36/04/24


تحمیل
الموضوع:الصوم , المفطرات, المفطر العاشر : تعمد القيء,مسألة 70 :( لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهارفسد صومه).

الوجه الثاني : ما في المستمسك (لأن وجوب فعل القيء المفطر يمنع من التعبد بالإمساك عنه .)[1] أي انه لا يتأتى منه قصد القربة ويبطل الصوم من هذا الجهة , لأنه كيف يمكن ان يتقرب الى المولى بترك شيء امر به المولى ؟؟ فأن المولى في مثل هذا المورد يبغض الترك (أي ترك التقيؤ) وحينئذ كيف يمكن للمكلف ان يتقرب به اليه ؟؟
ويلاحظ على هذا الوجه بأن الظاهر انه يتم في بعض الموارد لا جميعها, فأنه يتم في ما لو كان ما ابتلعه سما ونحوه مما يجب اخراجه بالتقيؤ (أي ما حكم الشارع بوجوبه بعنوانه), لأنه يقال بأن الواجب هو نفس القيء والاخراج ومع وجوبه ومبغوضية تركه يقال كيف يتقرب المكلف الى المولى بما يبغضه (الامساك عن القيء وتركه) ؟؟ فيأتي الكلام المتقدم ويقال بأنه لا يتأتى منه قصد التقرب .
وهذا الوجه يكون تاما في هذا المورد حتى على القول بالترتب , لأن الامر الترتبي بالصوم عند عصيان الامر بالقيء لا يعني سقوط المبادئ والارادة عن الاهم , أي ان الشارع يبقى مريدا للقيء من المكلف, أي انه يغض تركه وحينئذ كيف يمكن للمكلف ان يتقرب بتركه والامساك عنه؟

واما لو كان ما ابتلعه ليس كذلك بأن كان ما يحكم الشارع بوجوبه عنوانا اخر يكون القيء والاخراج مقدمة له فلا يتم هذا الوجه لأن ما يريده الشارع ويبغض تركه هو رد المال الى صاحبه ومن الواضح ان المكلف بصومه لا يتقرب بترك الرد حتى يقال كيف يمكن التقرب بما يبغضه الشارع ولا يريده, وانما يتقرب بترك القيء وهو مما يتأتى منه حتى في فرض الانحصار, لأن ارادة الشارع القيء حينئذ ومبغوضية تركه ارادة غيرية مقدمية لتوقف الواجب عليه فهو يريده بأعتباره يؤدي الى الواجب (فإذا بنى على ترك الواجب فأن الشارع لا يريد منه المقدمة بدون ذيها) ولذا لا يوجد ذلك في فرض عدم الانحصار , ومن الواضح ان مثل هذه الارادة لا تمنع من التقرب بترك القيء والامساك عنه اذا عصى الاهم, ومن هنا لا ينبغي الاشكال في امكان التقرب بترك القيء (الصوم ) وبالتالي في امكان الامر به على نحو الترتب ومنه يظهر ان الترتب انما ينفع لتصحيح الصوم في هذا القسم ( فيما لو كان ما ابتلعه من المغصوب) دون القسم الاول (كما في مثال السم ) .

الوجه الثالث: لتخريج فتوى السيد الماتن في بطلان الصوم وان لم يتقيأ, هو ان يقال بأن فساد الصوم الذي حكم به السيد الماتن انما هو من جهة الاخلال بالنية , باعتبار ان المكلف عندما يكون عالما بأن ما ابتلعه في الليل يجب قيؤه نهارا, ولازم ذلك ان يكون عازما على القيء في النهار او ليس عازما على الامساك عن القيء في النهار ؛ والصوم يعتبر فيه العزم على الامساك عن القيء وسائر المفطرات, وعلى هذين التقديرين يبطل الصوم لأنه يعتبر فيه العزم على ترك القيء .
وجواب هذا الوجه واضح وهو انكار الملازمة , فأن علم الشخص بأن ما ابتلعه يجب عليه قيؤه في النهار لا ينافي العزم على ترك القيء في النهار ولو عصيانا ؛ مضافا الى انه في اصل المسألة لم يفرض العلم بوجوب القيء في النهار فأنه قال (لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار)[2] ولم يقل اذا ابتلع ما يعلم انه يجب قيؤه في النهار , وحينئذ يكون انكار الملازمة اوضح لأنه لم نفرض علم هذا المكلف بأنه يجب عليه القيء في النهار وانما الفرض انه ابتلع شيئا حكمه الواقعي انه يجب قيؤه في النهار وحينئذ يتأتى منه العزم على ترك القيء كما لو كان جاهلا بهذا الحكم الشرعي (وجوب القيء) فيصح منه الصوم .
نعم هناك فرض اخر سيأتي التعرض له وهو ما لو ابتلع ما كان يعلم بأنه سيقيئه في النهار قهرا , فهنا يمكن دعوى الملازمة.

وخلاصة هذا المسألة
تبين مما تقدم ان تخريج فتوى السيد الماتن بالفساد وان لم يتقيأ (في هذه المسألة ) ينحصر في الوجه الثاني (الذي ذُكر في المستمسك ) لكن اذا كان ما ابتلعه مما يجب اخراجه شرعا بعنوانه دون ما اذا كان اخراجه مقدمة لما يحكم العقل بوجوبه , لأنه يمكن تصحيح الصوم فيه بفكرة الترتب.