1440/08/17


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- بيع الفضولي– شروط المتعاقدين.

وأما بالنسبة إلى السؤال الثاني:- وهو أنه ماذا يقصد من بقية الفقرات أعني فقرة ( نهى عن سلفٍ وبيع ) فإن هذه عبارة مجملة جداً ولكن لعله كانت القضية معهودة في ذلك الزمن بشكل واضح بينهم يعني كانت معاملة واضحة بينهم في تلك الفترة الزمنية ولذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتماداً على المعهودية ، وعلى أي حال يحتمل أن يكون المقصود من ( سلف وبيع ) أن يقول البائع بعتك عباءةً إذا كان بسعرٍ حال ومثمنٍ حال بعشرة دنانير أو بخمسة دنانير سَلَفاً ، والمقصود من ( سلفاً ) هو أن يدفع الثمن معجّلاً ولكن المثمن يقبض فيما بعد ، ودائماً هنا يكون المبيع كلياً ، فصارت هذه المعاملة مرددة وهذا لا يجوز ، لأنه يوجد تردد ، لأنه بالتالي هل باع العباءة حالاً أو باعها مؤجلاً ، فيكون ترديد وجهالة ، فيكون البيع باطلاً.

وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( وعن بيعين في بيع ) ، فلعل المقصود أنه يقول له بعتك هذه العباءة إن كان بشعر حال فعشرة دنانير وإن كان بسعر مؤجل فبخمسة عشر ديناراً ، وعليه فسوف يصير البيع مردد بين الحال والمؤجّل وهو لا يجوز ، وما قرأناه في الشرائع بنه لا يجوز أن يبيع إما حالاً أو مردداً والمعاملة باطلة ، يعني إذا قال له قبلت بنحو التردد أما عادة العقلاء لا يقبلون بذلك بنحو التردد بل عادةً يقول له أنا أريد البيع مؤجلاً أو أريده معجّلاً ، فعادةً يتفقون على أحدهما وهذا لا مشكلة فيه إنما الكلام فيما إذا لم يتفقا.

وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( وعن ربح ما لم يضمن ) ، فيحتمل أن يكون المقصود منه أنه يذهب ويشتري سيارة مثلاً ولكن بَعدُ مجرّد مواعدة بأن يقول له أنا سوف أشتريها منك بسعر كذا ولكن عقد البيع لم يتم بَعدُ بلفظ بعت واشتريت لا بهذا اللفظ ولا بلفظٍ آخر يساويه معنىً ، وهو قال لي هي لك ولكن البيع بعدُ لم يتم ، وأنا ذهبت ولكن في الطريق سألني شخص عن سيارة جيدة فقلت له عندي سيارة - أي هذه السيارة التي اشتريتها بالشراء الصوري - فرفعت سعرها عليه ، فالآن هذا يصدق عليه أني ربحت على معاملة بَعدُ لم أضمنها ، فأنا لم أضمن البيع الأول إذ لم يجرِ الايجاب والقبول ، فأنا بعد لم اضمن وأريد أن أبيع وأربح رغم أني بَعدُ لن أجرِ تلك المعاملة ، وعبّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن عدم جريان تلك المعاملة بعدم الضمان ، لأنها إذا لم تجرِ بَعدُ فالضمان ليس بموجود ، فإذاً يحتمل أن يكون المقصود هو هذا المعنى.

وقبل أن ننهي كلامنا قد يقول قائل:- ما هي الطريقة المتّبعة في هكذا موارد ؟ ، يعني أن تأتي هكذا تعابير اصطلاحية وهي ليست كلمة حتى يرجع فيها إلى اللغة وإنما توجد تعابير مثل ( ونهى عن ربح ما لم يضمن ) فإنَّ هذا لا يوجد في كتب اللغة وإنما هو جملة وليست كلمة حتى يفسّرها لك اللغوي ، فما هو الخيط لمعرفتها ؟

والجواب:- إنه إذا كان عندك كتاب الوافي فهو كتاب قيّم حيث لاحظ الروايات وهي مبوبة وحينما يصل إلى الموارد التي فيها خفاء يذكر بيانها ، وكل هذه التفسيرات مأخوذة منه ، فهو حينما يذكر الرواية يقول ( بيان:- ) ويوضح فيه كلمات الرواية ، ولعله توجد كتب أخرى تقوم بهذه المهمة ولكن صاحب الوافي قام بهذه المهمة بشكل جيد فمن الضروري الاطلاع عليه ، وكل باب يذكره أنه يذكر الآيات المرتبطة بالباب أولاً إن كانت موجودة ثم يذكر الروايات ، وكذلك صاحب البحار صنع ذلك ، كما أنه يوجد عنده بيان لذلك.

وأما بالنسبة إلى السؤال الثالث:- وهو سند الرواية ، فإذا رجعنا إلى الوسائل وجدناه يقول ( ما رواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام ) ، ومحمد بن الحسين هو بن أبي الخطاب وهو من أجلة أصحابنا ، وعلي بن اسباط ثقة ، وسليمان بن صالح هو الجصّاص قد وثقه النجاشي ، وعلي بن أسباط يروي عن سليمان بن صالح الجصاص حيث إنَّ لسليمان كتاب يروي عنه علي بن أسباط ، ومحمد بن الحسين ثقة ، أما أحمد بن محمد فيأتي احتمال إلى الذهن أنه أحمد بن محمد بن يحيى أو أنه ابن الحسن بن الوليد وهما لم تثبت وثاقتهما ، فقد يتوقف في السند من ناحية أن أحمد بن محمد وقبوله محل تأمل لاحتمال أنه أحد هذين الشخصين.

ولكن إذا رجعنا إلى المصدر- وهو التهذيب - في هذا المورد وجدناه يقول ( محمد بن أحمد بن يحيى ) ، وهو صاحب كتاب نوادر الحكمة وهو لا مشكلة فيه ، بل نقول أكثر من ذلك ، وهو أنَّ صاحب الوسائل روى هذه الرواية في موردين آخرين بمناسبةٍ عن محمد بن أحمد بن يحيى وليس أحمد بن محمد ، حيث قال في المورد الثاني ما نصّه:- ( وعنه عن محمد بن الحسين عن علي بن اسباط ... )[1] ، وإذا رجعنا إلى السند السابق وجدناه يقول ( وبإسناده[2] عن محمد بن أحمد بن يحيى ) فانحلت المشكلة ، وأما في المورد الثالث فقد قال ما نصّه:- ( وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين )[3] ، فإذاً وقع اشتباه من قبل صاحب الوسائل ، فإنه في التهذيب في الموارد الثلاثة الموجود هو ( محمد ) وليس ( أحمد ) ، أما في الوسائل فالموجود في موردين هو ( محمد ) وفي موردٍ واحد الموجود هو ( أحمد ).

والنتيجة النهائية:- إنَّ هذه الرواية جيدة من حيث السند إلا أنها قابلة للمناقشة من حيث الدلالة من جهات ثلاث.


[2] يعني الشيخ الطوسي.