33/07/20


تحمیل
 الموضوع:- مسـألة ( 337 ) / الواجب الرابـع مـن واجبات عمرة التمتع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وفيه:- ان موردها هو المريض الذي تتعذر في حقه المرتبة الأولى - أعني السعي بالمباشرة - فلو كانت الصحيحة ناظرة إلى شخص حُمِل وبإمكانه السعي بالمباشرة من دون مرض والامام عليه السلام حكم بالصحة في حق الحامل والمحمول كان ذلك دليلاً صالحاً ، أما بعد فرض كون المحمول مريض فلا وجه للتمسك بالصحيحة آنذاك.
 والأولى التمسك لذلك بالوجهين التاليين:-
 الوجه الأول:- صحيحة الحلبي السابقة التي جاء فيها ( سألته عن السعي بين الصفا والمروة على الدابة ، قال:- نعم وعلى المحمل ) ، بتقريب:- ان الذي يركب على الدابّة يمكن أن يكون سير الدابة وقوفاً وحركةً بأمره واختياره إذ هو يقبض على زمامها فيقف متى ما أراد الوقوف ويتحرك متى ما أراد الحركة فيكون من السعي بالمباشرة ، أما الراكب في المحمل فعادةً يحتاج الى إنسان آخر يقبض على زمامها وبالتالي يصير اختيار الوقوف والحركة بيد القابض دون نفس الراكب فيصير آنذاك نظير المحمول على ظهر غيره من دون فرق بينهما فهما سواء في أن أمر الحركة والوقوف ليس باختيارهما فإذا دلّت الصحيحة على جواز ركوب المحمل فتجوز أي وسيلة أخرى من هذا القبيل بلا خصوصية للمحمل فان الاختصاص بخصوصه أمر مرفوض عرفاً.
 الوجه الثاني:- التمسك بما دلّ على جواز السعي راكباً بلا حاجة إلى النظر إلى فقرة المحمل بل ان نفس تجويز السعي راكباً على الدابة يكفي لإثبات المطلوب ، بتقريب:- ان الراكب على الدابّة قد يكون واحداً وقد يكون متعدداً ، وإذا كان متعدداً فالثاني - أي المتأخر - لا يكون أمر الحركة والوقوف باختياره بل باختيار المتقدم ، وهكذا لو افترضنا أن الراكب واحد فان القابض على الزمام قد يكون نفس الراكب وقد يكون شخصاً آخر فان هذه حالة متعارفة فلو كان الجواز خاصاً بحالة ما إذا كان اختيار الحركة والوقوف بإرادة الراكب لقيّد الامام عليه السلام بذلك ولقال ( نعم يجوز راكباً بشرط أن يكون أمر الحركة باختياره وارادته ) - بعد فرض أن تلك الحالة ليست نادرة بحيث ينصرف عنها الحكم - وعدم التقييد كاشف عن تعميم الحكم بالجواز.
 إذن بهذين الوجهين يمكن اثبات أن السعي يجوز بجميع حالاته ، ولا تكون المرتبة الثانية في طول المرتبة الأولى بل هي في عرضها ، نعم المرتبة الثالثة هي في طول تعذّر الأوليين أما الثانية فهي ليست في طول تعذر الأولى.
 وإذا قلت:- إذا كان الأمر كذلك فعليك أن تلتزم بنظيره في باب الطواف فقل في باب الطواف ان الأمر كذلك - أي يجوز بنحو المرتبة الثانية حتى مع امكان المرتبة الأولى - وهـل تحكم بذلك ؟
 قلت:- لو كان لدينا مثل صحيحة الحلبي - التي تجوّز السعي في المحمل - ثابتاً في باب الطواف وفي حقّ الصحيح دون المريض لكنّا نلتزم بذلك ، وهكذا لو فرض وجود رواية تجوّز الطواف حالة الركوب بأن تقول ( يجوز الطواف راكباً على الدابة ) لكنّا أيضاً نحكم بجواز المرتبة الثانية في عرض المرتبة الأولى لا في طولها ، ولكن لا يوجد لدينا رواية من هذا القبيل ، نعم الموجود لدينا هو أن النبي صلى الله عليه وآله طاف على بغلته وهذه قضية في واقعة ، أي أنها تحكي واقعاً قد حصل ولعل النبي صلى الله عليه وآله هو الذي كان قد قبض على لجام الدابّة وليس هناك شخص آخر قد قبض عليه فلا اطلاق فيها.
