33/08/02


تحمیل
 الموضوع:- مسألة ( 342 )/ أحكام السعي/ الواجب الرابـع من واجبات عمرة التمتع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مسألة ( 342 ):- من لم يتمكن من السعي بنفسه ولو بحمله على متن إنسان أو حيوان ونحو ذلك استناب غيره فيسعى عنه ويصح حجّه.
 مضمون المسألة واضح وهو أن من لم يتمكن على السعي أناب غيره.
 ونلفت النظر إلى ما أشرنا إليه سابقاً وهو أنه في باب الطواف حول الكعبة توجد مراتب ثلاث ولا يجوز الانتقال إلى المرتبة اللاحقة إلا بعد تعذر السابقة الأولى أن يطوف بنفسه - أي بالمباشرة - والثانية أن يطاف به والثالثة أن يطاف عنه ، وأما في باب السعي فلا توجد طولية بين الثانية والأولى وإنما هما في عرضٍ واحد فمن تمكن من السعي بالمباشرة يجوز له أيضاً أن يطاف به - وذلك بحمله على متن إنسان أو عربة يحركها غيره - . إذن الطولية هي بين المرتبة الثالثة ومجموع الأوليين ، وهذه قضية أسلط الأضواء عليها بشكل واضح وكان من المناسب للسيد الماتن(قده) أن يسلط الأضواء عليها ، ولا أقول هي محطّ اتفاق بين جميع الفقهاء كلا فان المسألة خلافية من هذه الناحية ، فالسيد الماتن(قده) ذهب إلى العرضيَّة بين المرتبة الثانية والأولى في باب السعي ونحن وافقناه على ذلك واستدللنا على ذلك بصحيحة الحلبي الدالة على جواز الطواف ولو محمولاً وبصحيحة معاوية الدالة على جوازه ولو راكباً وقد تقدم وجه الدلالة سابقاً ولا نكرر ، ولكن بعض الفقهاء لم يقبل بهذا وذهب إلى الطوليّة بين المرتبة الثانية والأولى فلا بد من الالتفات إلى هذه القضية وهي تكرار لما سبق ، ولكن بعض عبائر المعتمد قد يظهر منها الطوليّة بين المرتبة الثانية والأولى في باب السعي أيضاً فمثلاً قال هكذا ( فالمراتب الثلاث المذكورة في الطواف تجري في السعي أيضاً ) فإنها قد توحي بما أشرنا إليه ، ولكن عبارته في المناسك - أي في هذه المسألة - واضحة في العرضيّة وعدم الطوليّة فالتفت إلى ذلك . هذا شيء
 ونلفت النظر إلى شيء آخر:- وهو أنا لو رجعنا إلى الروايات لم نجد رواية تدل بوضوح في باب السعي على وجود مرتبة ثالثة - يعني أن يسعى عنه بالنيابة - وأنه يأتي دورها عند تعذر سابقتها ، ففكرة النيابة في باب السعي لم تنعكس على الروايات ، نعم ذلك وارد في باب الطواف حول الكعبة ، أعني مثل روايات الكسير والمبطون من قبيل صحيحة حريز ( المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف ) [1] فانها ذكرت الرمي والطواف ولم تذكر السعي ، أي لم تقل ( المريض المغلوب يسعى عنه ) ، وهكذا صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( الكسير يحمل فيطاف به والمبطون يرمي [2] ويطاف عنه ويصلى عنه ) [3] ، انه توجد مثل هاتين الروايتين ولكنهما كما قلت ناظرتان إلى باب الطواف ولم تذكرا السعي وأن فكرة النيابة تأتي في باب السعي.
 ومن هنا قد يقال:- لماذا لا نقول ان من لم يتمكن من السعي يسقط عنه السعي رأساً - ولو بنحو النيابة - لأنه لا يتمكن منه - فإما أن يسقط وحده من دون أن يسقط الحج أو مع سقوط الحج - انه فنياً يوجد مثل هذا الاحتمال.
 نعم قد تقول:- كيف يكون هذا فانه غير ممكن بل لابد وأن نقول إن وجوب السعي ثابت في حقه وهذا شعور من داخل النفس أو الارتكاز ؟!
 ولكن مجرد هذا لا يكفي أن يكون دليلاً على شرعية النيابة ووجوبها ، نعم هذا الشعور يصير سبباً في التفكير بصيغة صناعية فنيّة لتحصيل دليلٍ على لزوم النيابة في باب السعي إذا تعذرت المباشرة.
