1441/05/19


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 215): دية الذمّي من اليهود والنصارى والمجوس ثمانمائة درهم (1) و دية نسائهم نصف ديتهم (2) وأمّا سائر الكفّار فلا دية في قتلهم، كما لا قصاص فيه (3)مسألة 218): كلّ جناية لا مقدّر فيها شرعاً ففيها الأرش (4)، فيؤخذ من الجاني إن كانت الجناية عمديّة أو شبه عمد وإلّا فمن عاقلته(5)، وتعيين الأرش بنظر الحاكم بعد رجوعه في ذلك إلى ذوي عدل من المؤمنين

    1. وظاهر كلمات الفقهاء المفروغية من ذلك واستدل عليه باطلاق ما دل على ان دية المراة نصف دية الرجل، وعمدة الروايات هي: صحيحة عبدالله ابن مسكان، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال: «إذا قتلت المرأة رجلا قتلت به ، وإذا قتل الرجل المرأة فان أرادوا القود أدوا فضل دية الرجل ( على دية المرأة) وأقادوه بها ، وإن لم يفعلوا قبلوا الدية ، دية المرأة كاملة ، ودية المرأة نصف دية الرجل» [1]

وهناك روايات اخرى يستفاد منها هذا الحكم والاستدلال باطلاقها فان مقتضى قوله (دية المراة نصف دية الرجل) اي الرجل المماثل لها فان كانت مسلمة فديتها نصف دية الرجل المسلم واذا كانت ذمية فديتها نصف دية الرجل الذمي

والظاهر ان هذا لا اشكال فيه ولا خلاف بل يرسلونه ارسال المسلمات

    2. المقصود سائر الكفار من غير اهل الذمة باعتبار ان ما دل على ثبوت الدية بالقتل اما مختص بالمسلم او بالذمي فلا دليل على ثبوت الدية في غيرهما من دون فرق بين ان يكون غير الذمي كافراً حربياً او يكون من ذوي المعاهدة كما نص على ذلك الفقهاء

ثم ان الوارد في بعض نصوص الدية هو عنوان اليهودي والنصراني والمجوسي ولكن الظاهر انه لا بد من تقييدها بالذمي لان من جملة هذه الاخبار ما هو معتبر سنداً يخصها بالذمي، والجامع المشترك بين هؤلاء الثلاثة ان لهم كتاب -بناءً على ان المجوس لهم كتاب كما اشارت اليه بعض الاخبار- ، والنسبة بين اهل الكتاب وبين الذمي هي العموم والخصوص المطلق فان اهل الكتاب قد يدخلون في الذمة وتنطبق عليهم شروط الذمة وقد لا يلتزمون بذلك، الا ان كل ذمي لا بد ان يكون من اهل الكتاب فغير اهل الكتاب لا يكون داخلاً في الذمة نعم قد تكون معهم معاهدة

فالظاهر ان الذمي اخص من عنوان اهل الكتاب الشامل لليهود والنصارى والمجوس -بناءً على ان الاخير من اهل الكتاب- واما غير اهل الكتاب فلا يكون من اهل الذمة وان كان من اهل المعاهدة

فلا بد من تقييد الروايات التي ورد فيها عنوان النصراني واليهودي والمجوسي بما اذا كان خاضعاً لشروط الذمة ويدفع الجزية

ولعله يشير الى ذلك معتبرة إسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) عن دماء المجوس واليهود والنصارى ، هل عليهم وعلى من قتلهم شيء ، إذا غشوا المسلمين وأظهروا العداوة لهم؟ قال : لا ، إلا أن يكون متعودا لقتلهم[2] ، فانهم اذا اظهروا العداوة للمسلمين يخرجون بذلك عن الذمة

    3. والظاهر انه لا يفرق في ذلك بين ان يكون المجني عليه حراً او عبداً، فلا داعي لتخصيص هذا الفرع بجناية العبد كما فعل في الشرايع، ويدل على هذا

صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) في حديث ـ قال : «إن عندنا الجامعة ، قلت : وما الجامعة؟ قال : صحيفة فيها كل حلال وحرام ، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الارش في الخدش ، وضرب بيده إلي فقال : أتأذن يا أبا محمد؟ قلت : جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت ، فغمزني بيده وقال : حتى أرش هذا» [3] اي الغمزة باليد التي تؤثر احمراراً

وصحيحة عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : «دية اليد إذا قطعت خمسون من الابل ، فما كان جروحا دون الاصطلام فيحكم به ذوا عدل منكم (ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون)»[4] فذوا عدل يقدران الارش على الجراح

    4. ويستدل عليه باطلاق ما دل على ان الدية في العمد وشبه العمد على الجاني، وما دل على ان دية الخطأ المحض تؤخذ من العاقلة، فان مقتضى اطلاقها شمولها لمحل الكلام فهي كما تشمل الجناية على الاعضاء التي لها مقدار كذلك تشمل الجناية التي لا مقدار لها شرعاً

نعم الوارد في بعض هذه الادلة عنوان القتل فلا يمكن التمسك بشمول اطلاقها لمحل الكلام، مثل صحيحة عبدالله بن سنان ، وابن بكير جميعاً ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال : سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا ، هل له توبة؟ فقال»:إن كان قتله لايمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فان توبته أن يقاد منه ، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم ، فان عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية» [5]

وموثقة سماعة ، قال : سألته عمن قتل مؤمناً متعمداً هل له من توبة؟ قال : «لا ، حتى يؤدي ديته إلى أهله» [6] فلا يمكن تعميمها لمحل الكلام لان الوارد فيها هو عنوان القتل

ولكن هناك روايات اخرى مطلقة فيمكن التمسك بها