 نعم لو كانت هناك رواية بلسان ( يجوز الطواف في المحمل ) في حق الصحيح ، أو ( يجوز الطواف راكباً ) في حق الصحيح فلا بأس بأن نلتزم بذلك أما بعد عدم وجود رواية من هذا القبيل في باب الطواف فالمناسب الاقتصار على الطواف بنفسه بالمباشرة لأنه آنذاك يصدق انتساب الطواف إليه أما إذا لم يكن أمر الحركة والسكون تحت اختياره فربما يتوقف في صحة نسبة الطواف إليه . على أنه يمكن أن نستفيد من بعض روايات الطواف - حتى لو أتيت برواية تجّوز الطواف في المحمل - أنه لا تجوز المرتبة الثانية بعد امكان المرتبة الأولى . وهذه ميزة وفارق بين السعي الطواف.
 ركوب العربة:-
 ومنه يتضح الحال في ركوب العربة في زماننا ، فإذا فرض أن اختيار السير كان بيد الراكب فلا اشكال فان هذا من السعي بالمباشرة ، أما إذا فرض أن شخصاً آخر كان يحرِّك العربة واختيار الوقوف والحركة بيده لا بيد الجالس فيها فانه بمقتضى القاعدة قد يتوقف في ذلك - كما أن بعض الاعلام لعله يتوقف في ذلك - ولكن على ضوء ما بيّناه لا مجال للتوقف فان ركوب العربة ليس بأقل حالاً من ركوب المحمل فإذا جاز ذاك جاز هذا ، وهذا ليس من باب القياس بل من باب الجزم بإلغاء الخصوصية عرفاً فانّا من هذه الناحية لا نحتمل وجود فارق عرفاً ، فالمناسب إذن الجواز.
 ولو سأل سائل وقال:- لو أن راكب العربة أخذه النوم في الأثناء فهل يضرّ ذلك بصحّة السعي ؟
 والجواب:- قد يقال في البداية نعم يضرّ اما لانخرام شرط النيّة فان اللازم هو النيّة وعند النوم تزول أو باعتبار أن عملية انتساب السعي إليه فرع الالتفات والقصد ومع النوم لا يصدق أنه سعي وإنما يصدق أنه سُعِي به فلا ينتسب إليه السعي ، وبالجملة قد يتوقف من هاتين الناحيتين أو لناحية ثالثة.
 ولكن قد اتضح أنه لا مجال للتوقف من هذه الناحية أيضاً ، بتقريب:- ان راكب المحمل قد يأخذه النوم أحياناً وهذه حالة عادية متعارفة فلو كان ذلك لا يجوز ويُبطل السعي فمن المناسب للإمام عليه السلام أن ينبّه ويقول ( يجوز السعي في المحمل بشرط أن لا يأخذه النوم ) بعد فرض أن النوم - خصوصاً لدقيقة أو أقل حالة متعارفة وعدم التنبيه دليل على التعميم.
 ان قلت:- ان الامام عليه السلام هو بصدد البيان من ناحية أنه لا يلزم المشي ويجوز راكباً أو في المحمل وليس في مقام البيان من ناحية أنه قد يأخذه النوم.
 قلت:- بعد فرض أن حالة النوم حالة متعارفة لكبار السنّ والذي يركب عادةً هو كبير السنّ فمن اللازم على الامام عليه السلام التنبيه فان هذه قضيّة يُغفل عنها.
 إذن لا موجب للتوقف بعد الالتفات إلى هذه النكتة التي أشرنا إليها ، ولكن هذا يختص بباب السعي لأجل وجود صحيحة الحلبي التي جوّزت السعي في المحمل ولا يأتي نظيره في الطواف لعدم وجود مثل ذلك.