33/04/19


تحمیل
 الموضوع :- مسألة (314 ) / الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
  وذلك بأن يقال:- ان الأمر بضم ستة أشواط الى الثمانية السابقة ليس أمراً تكليفياً مولويّاً بحيث يعاقب المكلف على تركه - أي تضم الستة الى الثمانية - كما هو الأمر بادئ ذي بدء فان ظاهر الامر بضم ستة بادئ ذي بدءٍ هو الوجوب التكليفي ، ولكن من الوجيه أن يقال ان الأمر المذكور وارد مورد توهم الحظر ، فهناك توهم في أن ضم الشوط الزائد فقط أو بإضافة الستة يوجب القران المحرم والمبطل للطواف ؟ ان هذا التوهم موجود فجاءت الرواية - أعني روايات الطائفة الثانية - لتبين أن هذا المورد مستثنى من حرمة القِران وابطاله للطواف ، وكما نعرف أن الأمر اذا ورد مورد توهم الحظر فلا يكون له ظهور في الوجوب وانما أقصى ما يدل على الجواز بالمعنى الاعم وبالتالي يشكل استفادة الوجوب التكليفي والالزام بذلك خصوصاً اذا ضممنا الى ذلك ان من البعيد جداً ثبوت الوجوب التكليفي لضم الستة الى الثمانية بحيث لو لم يضم المكلف الستة لعوقب وكان تاركاً للواجب ، ان هذا بعيد عن مرتكزات المتشرعة ، بل له الحق بأن يأتي بطواف جديد ويترك ما سبق وهذا يؤكد أن الامر بضم الستة ليس أمراً تكليفياً مولوياً ، وعليه فيجوز للمكلف ان يقتصر على ما أتى به - أعني الاشواط الثمانية - كما أنه يجوز له ضم ستة ليتحقق اسبوعان ويكون ذلك مستثنى من الحكم بعدم جواز القران ، كما انه يجوز له في نفس الوقت الاعادة فانه لا يحتمل ان الاعادة ليست جائزة ما دام لا يقصد بها التشريع وانما يأتي بها برجاء المطلوبية ، ولذلك قلنا فيما سبق ان ضم روايات الطائفة الاولى الدالة على الاعادة لا يؤثر شيئاً فان الاعادة جائزة بمقتضى القاعدة.
 والخلاصة من كل هذا:- ان المكلف بالخيار بين امور ثلاثة - بعد كون الامر بضم الستة ليس مولوياً الاعادة ، والاقتصار على الثمانية ، وضم ستة اشواط ، ولعل مستند السيد الشهيد(قده) عندما ذكر في مناسكه ان المكلف اذا زاد شوطاً سهواً فلا ضير عليه ويكتفي بما أتى به هو ما اشرنا اليه.
 ويتضح من خلال هذا ايضاً الوجه فيما ذكره السيد الماتن(قده) فانه ذكر ان الأحوط للمكلف اكمال الزائد - أي فانه زاد شوطاً والأحوط اكمال هذا الشوط بستة اشواط ليكون طوافا كاملاً - فهو لم يفت بل احتاط بذلك وما ذاك الا من جهة ما ذكرناه وهو ان الامر وارد مورد توهم الحظر فلا وجوب لضم ستة اشواط ، نعم الأحوط ذلك ، ولكن ماذا ينوي ؟ هل ينوي الوجوب او الاستحباب ؟ ذكر ( قده) انه ينوي القربة المطلقة - أي من دون تشخيص كون ما يأتي به واجباً او مستحباً - ولا اشكال في ان هذا هو الموافق للاحتياط ، فانه وان انتهينا الى عدم وجوب ضم الستة ولكن الاحتياط بترك نية الاستحباب والاقتصار على القربة المطلقة شيء حسن.
 هذا مضافاً الى وجود نكتةٍ اخرى تؤكد رجحان نية القربة المطلقة - أي امتثال الامر الواقعي فان القربة المطلقة مع امتثال الامر الواقعي سيّان وهي أنا لا نجزم بكون الطواف الثاني هو الفريضة والاول هو النفل بل لعل الامر بالعكس فمن هنا يكون الأحوط للمكلف عدم تشخيص ان الثاني - أي الضم - هو الواجب فلعل الاول هو الواجب والثاني هو النفل . اذن هناك نكتتان لأحوطية نيَّة القربة المطلقة كما اوضحنا.
 بقيت امور اربعة:-
 الأمر الأول:- ان ما تقدم كان ناظراً الى حالة السهو بزيادة شوط واحد ، ولكن لو فرض ان المكلف سهى فأتى بشوطين فهل نطبّق عليه ما سبق ونقول ان من الجائز له اضافة خمسة اشواط ؟
 والجواب:- ان ذلك شيء وجيه باعتبار وجاهة عدم الخصوصية لزيادة الشوط الواحد بل تمام النكتة هي للسهو فان سهى واتى بشوط فيضم ستة وان سهى واتى بشوطين فيضم خمسة ..... وهكذا ، الا ان الوجاهة اذا لم تصل الى درجة الجزم لا تكفي - وهي كما قلنا مسألة ترتبط بنفسية الفقيه - .