 وعلى أي حال يمكن التمسك لإثبات النيابة في باب السعي لمن لم يمكن من المباشرة بمعناها العام بصحيحة حريز وذلك بتقريبين:-
 التقريب الأول:- وهو مركب من مقدمتين:-
 الأولى:- ان هذه الصحيحة قالت ( ويطاف عنه ) والتعبير بالطواف هنا يراد به ما يعم السعي إما لأنه نحو من الطواف فكما يكون الطواف حول الكعبة يكون بين الصفا والمروة بل إن الآية الكريمة قد عبرّت بذلك وقالت ( فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما ) ، وإذا سلّمنا أن كلمة الطواف صالحة في كلا المجالين وواضح أنه لابد من أن نكمل ونقول هو بنحو الحقيقة فحينئذ نتمسك بالإطلاق حيث لم يخصص عليه السلام الطواف عنه بخصوص الطواف بالكعبة بل ذلك مطلق فيعم الطواف بين الصفا والمروة.
 أو نقول:- ان الامام عليه السلام قد أشار إلى الرمي وأشار إلى الطواف حول الكعبة فكيف لا يشير إلى الوظيفة بلحاظ السعي ؟ فانه يلزم أن يشير إليه خصوصاً ان الرمي أقل درجة من السعي فانه سنّة وليس بفريضة فلابد على الامام أن يشير إلى الوظيفة من ناحية السعي وهذا يوجب تحصيل الاطمئنان للفقيه بأن المقصود من ( يطاف عنه ) ما يعم السعي.
 وفرق هذا عن سابقه هو أن السابق تمسكٌ بالإطلاق ، واذا شكك شخص وقال:- نحن لا نجزم بأن استعمال كلمة ( طواف ) في السعي بنحو الحقيقة فلا نستطيع التمسك بالإطلاق ، فنقول له:- يمكن أن نثبت الشمولية للسعي من خلال هذا البيان الثاني.
 الثانية:- ان المستفاد لمن يقرأ الصحيحة أن مقصودها هو الإشارة إلى فكرة الطوليّة ، يعني هي حينما قالت ( المريض المغلوب والمغمى عليه يناب عنه ) تقصد بذلك أنه لولا المرض لكان اللازم عليه المباشرة ولا تصل النوبة إلى هذه المرحلة ولكن حيث تعذّرت عليه المباشرة فينتقل إلى هذه المرحلة ، فهي بصدد بيان الوظيفة الاضطرارية بعد تعذر الوظيفة الاختيارية.
 وإذا قبلنا هاتين المقدمتين فسوف نخرج بالنتيجة:- وهي أن من لا يتمكن من السعي بنفسه - بالمباشرة بالمعنى الأعم - فوظيفته النيابة لأن ذلك لازم تفسير ( يطاف عنه ) بالمعنى الشامل للسعي ولفرض كون ذلك في طول المرتبة الأولى المتعذرة.
 التقريب الثاني:- ان لا نلاحظ جملة ( يطاف عنه ) بل نلاحظ جملة ( يرمى عنه ) بأن نقول:- ان هذه الصحيحة دلت على أن المريض يرمى عنه وإذا ثبت أن النيابة لازمة في باب الرمي لمن لا يتمكن من المباشرة فبالأولى ثبوت ذلك في باب السعي إذ السعي فريضة بخلاف الرمي فانه سنَّة وإذا ثبت في السنَّة لزوم النيابة فبالأولى ثبوت ذلك في الفريضة.
 إذن بهذين التقريبين نثبت أنه عند تعذر المباشرة في باب السعي ينتقل إلى النيابة لأجل صحيحة حريز المذكورة.
 نعم قد تشكل وتقول:- إن مورد الصحيحة حصّة خاصّة من المعذور وهو المريض والمغمى عليه فكيف نعمم ذلك لكل معذور ؟
 وجوابه:- إن العرف لا يفهم خصوصية لهذين بل إن ثبوت ذلك في حقهما من باب أنهما أصحاب عذر ، فالمهم هو أن يكون المكلف معذوراً ولو من غير هاتين الناحيتين.


[1] الوسائل 13 393 49 من أبواب الطواف ح1.
[2] ويحتمل أن تكون القراءة ( يرمى ).
[3] المصدر السابق ح6.