في بعض كتبة والشيخ ابن ادريس الحلي والمحقق في المعتبر _وتردد في الفساد في الشرائع _ وصاحب المدارك هو الحرمة فقط ؛ وفي المقابل فأن المحكي عن الشيخ في المبسوط والقاضي والحلبي وعن الارشاد والتحرير للعلامة والدروس للشهيد بطلان الصوم به , بل في الناصريات للسيد المرتضى لا خلاف في مفطرية الحقنة .
اما بالنسبة الى الخلاف الثالث (مسألة الكفارة) على تقدير الحرمة وعلى تقدير الفساد , فهل يترتب عليه القضاء فقط او يترتب عليه القضاء والكفارة ؟ قوّى الشيخ صاحب الجواهر وجوب الكفارة مضافا الى القضاء لكن قيده بما اذا لم ينعقد اجماع على خلافه , وادرجه في الكلية المستفادة من روايات الكفارة الاتية ( وهي من افطر متعمدا وجبت عليه الكفارة) والمفروض ان من استعمل الحقنة انه افطر متعمدا وقد افسد صومه بحسب الفرض .
اما بالنسبة الى الخلاف الاول فقد احتمل ان مستنده ما ورد في بعض الروايات من ان استدخال الصائم الدواء لا بأس به كما في صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) (قال : سألته عن الرجل والمرأة، هل يصلح لهما أن يستدخلا الدواء وهما صائمان ؟ قال : لا باس ).[1]
وقد اجابوا عن هذا الدليل بأن الرواية مطلقة تشمل الاستدخال بالاحتقان بالمائع وغيره , ويمكن تقييده بالروايات الاتية الدالة على المنع من الاحتقان بالمائع , ولا نعلم ان ابن الجنيد عندما نفى الحرمة , هل انه يقول بالفساد؟ او لا؟
فإذا كان يقول بالفساد ولا يقول بالحرمة فأن ذلك له وجه سيأتي التعرض له , وذلك بأن يُلتزم بأن الاحتقان بالمائع مفسد للصوم لكنه ليس حراما , كما هو احد الآراء في الارتماس ,اما اذا كان يقول بالجواز وعدم الفساد فأن رأيه غير مقبول على ضوء ما سيأتي .
قالوا بأن الحرمة مما لا اشكال فيها _ الحرمة التكليفية _ وكلام السيد الخوئي واضح بأن القضية مسلمة ولا خلاف فيها .
واستدلوا على الحرمة التكليفية _ في مقابل ابن الجنيد , بصحيحة (البزنطي) أحمد بن محمد بن أبي نصر ، (عن أبي الحسن ( عليه السلام ) أنه سأله عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان ؟ فقال : الصائم لا يجوز له أن يحتقن .)[2]
وقد استدلوا بها على عدم الجواز التكليفي .
والرواية الثانية محمد بن الحسن، عن أبيه (قال : كتبت إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) : ماتقول في اللطف يستدخله الانسان وهو صائم ؟ فكتب ( عليه السلام ) : لا بأس بالجامد)[3]
والمفهوم من قوله عليه السلام (لا بأس بالجامد) ان المائع فيه بأس , وقد قالوا بأن هذا البأس_ المفهوم من الرواية_ يدل على البأس والحرمة التكليفية .
ويلاحظ ما سيأتي من انهم يستدلون على الفساد( عدم الجواز الوضعي) بنفس هذه الروايات , وحينئذ قد يقال بأن مدلول هذه الروايات اما ان يكون هو عدم الجواز الوضعي واما ان يكون عدم الجواز التكليفي , فعلى الاول يكون الاستدلال بها على الثاني في غير محله ,وكذلك العكس وسيأتي التعرض التعليق والجواب عن ذلك .
واما مستند القول بالحرمة من دون الفساد فهو نفس الروايات المتقدمة مع فهم انها تدل على عدم الجواز التكليفي فقط , وحينئذ يقال بعدم الدليل على فساد الصوم بالاحتقان بالمائع .
وقد اُجيب عن ذلك _ بما تقدم مرارا_ بأن النهي ونفي الجواز وان كان له ظهور اولي في الحرمة التكليفية , لكنه عندما يتعلق بالماهيات المركبة يحدث له ظهور ثانوي _ وينتفي الظهور الاولي _ فيكون ظاهرا في عدم الجواز الوضعي , فيكون ارشادا الى المانعية او الشرطية او ما كان من هذا القبيل , كما في مثل لا تلبس ما لا يؤكل لحمة في الصلاة , فأنه لا يستفاد منها الحرمة التكليفية وانما يستفاد الارشاد الى مانعيته من صحة الصلاة , وكذلك عندما يأمر بالسورة في الصلاة فأن الذي يفهم منها هو جزئية السورة من الصلاة , وهكذا كلما تعلق الامر بشيء في ضمن ماهية مركبة او النهي عن شيء في ماهية مركبة , يفهم من الامر انه ارشاد الى الجزئية او الشرطية ويفهم من النهي انه ارشاد الى المانعية والمبطلية , وبتطبيق هذا الكلام على هذه الروايات يقال بأن الاحتقان مانع من صحة الصوم وتكون الروايات ظاهرة في الفساد, وحينئذ كيف يقال بأنها لا يستفاد منها الفساد وانما يستفاد منها الحكم التكليفي فقط .