 وعلى أي حال ما دمنا لا نجزم بعدم الخصوصية فالمناسب آنذاك التمسك بالقاعدة وهي تقتضي الاعادة تمسكاً بصحيحة عبد الله بن محمد - أعني الطائفة الاولى التي قالت ان الطواف المفروض هو مثل الصلاة اذا زدت فيها - فان الذي خرج من هذا الاطلاق هو حالة الزيادة بشوط فيجوز ضم ستة اليه ويستثنى ذلك من دليل حرمة القِران ، اما اذا كانت الزيادة اكثر من شوط فهي باقية تحت ذلك الاطلاق.
 فالمناسب هو التفرقة بين زيادة شوط وبين زيادة الاكثر ، فزيادة شوط يجوز ضم الستة اليها ولا يتصدع الطواف السابق ، واما اذا كانت بأكثر من ذلك فالمناسب هو البطلان ولزوم الاعادة تمسكاً بصحيحة عبد الله بن محمد ، والسيد الماتنٌ(قده) عمم في عبارة المتن وقال ( وان كان شوطاً واحداً او اكثر فالأحوط ان يتم الزائد ) فانه يظهر منه الجزم بعدم الخصوصية لزيادة الشوط الواحد.
 الامر الثاني:- لو زاد المكلف شوطاً جهلاً وليس نسياناً فهل يلحق بالناسي ويكمل بستة اشواط او ان حكمه الاعادة ؟ ان هذا لم يشر اليه الفقهاء.
 والجواب:- ان نفس ما ذكرناه في الامر الاول يأتي هنا ، فان الحاق الجاهل بالناسي من باب عدم الخصوصية للسهو شيء وجيه الا ان الوجاهة اذا لم تبلغ درجة الجزم فلا عبرة بها ونحن لا نجزم بعدم الخصوصية ، ومعه نتمسك بإطلاق صحيحة عبد الله بن محمد فان الذي خرج من اطلاقها هو من زاد شوطاً واحداً سهواً فحالة الجهل باقية.
 الامر الثالث:- هل الواجب على المكلف - لو سهى فزاد شوطاً وضم الى ذلك ستة اشواط فحصل له اسبوعان - الاتيان بصلاة طواف واحدة - أي يأتي بركعتين فقط - او انه يلزمه الاتيان بصلاتين - أي بأربع ركعات - ؟
 والجواب:- اختلفت الروايات في ذلك ، فبعضها ذكر انه يأتي بأربع ركعات بينما بعضها الاخر ذكر انه يأتي بركعتين فلاحظ الروايات السابقة التي اشرنا اليها.
 والمناسب ان يقال:- انه يأتي بركعتين وليس ملزماً بالإتيان بصلاة اخرى وان الصلاة الاخرى شيء مستحب والوجه في ذلك نكتتان:-
 الاولى:- ان الواجب هو احد الطوافين اما الاول او الثاني ، وحيث انتهينا الى ان الثاني هو النفل فان المكلف ليس ملزماً به ، وعليه يكون المكلف ملزماً بركعتين لأجل طواف الفريضة وأما الطواف الاخر فحيث انه نفل فلا يلزمه الاتيان له بركعتين ، ولأجل هذا اختلفت الروايات فبعضٌ قال يأتي بركعتين باعتبار ان الواجب هو احد الطوافين لا كليهما وبعض قال يأتي بأربع ركعات من باب ان الصلاة للطواف المستحب شيء راجح ومستحب أيضاً . اذن اللازم هو الاتيان بصلاة واحدة غايته يرجح الاتيان بصلاة ثانية.
 الثانية:- بقطع النظر عن النكتة الاولى يمكن ان نقول ان العرف يجمع بذلك - أي أنه يحمل الصلاة الثانية على الرجحان والاستحباب -كما لو فرض انه جاءت رواية في باب الكفارة وقالت ( ان من افطر عمدا فعلية اطعام ستين مسكيناً ) وجاءت رواية ثانية وقالت ( عليه ان يطعم سبعين مسكيناً او اكثر ) ففي مثل هذه الحالة يحمل على ان الواجب هو اطعام الستين وأما الزائد فيكون مستحباً ، هكذا ذكر الفقهاء في اكثر من مورد وهكذا يمكن ان نسند الى العرف فانه يجمع بهذا الشكل ، والمقام من هذا القبيل فان بعض الروايات قالت ( يصلي ركعتين ) فيحمل على انه هو الواجب ، والبعض الاخر قالت ( يصلي صلاة ثانية ) فيحمل على الاستحباب.