1441/01/15


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/01/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاعتكاف.

الخامس : المماراة أي : المجادلة على أمر دنيوي أو ديني ، بقصد الغلبة وإظهار الفضيلة. وأما بقصد إظهار الحق ورد‌ الخصم من الخطأ فلا بأس به ، بل هو من أفضل الطاعات. فالمدار على القصد والنية ، فلكل امرئ ما نوى من خير أو شر[1] . والاقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم من الصيد ، وإزالة الشعر ، ولبس المخيط ، ونحو ذلك ، وإن كان أحوط[2]

مسألة : 1 لا فرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل والنهار. نعم المحرمات من حيث الصوم ـ كالأكل والشرب ، والارتماس ، ونحوها ـ مختصة بالنهار[3] .

مسألة ٢ : يجوز للمعتكف الخوض في المباح ، والنظر في معاشه ، مع الحاجة وعدمها[4]

مسألة ٣ : كل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار ، من حيث اشتراط الصوم فيه ، فبطلانه يوجب بطلانه. وكذا يفسده الجماع[5] ، سواء كان في الليل أو النهار.

    1. ولا اشكال في حرمة المماراة لورود النهي عنها في صحيحة ابي عبيدة ( المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يماري) وذكروا بانه مما لا خلاف فيه، نعم هناك كلام في ان عدم الخلاف هل هو في الحرمة التكليفية او الفساد او هما معاً وسوف ياتي البحث عن هذا في المسالة الثالثة

نعم يقع الكلام في المراد من المماراة وقد فسرها السيد الماتن وغيره بالمجادلة والظاهر انه تفسير صحيح ولعل منه قوله تعالى ((فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا)) الكهف22، اي الا مجادلة مع الدليل والبرهان، ولكن الكلام يقع في ما ذكروه من التفصيل الذي ذكره السيد الماتن من بطلان المماراة اذا كانت بقصد اظهار الغلبة دون ما اذا كانت بقصد اظهار الحق ورد الخصم فقد اعتبره من افضل الطاعات وهذا التفصيل موجود في كلمات كثير من الفقهاء لكنه خلاف اطلاق الدليل ولذا يحتاج الالتزام به الى دليل يخرجنا عن الاطلاق، والظاهر انه لا محذور من منع المعتكف من المجادلة حتى اذا كانت لغرض اظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ باعتبار ان المجادلة لما كانت بين طرفين فانها تكون مظنة نزوع النفس الى اظهار الغلبة والاصرار على الراي فلا ضير في القول بمنعها مطلقا، ومن هنا يظهر الجواب عما يقال من ان القسم الثاني اي المماراة لاظهار الحق اولى بالجواز من الامور المباحة التي تصدر عن المعتكف كالحديث مع الاخرين والنوم لان هذه امور مباحة بينما المجادلة لغرض اظهار الحق راجحة فيدور امرها بين الرجحان والاباحة، فانه يتبين بما ذكرنا عدم تمامية هذا الدليل للفرق الواضح بين الامور المباحة التي لا تكون مظنة لهذه النوازع النفسية التي تحصل من الانسان عندما يكون في مقام مجادلة الاخر وبين المجادلة التي تكون مظنة لها

ومن هنا يمكن ان نقول بان مقتضى اطلاق الدليل هو عدم الفرق بين هذين القسمين، نعم لو وجد اجماع على التفصيل المذكور نلتزم به والا فلا موجب لرفع اليد عن اطلاق الدليل ولعل تحريم البيع والشراء يؤيد هذا فانه ليس فيه الا الاشتغال بامر دنيوي.

    2. في الشرائع نسب القول بالوجوب الى القيل وقد نسبه في الجواهر الى المحكي عن جمل الشيخ الطوسي وابن البراج وابن حمزة (قدهم)، وقد يستدل له بما ذكره الشيخ في المبسوط فانه بعد ان افتى بعدم الوجوب قال: وقد روي انه يجتنب ما يجتنبه المحرم

وقد شكك المحقق في الشرائع في ذلك فقال بعد ان نسبه الى القيل (ولم يثبت) اي لم يثبت القول بالوجوب لاحد، ويمكن فهم مراده بعد تصريح الشيخ وابن البراج بذلك بما ذكره العلامة من انهم لا يريدون العموم وانما يقصدون الاجتناب في الجملة فلا اشكال في ان المعتكف يجتنب جملة مما يحرم على المحرم كالجماع، ولذا لا يوجد قول بالوجوب ولا يمكن نسبته الى احد ويؤكد هذا وضوح القضية في لبس المخيط فانه لو كان حراما لكان امرا واضحا ولشاع وذاع خصوصا وان الروايات تحكي لنا اعتكاف النبي (صلى الله عليه واله)، بل يمكن ان يقال بان مقتضى اطلاق صحيحة داود بن سرحان المتقدمة انه لا يحرم على المعتكف شيء غير الخروج من المسجد لا لحاجة، نعم لو دل دليل اخر على حرمة شيء نلتزم به وحيث ان لبس المخيط لا دليل على حرمته وكذا ازالة الشعر فلا نلتزم بحرمته، والاحتياط استحبابا في المتن لعله مراعاة لهذا القيل المنسوب للشيخ وبعض اتباعه.

    3. ودليله اطلاق الادلة التي تحرم هذه الامور

    4. والدليل هو الاصل بعد عدم وجود دليل على حرمة الخوض في المباح، بل ينبغي ان يكون هذا من الامور الواضحة جدا اذ لا نحتمل منع المعتكف من الامور المباحة كالنوم والحديث مع الاخرين، نعم قد يقال في قبال ذلك بان الاعتكاف لما كان هو اللبث في المسجد لغرض العبادة فان فعل الاعتكاف ينافي هذه الامور،

وتقدم سابقا الاشارة الى مناقشته وان تمسك به بعض الفقهاء ففيه:

اولا: حتى لو سلمنا بان الاعتكاف هو اللبث في المسجد للعبادة فليس المقصود هو صرف جميع الوقت في العبادة بل المقصود للعبادة في الجملة في مقابل ان يلبث في المسجد ولا يعبد الله اصلا الا بالفرائض

وثانيا: تقدم ان نفس اللبث في المسجد هو عبادة

ومن هنا يظهر ان فعل المباح ليس مشروطا بالحاجة كما ذكر ذلك السيد الماتن

    5. ومن هذه المسالة يتبين ان الكلام السابق كان ناظرا الى الحرمة التكليفية وفي هذه المسالة بدأ الحديث حول الحكم الوضعي، اما الجماع فالظاهر انه لا ينبغي الاشكال في كونه مفسداً للاعتكاف اذا وقع في النهار لانه مفسد للصوم، واما لو وقع في الليل فظاهر كلماتهم الاتفاق على الفساد بل نقل الاجماع على ذلك عن جماعة وعلى هذا الاساس يكون الجماع حرام تكليفا ووضعا

وبقطع النظر عن دعوى الاجماع فقد يستدل على ذلك بوجوه:

الاول: ما دل على ثبوت الكفارة على المجامع معتكفاً ويدعى بان الكفارة تترتب على فساد الاعتكاف، وفيه ان الكفارة انما تترتب على الحرمة ولا دلالة فيها على الفساد بل هناك تشكيك في دلالتها على الحرمة فضلا عن البطلان


[1]  .
[2]  .
[3]  .
[4]  .
[5]  .